ريم عباس - وكالة إنتر بريس سيرفس - تنادي مجموعة من المحامين والنشطاء الحقوقيين بتغيير القوانين السودانية التي تسمح بزواج القاصرات بدءا من عمر عشر سنوات العاشرة. ويرى النشطاء أن الوقت قد حان لأن تعترف القوانين السودانية بالمساواة في النوع الاجتماعي (الجندر) حتى يتسنى للفتيات والشابات في البلاد السيطرة على حياتهن والخلاص من دائرة زواج الأطفال. تحديد سن الزواج وتقول "خديجة الدويحي" -من المنظمة السودانية للبحوث والتنمية التي تجري أبحاثاً على زواج الأطفال- أن النشطاء يسعون لحشد التأييد لتغيير قوانين الأحوال الشخصية لأنها تنطوي على تمييز ضد المرأة وتهدف إلى حجزها داخل الأسرة. فبموجب قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991 في السودان، لا تحصل النساء على حقوق متساوية. والمادة 40 من قانون الأحوال الشخصية لا تحدد حداً أدنى لسن الزواج وتقول في الحقيقة أن الفتاة التي تبلغ من العمر 10 سنة تستطيع أن تتزوج "بإذن من القاضي". وتضيف "خديجة الدويحي" لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن قوانين الأحوال الشخصية تنص أساساً على أن الفتيات يستطعن الزواج عندما يكن في عمر يسمح لهن بفهم الأمور .. لكن هل يمكن القول بأن الفتيات في سن 10 سنوات يستطعن فهم الأمور بسهولة؟. وبالإضافة إلى ذلك، فالسودان لم يصادق على "اتفاقية الأممالمتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو)، والشرعة الدولية لحقوق المرأة. تشير تقديرات صندوق الأممالمتحدة للطفولة أن ثلث النساء السودانيات اللاتي تتراوح أعمارهن الآن بين 20-24 عاماً كن متزوجات قبل بلوغهن سن 18. وفي المناطق الريفية تبلغ نسبة زواج الفتيات الصغار حوالي 39 في المئة، مقابل 22 في المئة في المناطق الحضرية. زيارة للمستشفى وتبين زيارة إلى مستشفى الخرطوم، بوضوح، مدى تفشي ظاهرة زواج الفتيات الصغار في السودان. ففي الداخل، هناك جناح كامل للولادة، والمرضى هن في الغالب من الأمهات الصغار اللاتي لم تتطور اجسادهن بشكل كاف بعد للسماح لهن بالولادة، مما جعلهن عرضة للناسور. وتذكر "أمل الزين" بأن المرأة لا يمكنها الذهاب للمحكمة للحصول على الطلاق أو القيام بأي إجراءات قانونية قبل سن 18 عاما، مما يتناقض مع حقيقة أن الفتيات يتزوجن في سن 10 سنوات. في هذا الشأن، تقول "الدويحي" التي تقترح منظمتها تعديل القوانين، أنه عندما بدأت منظمتها في البحث في مسائل العدالة في النوع الإجتماعي، بدأت تري أيضا مدي ارتباط زواج الأطفال بالعديد من القضايا التي تواجه المرأة.. فالمرأة تذهب إلى المحاكم للحصول على حضانة طفل والحصول على الطلاق.. فتكتشف سوء القوانين التمييزية. هذا وقد أنشأت "المنظمة السودانية للبحوث والتنمية" مؤخراً مركزاً لتقديم المساعدة القانونية للنساء اللواتي يتعرضون للتمييز من قوانين الأحوال الشخصية. وقد وصلت حتى الآن 46 حالة للمركز منذ إنشائه قبل ثلاثة أشهر. وفي الوقت نفسه، يعتبر هيئة علماء السودان، وهي الهيئة الدينية المرموقة، هو الطرف الذي يسبب الجدل. ففي العام الماضي تحدث أمينها العام، الأستاذ محمد عثمان صلاح، لصالح زواج الأطفال، مما أثار غضب النشطاء. وقال صلاح للصحافة في أكتوبر 2012 أن الإسلام يشجع الشباب على الزواج لإنقاذهم من الانحراف أو أي أخطار نتيجة للعزوبية وللحفاظ على النسل. تزوجت في الثالثة عشر سارة محمد، على سبيل المثال، تم تزويجها في سن 13 سنة لأن أقرب مدرسة ثانوية للبنات كانت بعيدة جداً عن قريتها -فعدم الحصول على التعليم يجعل الآباء غير راغبون في إبقاء بناتهم في المنزل. لكن تلك ليست سن غير عادية للزواج في قريتها الصغيرة "كاركو"، التي تقع جنوب كردفان. وتقول سارة، التي أصبح لديها خمسة أطفال الآن، لوكالة إنتر بريس سيرفس: "أتذكر كيف شعرت بالإضطراب، لم يكن لدي أي فكرة عما هو الزواج، فقد كنت طفلة". وإنجبت "سارة" أول طفل لها وهي 16 عاماً، والآن تصدق قلة قليلة من الناس أن لديها ابن في المدرسة الثانوية. أما رنا أحمد* فلديها تجربة مختلفة. فقد كان عمرها 15 عاماً عندما اكتشفت والدتها أنها كانت تواعد صبياً في حيها وهي تتحدث على الهاتف. وقالت "رنا"، البالغة 24 عاماً الآن، "انزعجت أمي جداً وقالت لي أنها سوف تجد لي زوجا قبل أن أفعل شيئاً سيئاً". أما زوجها، الذي كان في أواخر الثلاثين من عمره في ذلك الوقت، فقد أخذ "رنا" إلى الخارج، حيث عمل كطبيب، لمدة خمس سنوات. وعندما عاد إلى السودان، مع طفليها الصغيرين، شعرت انها تريد ان تعيش مرة أخرى. وتقول "رنا" التي طلقت الآن: "كنت أشعر بالملل وبأنني لم أحقق ما أريده من حياتي، وكنت أرغب في تجربة ما تعلمه الفتيات في عمري. فأردت حرية التعرف على الشباب والخروج". ومع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في السودان، يرى النشطاء أن المدن الحضرية تتحول لمناطق ريفية، مع تزايد زواج الأطفال كمشكلة ملحة بين المجتمعات الحضرية المتعلمة. كما توضح المحامية أمل الزين :"لقد لاحظنا سابقاً وجود زيجات أكثر للفتيات الصغار في المجتمعات الزراعية .. أما الآن فهي آخذة في الازدياد في المدن بسبب الوضع الاقتصادي، ومحاولة بعض الأسر حماية بناتهم من فساد المدينة". وتعتقد "لاكشمي سوندارام"، المنسقة العالمية لمنظمة "بنات لا عرائس"، وهي شراكة عالمية لإنهاء زواج الأطفال، أن المسألة تدور حول القيمة الموضوعة للطفلة. وتوضح "لاكشمي سوندارام" لوكالة إنتر بريس سيرفس: "التحدي يتمثل في تحويل فتاة، حتى برضاها، إلى سلعة اقتصادية. ولابد لنا من معالجة الجوانب الأساسية والتأكيد على ان الفتاة لديها قيمة جوهرية كإنسان وليس مجرد قيمة اقتصادية". (* تم تغيير الأسماء لحماية الخصوصية)