فايز الشيخ السليك (كتب فايز الشيخ السليك) تحليل سياسي : (الحلو لو يبقى مر) .. ضربة أم روابة أفقدت الإنقاذ التوازن فطاردت عبد العزيز بالشائعات لاصطياده في السابق كان والي ولاية جنوب كردفان أحمد هرون يرسل رسائل إلى قيادات وقواعد المؤتمر الوطني فحواها أنه نجح في وضع نائبه والقيادي بالحركة الشعبية عبد العزيز آدم الحلو ( في جيب بنطلونه الخلفي ) ظنأً منه أنه استطاع ترويض المارد، وسيطر عليه من خلال خلق علاقة مميزة به ، فكان مثل ظله، لا يفارقه، وكثيراً ما يمر عليه في الساعات الأولى من الصباح في منزله في كادوقلي، أو يسافران إلى الخرطوم سوياً، ولهرون ميزة ، تتمثل في اصراره على اختراق كل عقبة في طريقه، أو في طريق حزبه، وربما زادت ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية من هذه الصفة لكي يكون قريباً من بعض الديمقراطيين وأهل الهامش بحثاً عن ثقب ابرة ينفذ عبره إلى بر السلامة . أما عبد العزيز الحلو، فهو رجل مهذب، هادئ، ولا ينفعل بسهولة، ويردد البعض طرفاً نعكس حبهم للحلو ، ويروجون أن الزعيم الراحل الدكتور جون قرنق كان كلما مر بسجون الجيش الشعبي الإدارية سأل المحبوسين عن مشاكلهم، وعن من أصدر تعليمات السجن ضدهم، فيصدر بالتالي قراراته بالعفو عن من يرى أنه يستحق العفو، لكن قرنق نفسه حين يجد أن السجين كان مسجوناً بأمر من القائد عبد العزيز لا يلغي القرار، بل يقول ( أنت معناه عملت شيئ كبير، فما ح يطلعك الا عبد العزيز نفسو " في إشارة إلى تأني الرجل، وحكمته، ومرونته، وهي مرونة يعتبرها البعض ضعفاً، وتأنياً في اتخاذ القرارات الصعبة في الوقت المناسب، إلا أن المقربين من الحلو يؤكدون أن الرجل صبور ، إلا أن نفاد صبره يعني اللاعودة إلى النقطة الأولى، وأن غضبه يعني غضبة الحكيم وثورته . وقائد بمثل هذه المواصفات، بالطبع عصي على حسابات المؤتمر الوطني، ولا يمكن اختراقه بوسائلهم الرخصية المتمثلة في الترغيب والتهديد، والابتزاز، فهو لا يتجذبه لغة الأرقام والحسابات المالية، ولذلك يلقبونه بالشيخ " فرح ود تكتوك" ، فلا تغريه ملايين الدولارات، ولا تهز شعرةً من رأسه ملايين التهديدات، لأنه يرتكز على إيمانه بقضية، ومبدأ وفكرة، تنعكس في طرائق تفكيره، بل أن الجانب الفكري كثيراً ما يطغى على الجانب السياسي خلال تجربته النضالية الطويلة ، وهو مطلع شغوف، يحب القراءة، وومثقف رفيع، ولذلك يمكننا أن نوصفه بلا ترد كمثقف عضوي ، حسب تصنيفات المفكر الإيطالي انطونيو غرامشي ، والذي يرى (ان كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني ، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين ، وهي وظيفة لا يمتلكها الا اصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس .. ومن هنا يستخلص الفارق بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي .. الاول يعيش في برجه العاجي ويعتقد انه اعلى من كل الناس ، في حين ان الثاني يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين .. وعليه ، فان المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي يعيش هموم عصره ويرتبط بقضايا امته .. ان اي مثقف لا يتحسس الام شعبه لا يستحق لقب المثقف حتى وان كان يحمل ارقى الشهادات الجامعية). ولذلك كان من الطبيعي أن تنهمك كل أجهزة المؤتمر الوطني، في محاولة اصياد عبد العزيز الحلو وملاحقته ، ولو بالشائعات، مثلما كانوا يفعلون في السابق مع الدكتور جون قرنق مبيور، ثم مع سلفاكير مياريدت قبل استفتاء الجنوب، وللشائعات صناعها وسيكولوجيتها وشروطها، المتمثلة في أهمية الحدث، أو في حجم وتأثير من تدور حوله الشائعة، بالإضافة إلى الغموض في ظل غياب المعلومات أو تضاربها، وتنشر الشائعات دائماً في أوقات الحروب والكوارث، وتحمل الآمال كإشاعة آملة، أو تحمل نذر الرعب، وجاء في اليوكوبيديا (الإشاعة هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع و تُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها . دائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة و مثيرة لفضول المجتمع والباحثين و تفتقر هذه الإشاعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار . وتمثل هذه الشائعات جُزءاً كبيراً من المعلومات التي نتعامل معها . في احصائية أن 70% من تفاصيل المعلومة يسقط في حال تنقلنا من شخص إلى شخص حتى وصلنا الخامس أو السادس من مُتاوتري المعلومة)، وهي تطلق على حسب الحالة النفسية للمتلقي، أو المرسل . وفي مثل هذه الأوضاع فإن انتشار شائعات بموت القائد عبد العزيز الحلو تعني الآتي :- 1 – كانت عمليات الجبهة الثورية في شمال كردفان ضربة عسكرية موجعة وصفعة سياسية قاسية على خدود قادة الإنقاذ فارتعدت فرائصهم، وفقدوا التوازن النفسي والسياسي . 2- صار القائد عبد العزيز الحلو هو مصدر الرعب على أهل الإنقاذ، وبالتالي يظل حاضراً في انفعالاتهم، وتفكيرهم الرغائبي ، وفي خططهم ومخططاتهم الشريرة . 3- أراد مطلقو الشائعة ، وهم أجهزة الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية، وقيادة النظام تحويل الانتباه إلى اتجاه آخر، بالتركيز على استشهاد القائد الحلو بدلاً عن الحديث عن هزائم الجيش، وضعف النظام، وتمريغ كرامته في التراب،. 4- قصد المروجون كذلك اضعاف الروح المعنوية لجيش الجبهة الثورية، وقواعدها الكبيرة في كل السودان . 5- الشائعة تمهيد لخطة مستقبلية أو آنية تستهدف القائد الحلو وقادة الجبهة الآخرين، وكان القصد من ذلك ظهور الحلو لمعرفة مكانه، وتحديد موقعه عبر " الجي بي اس" ولو بالتعاون مع جهات أجنبية مثلما حصل للقائد الدكتور خليل ابراهيم، والذي سبق استشهاده ثلاث شائعات قوية بمقتله ، أو حتى محاولات جدية، وهو ما سوف يسعى له النظام الآن . ويريد الأشرار استدراج الحلو للظهور ، أو استخدام أجهزة اتصالاته لتحديد موقعه، لأن كثيرون قلقون على مصيره، ويمنون ظهوره أو التحدث معه، وهي الفرصة المناسبة لتنفيذ الخطة. أو ربما يلجأ إلى أسلوب آخر لاصطياد الحلو . واللافت أن قياة النظام ظلت مرتبكة ، حين أخرجت الشائعة إلى أعلى السطح، بعد ان روجها بعض منسوبي أجهزة الأمن والمخابرات عبر وسائط التفاعل الإجتماعي ، فقد قال وزير الإعلام، أحمد بلال عثمان، وهو من المتسلقين والمندفعين بقوة نحو الصفوف الأمامية للإنقاذ ( أن أخباراً غير مؤكدة وبنسبة 80% تشير إلى مقتل الحلو بعد أطلاق صاروخ استهدف سيارات من المتوقع أن يكون الحلو داخل احداها) فيما قال نافع بطريقة ساذجة، تعكس بؤس التفكير ( أن الحلو بين ميت وحي) أو جريح.!. ومع كل ذلك مثلما يرى الحلو في حديث نشر اليوم بعدد من المواقع ( هذا ليس شيئاً جديدأ علي المؤتمر الوطني ؛ ولكن هذه الشائعات نحن ننظر لها من باب انها تمنيات مريضة من قبل قادة المؤتمر الوطني بان فلان او علان يختفى ؛ لكن استشهد الدكتور جون قرنق والقضية مازالت حية، واستشهد الرفيق يوسف كوة والقضية مازالت حية، واستشهد الدكتور خليل ابراهيم والقضية مازالت حية، واستشهد عبد الله ابكر والقضية لا تزال حية، واستشهد ادم بازوقه والقضية ايضا لازالت حية؛ لان جذور المشكلة لم تحل، لان الحرب مازالت قائمة والتهميش السياسي؛ التهميش الاقتصادي؛ التهميش الثقافي؛ التهميش الاجتماعي؛ التهميش الديني وكل اشكال التهميش الموجودة في السودان) ، ولأن المؤتمر الوطني حزب انقلابي وشمولي وسلطوي يفتقد للبرنامج الوطني ، ويعتمد على الأفراد وتأثيراتهم، فهو يتأثر بغياب شخص مثل البشير، لأن بذهابه سيغيب كثيرون من مسرح العبث الإنقاذي، وهو ما يظنون أنه ينطبق على كل المنظومات السياسية الأخرى، ولا نقول إن غياب الحلو لن يؤثر ، هكذا ؛ باطلاق، ويكون من الغباء أن نصدق ذلك ، لكن وبالطبع فإنه لن يحل للمؤتمر الوطني ولا للبلاد قضية، لأن موت المناضل لا يعني موت القضية، وأن قضايا التهميش والقهر لا تحل عبر الشائعات، أو التفكير الرغائبي، لكنها تحل عبر بتحقيق العدالة الإجتماعية والديمقراطية .