قبل أقل من أسبوع على الإعلان الرسمي لانفصال دولة جنوب السودان عن شماله بات شبح انهيار الجنيه السوداني يهدد الحكومة السودانية مع تصاعد مضطرد لسعر صرف العملات الاجنبية خاصة الدولار مقابل الجنيه في الموازي (السوق السوداء)، وكذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، فيما قللت الحكومة من تأثير الانفصال على الجنيه، واعتبرت مايحدث في السوق حالة نفسية طبيعية ستزول بعد الانفصال، في وقت حذر فيه مراقبون اقتصاديون الحكومة من مغبة عدم تنفيذ التحوطات التي أعلنتها لمجابهة تاثير ذهاب 90% من ايرادات النفط لجنوب السودان عقب الانفصال خاصة خفض الانفاق الحكومي. في هذا الصدد تؤكد الخبيرة الإقتصادية سمية سيد ل"العربية.نت" حقيقة تاثر شمال السودان بالانفصال، وذلك لانه سيخسر ثلثي ايراداته من النفط، والتي كانت تعتمد على البترول بنسبة 75%، وبالتالي سيكون هناك فجوة واضحة في الايرادات، وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى ان الادارة الاقتصادية بالسودان تتحدث عن ردم هذه الفجوة عبر مصادر أخرى وهي زيادة الصادرات غير البترولية، ولكنها قالت أن هذا عمليا غير ممكن في الوقت الراهن، لان هناك مشاكل كثيرة جدا تواجه الصادرات غير البترولية خاصة الصادرات الزراعية التي يركز عليها السودان في صادراته. وتوقعت المزيد من الاجراءات التقشفية، واوضحت سمية انه كان من المفترض على الحكومة ان تبادر بخفض الصرف الحكومي، مشيرة الى ان هذا لا يبدو لحد الان، وان ما يتم من خفض لا يتفق مع الفجوة في الايرادات التي سوف تحدث بذهاب البترول للجنوب. وحول تاثير انفصال الجنوب على الجنيه السوداني قالت الاقتصادية سمية انه قد تكون هناك جملة تدابير للحد من انخفاض سعر الصرف، مضيفة "واعتقد ان هذه التدابير جيدة من قبل البنك المركزي وفي معظمها تتركز في التحكم في الاستيراد، واعتقد انها جيدة لكنها غير كافية"، فقد لا يتاثر الجنيه بشكل كبير، لكن بالتاكيد نحتاج لتدابير اقوى حتى يستقر الجنيه السوداني في وضعه، وحتى يستقر الاقتصاد وعلى الاقل التقليل من حدة التاثيرات المتوقعة. من جانبه قال الخبير الاقتصادي السر سيد احمد في تصريح ل "العربية.نت" انه لا يستطيع ان يجزم بان الجنيه السوداني سينهار بعد انفصال الجنوب، ولكنه قطعا سيتاثر، مشيرا الى ان ذلك يعتمد على تنفيذ الحكومة لخططها للمحافظة على سعر الصرف، ووصف هذه الخطط بالسليمة نظريا، خاصة فيما يلي خفض الانفاق الحكومي، لكن سيد احمد اختتم حديثه بسؤال قال انه اساسي وهو "هل تستطيع الحكومة تنفيذ هذه الخطط ام لا، وعلى وجه التحديد في مسالة خفض الانفاق الحكومي". لكن الخبير الاقتصادي نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان السوداني الدكتور بابكر محمد توم استبعد انهيار الجنيه السوداني عقب الانفصال، مقللا من التخوفات بشأن مستقبل الجنيه، وعزا التوم في حديث خاص لمراسل "العربية.نت" بالخرطوم ما يحدث الآن من ارتفاع في السودق الموازي (السوداء ) الى حالة نفسية وعرضية اصابت الناس مع اقتراب اعلان انفصال الجنوب، وستزول لانه لا تسندها وقائع اقتصادية، وشبه التوم ما يحدث الان بما حدث عندما اقتراب الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان يناير الماضي، حيث اقدم كثير من التجار والمواطنين الى تخزين السلع والعملات، تخوفا من حدوث اضطرابات امنية او ماشابه ذلك، واكد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان السوداني ان بنك السودان المركزي اتخذ تحوطات كافية جدا لمجابهة ارتفاع اسعار العملات الاجنبية مقابل الجنية السوداني، وذلك عبر ضخ اموال ضخمة للصرافات، وطمأنة الناس، وتوفير السلع ووجود مخزون استراتيجي كاف من السلع الاساسية. وكان وزير المالية السوداني علي محمود قد اكد في وقت سابق أن عائدات البلاد المالية ستنخفض بأكثر من الثلث بخسارة تعادل 36.5 في المئة من عائدات الميزانية السودانية، بسبب فقدان نفط الجنوب بعد انفصاله عن الشمال في 9 يوليو المقبل. وأوضح أن فقدان هذه العائدات سيدفع الحكومة السودانية إلى تخفيض الانفاق الحكومي والبحث عن مصادر أخرى للدخل. يذكر ان البنك المركزي السوداني قد اتفق مع حكومة جنوب السودان على إمهالها فترة ستة أشهر اعتبارا من اعلان الدولة الجديدة في التاسع من (يوليو) المقبل لاستبدال عملة الخرطوم بعملة جديدة.