نهاية الأسبوع الماضي كان رئيس الجمهورية يستدعي د. منصور خالد أحد أبرز مستشاريه وأبرز قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال، بالرغم من انقطاع الوصل بين الحكومة وقطاع الشمال في أعقاب انفجار الوضع بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق اللتين نشبت فيهما حرب بين الجانبين، كان الاستدعاء في مهمة عاجلة إلى عاصمة دولة جنوب السودان الوليدة "جوبا" للقاء رئيسها الفريق أول سلفا كير ميارديت حاملا معه عددا من الرسائل المهمة التي أرادت الخرطوم إيصالها لجوبا، التي ترى الخرطوم أن لها ضلعا فيما يدور بالولايتين، بجانب رغبتها في تحريك ملف القضايا العالقة بين الجانب الذي أصيب بحالة من الجمود خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى ملف ثالث يتعلق بالحركة وبقائها في الشمال، غير أن منصور الذي هاتفته (الأخبار) الأسبوع الماضي قبيل مغادرته إلى جوبا بساعات بغرض معرفة الملفات التي يحملها معه بتكليف من رئيس الجمهورية، رفض الإفصاح عن تلك المهمة خوفا من أن يتسبب الإعلام في إفشالها، ما يشير إلى أن (السرية) كانت تحيط بتلك المهمة التي يبدو أن رئيس الجمهورية شديد الثقة بأن دكتور منصور خالد سينجزها، خاصة وأن ملف العلاقة بين السودان والسودان الجنوبي مرشح لتطورات مهمة بدأت منذ الأسبوع الماضي، بعد ذلك اللقاء الذي جمع بين رئيس الجمهورية ود. منصور خالد، الذي وضع الخطوط العريضة لتلك المهمة. منصور خالد الذي طار إلى جوبا في مطلع الأسبوع الماضي، سرعان ما عقد لقاء مماثلا مع الفريق سلفا كير ميارديت رئيس دولة السودان الجنوبي، ذلك اللقاء الذي لم تتوفر منه معلومات عن تفاصيل ما دار بين الرجلين، غير أن سلفا كير وقبل عودة د. منصور خالد كان قد أجرى اتصالا هاتفيا هو الأول من نوعه منذ التاسع من يوليو الماضي برئيس الجمهورية المشير عمر البشير أبلغه فيه بأنه سيكون حضورا في الخرطوم نهاية سبتمبر الجاري. ووفقا لمتابعات (الأخبار) فإن لقاء الرئيسين في الخرطوم سيتناول كافة ما اصطلح على تسميته بالقضايا العالقة بين البلدين، وهي القضايا التي لم تحسم حتى انتهاء أجل اتفاقية السلام الشامل. مصدر مأذون أبلغ (الأخبار) أن قضية التبادل التجاري بين البلدين ربما تشغل حيزا مقدرا في اللقاء المرتقب، لجهة تأثيرها على مواطني البلدين خاصة في الجنوب، وذات المصدر ألمح إلى إمكانية أن تفرض أحداث النيل الأزرق وجنوب كردفان نفسها على اللقاء المنتظر، ولكن فقط من زاوية وضع الجيش الشعبي في الشمال، باعتباره من القضايا التي كان يجب حسمها قبل انتهاء أجل الاتفاقية، فيما يرى المصدر أن القضايا الأخرى المختلف عليها هي قضايا فنية في الغالب، معترفا في ذات الوقت أنها تحتاج إلى إرادة سياسية عالية لتدفع بها إلى الأمام. مصادر سياسية رفيعة ثمنت الحراك الجاري الآن، واعتبرت اللقاء المرتقب ذا خصوصية وأهمية لحاجة العلاقة بين البلدين لمثل هذه اللقاءات .غير أن القيادي بالحركة الشعبية بدولة الجنوب وعضو المجلس التشريعي أتيم قرنق، يرى أن زيارة منصور خالد للجنوب ولقاءه برئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت يمكن أن يثمر عن نتائج إيجابية حال كان المؤتمر الوطني والحكومة في الشمال جادة في إيجاد حلول لكل المشكلات العالقة بين الطرفين، بيد أن قرنق عاد وتساءل في حديث ل(الأخبار) هل يرغب المؤتمر الوطني في استخدام منصور خالد كواجهة لتمرير ما يرغب فيه؟ وزاد "لماذا لا تستخدم الحكومة منصور خالد للتوسط لجلب السلام في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق؟" التي يرى قرنق أنها أحق بالبحث من القضايا العالقة بين دولتي السودان وجنوب السودان، معتبرا أنها مناورة من قبل المؤتمر الوطني والحكومة لكسب بعض الوقت لحلحلة أزماتها. غير أن المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. صلاح الدين الدومة ذهب في اتجاه مخالف لقرنق، معتبرا أن د. منصور خالد يمكن أن يلعب دورا إيجابيا في حلحلة القضايا العالقة بين دولتي السودان، بجانب حل أزمتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، لجهة أنه يتمتع بعلاقات طيبة مع الحركة الشعبية، بجانب أنه شخصية مقبولة للمؤتمر الوطني باعتباره أحد مستشاري رئيس الجمهورية، واعتبر الدومة في حديث ل(الأخبار) أن منصور ورغم صمته طوال الفترة الماضية إلا أن تحركه الأخير بتكليف من الرئيس لن يجد معارك من المؤتمر الوطني، لجهة أنه يرغب في ذلك، مشيرا إلى أن هناك وفدا جنوبيا رفيع المستوى يتكون من وزراء ودبلوماسيين وسياسيين سيزور الخرطوم خلال الأيام المقبلة باعتباره وفد مقدمة قبيل حضور رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت نهاية الشهر الجاري، خاصة وأن هناك بوادر اتفاق بين الجانبين بعد أن وقعا أمس الأول اتفاقا بينهما بشأن فتح ممرات على الحدود بين البلدين، مستبشرا بتلك الاتفاقات وسريانها على بقية القضايا بما فيها قضيتا جنوب كردفان والنيل الأزرق، لكنه عاد وتساءل من أمكانية التزام المؤتمر الوطني بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. يبقى أن د. منصور خالد وفقا لكثير من المراقبين يمكن له أن يلعب دورا كبيرا في التوصل لحلول وفاقية بين الحكومة من جانب والحركة الشعبية بقطاعيها في دولة جنوب السودان وقطاع الشمال في جمهورية السودان، إن أعطته الحكومة من الصلاحيات ما يؤهله للعب هذا الدور.