اتهمت منظمة حقوقية دولية حكومة السودان ب"مواصلة قصف شعبها" في ولاية جنوب كردفان، وقتل العديد من المدنيين. يأتي ذلك في وقت اندلعت فيه اشتباكات جديدة بين متمردي الحركة الشعبية/قطاع الشمال والجيش السوداني في الولاية نفسها أمس، وسط تأكيد الحركة ونفي حكومي للسيطرة على إحدى المدن. وفي تطور متصل توقع خبير أممي أن يطول النزاع بين السودان ودولة جنوب السودان الوليدة، بسبب الخلافات الحدودية. وقال أولريش ديليوس، مقرر الشؤون الأفريقية لدى "جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة" الدولية المعنية بحقوق الإنسان، إن هناك أكثر من 600 ألف مدني تضرروا من المعارك في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، متهما سلاح الجو السوداني بقصف ثلاث قرى مجددا أمس الاثنين. وانتقد ديليوس اليوم رد فعل الحكومة الألمانية تجاه الأوضاع في السودان، وقال "حان الوقت لأن يصحو المجتمع الدولي ويبذل المزيد من الجهود ليسيطر على الحروب التي تندلع سريعا في السودان". وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير أعلن في 23 أغسطس/آب الماضي وقفا لإطلاق النار في الولاية، إلا أن الهجمات لم تتوقف بعد، وفق بيانات مراقبين. كما تحدثت منظمة العفو الدولية قبل أسابيع قليلة عن غارات شبه يومية على حقول وقرى دون أهداف عسكرية معروفة. في سياق متصل نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الأمين العام للحركة الشعبية/قطاع الشمال، ياسر عرمان -في اتصال هاتفي- قوله إن قوات الحركة الشعبية طردت القوات الحكومية من حامية مدينة تلودي. لكن المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد نفى هذا الأمر، وقال للوكالة الفرنسية إن أعدادا قليلة من متمردي الحركة الشعبية حاولوا التسلل للمنطقة وتصدت لها القوات المسلحة، نافيا حدوث "قتال حقيقي". وفي الإطار، اتهم عرمان الحكومة السودانية بارتكاب "جرائم حرب" لرفضها ايصال مساعدات إنسانية إلى ولايتي النيل الأرزق وجنوب كردفان، المحاذيتين لدولة جنوب السودان الوليدة، وقال إن "القصف الحكومي يستهدف المدنيين في الولايتين"، كما طالب الخرطوم بالإفراج عن 140 من قادة الحركة الشعبية كانت اعتقلتهم. وتدور مواجهات بين مسلحين منتمين للحركة الشعبية/قطاع شمال السودان والقوات السودانية في ولاية جنوب كردفان منذ الأسبوع الأول من يونيو/حزيران الماضي. وقد أعلن ثلاثة من نواب البرلمان السوداني -يمثلون الحركة الشعبية قطاع الشمال- الاثنين استقالتهم من عضوية المجلس الوطني السوداني بحجة استمرار الحكومة "بانتهاك حقوق الإنسان"، وقصف القرى المأهولة بالسكان، واستهداف إثنية النوبة ما أسفر عن مقتل 2132 شخصا، ونزوح 450 ألفا آخرين، وفق بيان صادر عن النواب الثلاثة. لكن نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه، الذي توجه الاثنين إلى كادوقلي عاصمة جنوب كردفان، نفى بشدة استهداف إثنية النوبة. استمرار النزاع على صعيد متصل بالأوضاع في السودان اعتبر خبير في مسائل حقوق الإنسان في السودان مفوض من الأممالمتحدة أن النزاع بين الخرطوم وجوبا قد يطول بسبب الخلافات الحدودية. وقال محمد شاندي عثمان أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ،الاثنين في جنيف "إن السودان وجنوب السودان لا يمكنهما العيش في سلام إن بقيت المناطق الحدودية بين الدولتين غارقة في نزاع مسلح". ولفت الخبير إلى أن المشكلات الأمنية الحالية -في مناطق أبيي وجنوب كردفان، أو في النيل الأزرق التي تشهد منذ أواخر أغسطس/آب مواجهات بين الجيش السوداني ومسلحين من الحركة الشعبية- "تذكر أن على المجتمع الدولي أن يبقى إلى جانب السودان وجنوب السودان لمساعدتهما". وأشار الخبير الأممي إلى ما وصفه بتقدم محدود قد أنجز لحل مشكلات عديدة أخرى عالقة، بما فيها استفتاء أبيي، وترسيم الحدود، وتقاسم الثروات، وترتيبات أمنية بين السودان وجنوب السودان. ورأى الخبير أن على الدولتين العمل لتسوية مشكلات المواطنة، "سواء بالنسبة للجنوبيين الذين اختاروا البقاء في الشمال أو الشماليين الذين بقوا في الجنوب". وقد توصل السودان وجنوب السودان الأحد الماضي إلى اتفاق لفتح عشر نقاط عبور على طول الحدود المشتركة المغلقة منذ أشهر عدة، إثر أول لقاء على مستوى عال منذ استقلال جنوب السودان في التاسع من يوليو/تموز الماضي.