(السودانى) أجرى المواجهة: أحمد دندش تكهنات عدة، وآراء كثيرة دارت خلال الأيام الماضية بعد توقف صحيفة (فنون) – المتخصصة فنياً – عن الصدور كصحيفة (مستقلة) وتحولها إلى ملحق من (4) صفحات عبر صحيفة الدار الاجتماعية، إحدى إصدارات شركة (اليوم) الأم. وذلك عقب قرار أصدره مجلس الصحافة والمطبوعات يقضي بإلزام الصحيفة للصدور في (12) صفحة عوضاً عن (8) صفحات. (السوداني) وكعادتها في ملاحقة الأحداث، أجرت مواجهة ما بين الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات الأستاذ العبيد أحمد مروح، ورئيس تحرير صحيفة (فنون)، ووضعت بذلك الكثير من الأوراق على طاولة النقاش. الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات: أمهلنا الصحيفة وقتاً كافياً لترتيب الأوضاع..لكنهم لم يكونوا (جادين)..!! رئيس تحرير صحيفة فنون: سنصل بالقضية حتى رئيس الجمهورية.. وتعديل اللائحة (فُصِّل على مقاسنا)..!! *بداية... ما هو السبب الرئيسي الذي قادكم لإيقاف صحيفة (فنون)؟ نحن لم نوقف فنون أصلاً، ومن قام بإيقافها هو الناشر. *إذن ما هي الحيثيات من وجهة نظرك؟ القصة وما فيها، أننا طلبنا منها كصحيفة متخصصة أن تصدر في (12) صفحة، أسوة برفيقاتها من الصحف الاجتماعية والرياضية، وهذا تم عبر تعميم قمنا به قبيل ستة أشهر، ووزعناه على جميع الصحف المتخصصة الرياضية والاجتماعية، والتزمت كل الصحف بهذا البند عدا صحيفتين هما الأوائل وفنون. *ما هي المبررات التي وضعها القائمون على أمر الصحيفتين لعدم الالتزام ذلك؟ القائمون على أمر صحيفة الأوائل قالوا إن ظرف وطبيعة الصحيفة ونهجها القائم في الأساس على (التسلية)، لا يحتمل المزيد من الأعباء، وطلبوا الاستثناء. أما القائمون على أمر فنون فقالوا إن الأمر لا ينطبق عليها، وعللوا ذلك بأنهم صحيفة فنية، واختاروا مدخلاً قانونياً لتفسير اللائحة، ونحن لم نصل لاتفاق معهم بهذا الخصوص. فالصحيفة الفنية هي في الأصل اجتماعية وثقافية، وتخصص وشروط الصحيفة الثقافية موجود في اللائحة، والفن هو جزء من الثقافة وهكذا نجد أن الأمر ينطبق عليهم. *لهذا السبب قمتم بتعديل اللائحة لتشملهم ضمن زمرة الصحف الاجتماعية والرياضية؟ نحن تجنبنا الدخول معهم في مماحكات قانونية، لذلك قمنا بتعديل اللائحة لكي يكون نصها أكثر وضوحاً، وأثناء ذلك التعديل لم نلزمهم بالصدور في (12) صفحة، ولم نتعرض لهم إطلاقاً، وبعد التعديل قمنا بمنحهم استثناءً إضافياً، مدته شهران لتطبيق اللائحة، وبالرغم من هذا أخذوا ما يقارب الستة أشهر لتوفيق أوضاعهم، وهذا الأمر أكد لنا أنهم (غير جادين) في الالتزام بالقانون، خصوصاً أنهم في تلك الفترة لم يكونوا يبحثون عن حلول، بل عن مخارج، وهذا تقريباً هو القول القانوني في هذه القضية. *أستاذ العبيد؛ رئيس تحرير صحيفة فنون قال بأنهم إصدارة استثنائية، وتجربة جديدة، كان من الأولى أن يقف المجلس معها لا ضدها، كما أنه يعتقد بأن زيادة صفحات الصحيفة لا تتناسب مع الإصدارة، خصوصاً في مجال فني ليست به أية نشاطات؟ هذا الحديث لا قيمة له. المجلس لا يفرض أي محتوى على الصحف التي تريد الصدور. أصحاب الصحيفة هم من يختارون محتواها، أما الحديث عن عدم توفر أخبار فنية أو نشاطات ثقافية، هو (قصور) في فهم الثقافة والفن نفسه، البلد مليئة بالثقافة والفنون، ليس لإمكانية صدور (12) صفحة، بل ل(16) صفحة كاملة، وكل هذا يعود للإدارة التحريرية للصحيفة، فإذا كانت عاجزة عن الإتيان بهذا الشيء، فهذا أمر آخر، ويمكنها أن تقلص صفحاتها لتصدر ضمن أيٍ من إصدارات الشركة الأم، تماماً (كما فعلت فنون مؤخراً). *ما هي خيارات العودة المتاحة للصحيفة برأيك؟ هنالك خياران.. إما أن يصدروا بحسب اللائحة في (12) صفحة، أو يستمروا كملحق ضمن إصدارات الشركة الأم، وذلك بحسب اللائحة، وأحب أن أوضح لكم أمراً هاماً وهو أن هذه القضية وصلت إلى المحكمة الدستورية والتي أصدرت قبل هذا حكمين في الأمر. والاثنان يقضيان بسُلطة المجلس لتحديد عدد الصفحات، الحكم الأول كان في العام 2002م، والحكم الثاني جاء في العام 2012م. *أستاذ العبيد؛ ألا يوجد أي اسثناءات أو خيارات أخرى؟ الخيارات التي أمامهم هي إما الالتزام بما يختص بالقانون، أو الاتجاه للمحكمة، أو التوقف عن الصدور. وهنالك حل أخير وهو أن يستمروا في الصدور كملحق ضمن إصدارات الشركة الأم. *لكنهم يطالبون بأن يصدروا كصحيفة مستقلة؟ لتحقيق هذا الأمر لا بديل لهم إلا الصدور في (12) صفحة، ولا يوجد حل غير هذا. * أستاذ هيثم؛ المجلس قال إنه لم يوقف صحيفتكم، بل الناشر هو من قام بإيقافها، إذن لماذا كل هذا الهجوم على المجلس؟ هذا الحديث عارٍ من الصحة، وكنت أتمنى أن يكون الأمين العام للمجلس العبيد أحمد مروح صريحاً، ويقول إنهم بعثوا لنا بخطاب بتاريخ 28/ 1/ 2013 للصحيفة، تم إلزامنا فيه بالصدور في (12) صفحة، أو اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتنا إذا صدرنا في (8) صفحات، وذلك بعد تعديل اللائحة والذي مثل اغتيالاً للصحيفة، وإذا كان الناشر أستاذنا أحمد البلال الطيب – (داعم الفكرة ومساندها الأول) رغم الظروف التي تمر بها صناعة الصحافة بالسودان والتي يعلمها الجميع – يريد إيقاف الصحيفة لما انتظر خطاب مجلس الصحافة الذي حدد الأول من يوليو موعداً للصدور في (12) صفحة، وهو الأمر الذي لا يتفق مع المنطق ولا طبيعة النشاط الفني الذي تعمل فيه الصحيفة، لأنه لا يمكن مساواة فنون مع الصحف السياسية الشاملة التي تكتب في كل شيء، وحتى لا يكون أخي دندش حديثي إنشائياً، بين يديك وثيقة خطاب مجلس الصحافة والذي ذكر فيه أن أول يوليو هو آخر موعد للصدور في 12 صفحة. * المجلس منحكم مهلة طويلة بحسب حديث الأستاذ العبيد أحمد مروح الأمين العام، ولكنكم فشلتم في توفيق أوضاعكم وظللتم تبحثون عن مخارج قانونية ليس إلا؟ أولاً أنا أعتقد أن هذا الحديث غير صحيح لأن المادة (8) التي يتحدث عنها المجلس وتحديداً الفقرة (ط) من لائحة تنظيم العمل الصحفي وتطويره تُلزم الصحف الشاملة بالصدور في 16 صفحة، والاجتماعية والرياضية في 12 صفحة، هنالك سؤال حول الجزئية الأولى هل هي مطبقة؟ بالتأكيد لا.. الآن معظم الصحف السياسية تصدر في (12) صفحة دون أن تتقدم بطلب استثناء أو غيره، وبصريح العبارة إن كان هنالك ظلم فليكن هنالك عدل في توزيع هذا الظلم. ثانياً الصحف الاجتماعية والرياضية مطالبة بالصدور في (12) صفحة، ولم تذكر الإصدارات الفنية، والفقرة (ط) ذكرت أن كل الإصدارات الأخرى تصدر في (8) صفحات وفنون تدخل ضمن الإصدارات الأخرى و.... * كأنك تلمح أستاذ هيثم إلى أنك مستهدف؟ شوف... هنالك ملامح اتضحت للاستهداف بجلاء، أولها أن المجلس بعث لنا بخطاب قال لنا فيه إننا ملزمون بالصدور في (12) صفحة أسوة بالصحف الرياضية والاجتماعية، وقال إن هذا القرار تنص عليه اللائحة، وأنا عدت للائحة وقرأتها وتحديداً الفقرة التي أشار لها خطاب المجلس، ووجدتها لا تلزم الإصدارات الفنية، بل الرياضية والاجتماعية، فقمت بكتابة خطاب للأمين العام بتاريخ 28/ 2/ 2013م، وأخبرته خلاله بهذه النقطة وقلت له إن هذه الفقرة لا تنطبق علينا، وبالفعل لم نصدر في (12) صفحة وواصلنا الصدور في (8) صفحات، وإذا بنا نفاجأ بأن المجلس قام بتعديل اللائحة وتمت إضافتنا ضمن الصحف الاجتماعية والرياضية، وهذا الشيء قانونياً لا يجوز، وذلك لأنه يهدف لتعطيل صدور إصدارة متخصصة، حتى إننا عندما تقدمنا لنيل التصديق كان الشرط أن نصدر في (8) صفحات، فإذا بالمجلس يتحدث اليوم عن لائحة نحن لسنا جزءاً منها، ويقوم فجأة بتعديل ذات اللائحة لنصبح جزءاً منها، وهو الآن يبدي صرامة واضحة في تطبيق اللائحة على فنون، رغم عدم مقدرته على الإجابة على سؤال هام، وهو لماذا يتم استثناء الصحف السياسية من تلك اللائحة ويسمح لها بالصدور في (12) صفحة وليس (16) صفحة؟ * التعديل الذي قام به المجلس كان الغرض منه على حد تعبير الأمين العام لتفادي المشاكل والمماحكات القانونية، أي أنه لم يتم بغرض استهداف صحيفتكم بل لتقنين العمل الصحفي؟ نحنا لا نعترف بهذا التعديل، وهو تم تصميمه لاغتيال هذه الصحيفة، وهذا الشيء يجعلك لا تتعامل مع المجلس بأمان في المستقبل، ولنفترض أننا وافقناه وقمنا بالصدور في (12) صفحة كما يقول، من يضمن لنا أن يقوم المجلس غداً باستخراج قرار جديد يلزمنا فيه بالصدور في 16 صفحة، وإجراء تعديل في لائحة يعدلها بمزاجه متى ما شاء وكيفما شاء؟!. * أستاذ هيثم؛ تعللت كثيراً بأنه لا يوجد نشاط فني في البلاد يغطي (16) صفحة، لكن المجلس يرى عكس هذا؟ (الفي البر عوام)، والحديث من المكاتب عن الفن الموجود سهل جداً، وحديث المجلس يعني أن البلد تنتظمها المهرجانات الفنية والنشاط المسرحي على أشده، والدراما في أوج تألقها، وكل أنماط الفنون موجودة ونشاطها مكثف لدرجة تغطيتها ل(16) صفحة والصحف الشاملة تفرد لها (4 أو 5) صفحات يومياً حتى تستطيع ملاحقة تغطيتها. واذا كان هذا رأي الأمين العام للمجلس فأنا أقترح عليه إصدار صحيفة فنية متخصصة من (16) صفحة، وأنا متبرع للكتابة فيها مجاناً، وحديثي هذا يقرأه الآن الكثير من أهل الفن والإعلام، ويعلمون تماماً حقيقة ما أقول. * هل يمكن أن تلجأ للمحكمة؟ نحن لجأنا للمحكمة بالفعل لها، وأنا أعتقد أن اللائحة طبقت بطريقة انتقائية والمادة كذلك، وكان القصد فيها واضحاً من خلال التطبيق، خصوصاً أننا نشاهد الآن استثناءات تشمل معظم الصحف السياسية الآن، وهنالك استثناءات أخرى لصحافة إنجليزية مختلفة، إضافة لكل ذلك نحن متضررون جداً لأنه عندما تم التصديق لنا بالصحيفة في 2009 تم بموجب (8) صفحات، وإن أخطرونا منذ ذلك الوقت بأن نصدر في (12) صفحة لصرفنا النظر عن الفكرة نهائياً. * وما هي التطورات في المحكمة؟ أنا قدمت طلباً لإيقاف قرار مجلس الصحافة وقدمت استئنافاً ضد قرارهم، وللأسف الشديد فوجئت في محكمة الصحافة أن هنالك قرارا من محكمة الاستئناف ينص على أن القرارات التي تصدر من مجلس الصحافة يتم استئنافها في محكمة الصحافة، وهذا لا يتماشى مع قانون الصحافة، وأنا أصلاً لن أدخر جهداً حتى أصل بالقضية لأعلى المستويات والجهات وصولاً لرئيس الجمهورية، بحيث تكون كل الحيثيات على طاولته وهذا ما أرتب له، بعد أن تناقشت مع وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال عثمان، وهو متفهم جداً للقضية، ويؤكد أن مثل هذه الإصدارة يفترض أن تتم رعايتها ويتم تشجيع مثل هذه الإصدارات لتغطي الفراغ الموجود وتشجع ناشرين آخرين على المضي قدماً في هذا الطريق، وإصدار صحف فنية جديدة. وأبدى وزير الإعلام دهشته الغريبة عندما اطلع على كل المخاطبات ما بيننا ومجلس الصحافة، وهو متفهم تماماً لتخصص الإصدارة وأهميتها. ونقطة أخرى أخي دندش يجب أن أتحدث عنها، وهي الأسف البالغ الذي انتابني عندما قرأت قرار تعديل اللائحة ممهوراً بتوقيع أستاذنا البروفسيور علي شمو، والذي أكن له كل احترام وتقدير، وأنا آمل وأتمنى ألا يكون قد اطلع على ذلك القرار، لأنه من المؤسف أن يسجل التاريخ أن صدور أول صحيفة فنية كان في العام 2009م، وأن يتم اغتيالها بتعديل في اللائحة بتوقيع من البروفسيور علي شمو في 2013م. * تتحدث عن طعونات في قرارات المجلس بصدد تحديد عدد الصفحات، هل تعلم أن المجلس له الحق بتحديد عدد الصفحات من المحكمة الدستورية؟ شوف... أية سلطة تمنح المجلس ما يشاء، لكن أي قانون يتم استخدامه وتطبيقه بصورة انتقائية وبقصد واضح بحيث يكون هناك متضرر، فعلى ذلك المتضرر أن يلجأ للتقاضي، والحق الذي منحته المحكمة للمجلس لا بد أن يكون عبر ممارسة منضبطة حتى لا يتضرر منها البعض، ونحن من المتضررين بتطبيقها علينا، وهنالك نقطة هامة وهي أن قرار المجلس إن كان يمثل الدولة فهذه مشكلة ستنعكس سلباً على النظام الحاكم، وعلى الدولة الانتباه. وإذا كانت مباركة مثل هذه القرارات ومساندة تجفيف منابع الفنون التي تعتبر متكأ للشباب بمباركة الدولة، فلايندهش المسؤولون أن يتحول محبو تلك الفنون إلى أصحاب (غبن) عليها، فمثل هذه القرارات تمثل مهدداً حتى للدولة بشكل عام، لأنها تقوم بتعبئة الشباب ضدها، وذلك بعد أن جففت منابع اهتماماتهم ونسفت إصداراتهم، وأنا عبركم أناشد السيد رئيس الجمهورية المعروف بحمايته للفنون واهتمامه بها وذلك بالتدخل لإيقاف هذا القرار الجائر. * أخيراً ما هي الحلول من وجهة نظركم، هل ستواصلون كملحق في صحيفة الدار أم ستصدرون كما تنص اللائحة؟ نحن لن نصدر في (12) صفحة، لأن التعديل الذي تم نحن فقط المقصودون منه، وتم (تفصيله على مقاسنا)، وسيتكرر هذا القصد في مقبل الأيام، والتعديل الذي حدث في اللائحة سنناهضه بالقانون وإن صعب علينا في الوقت الراهن مناهضته بالقانون، فسننتظر أن يتغير هذا المجلس، ويأتي مجلس جديد يتفهم طبيعة عمل الصحيفة. وأنا من هنا أود أن أحيي الأمين العام السابق للمجلس الدكتور هاشم الجاز والذي وقف بقوة خلف هذه الإصدارة، وكان من المناصرين للتجربة، وقدم الكثير من التسهيلات له واحتفى بها، وقال للصحف إنه سعيد لأن عهده صدرت فيه أول صحيفة متخصصة فنية في السودان، لكن يبدو أن لمجلس الصحافة الحالي رؤية أخرى، ونحن في انتظار أن يقوم الأمين العام الحالي بإصدار صحيفة فنية متخصصة في (16) صفحة، وذلك حتى نستفيد منه ونحذو حذوه بإذن الله.