الخرطوم أثارت قرارات رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، بإعفاء الحكومة وإقالة نائبه رياك مشار، ترقبا في السودان ومخاوف من نشوب "حرب قبلية" في جوبا تلقي بتأثيرات سلبية على الخرطوم. والثلاثاء أصدر سلفاكير مرسوما رئاسيا عزل بموجبه نائبه ريك مشار، وحل الحكومة، بجانب عزل باقان اموم كبير مفاوضي الحكومة للقضايا العالقة مع السودان وإحالته للتحقيق. وقال القيادي في حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) في السودان قطبي المهدي، في تصريحات نقلتها صحيفة (الأهرام اليوم) الصادرة بالخرطوم اليوم (الاربعاء) " إن الصراع في الجنوب مقدمة لحرب قبلية ". وأضاف " أن الصراع الدائر بين سلفاكير ومشار وجنرالات الجيش الشعبي مقدمة لنشوء دويلات قبلية في الجنوب". وأكد المهدي أن تأثيرات الصراع الجنوبي ستلقي بظلال سالبة على الأوضاع بالسودان، قائلا " إن الامال بعد الانفصال كانت معلقة بدولة تقودها حكومة مسؤولة تؤسس لعلاقات حسن جوار وتعاون ومصالح مشتركة ". بدوره، قال كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض بالسودان في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم إنه " يجب النظر إلى ما حدث في الجنوب من زاوية أغراضه الحقيقية لتجنيب البلاد مخاطر الصراعات القبلية ". وأضاف " تربطنا علاقات قوية مع دولة جنوب السودان، لذلك سنحاول من خلال هذه العلاقة اقناع جميع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني في دولة جنوب السودان بالعمل على تحقيق الغرض الأساسي من التعديل الحكومي". وتابع " لدينا قراءة مبكرة بشأن ما يحدث في الجنوب، خاصة وان دولة جنوب السودان قد انتقلت الى مرحلة اعادة بناء الدولة، ولابد من معاونة الجنوب على تجاوز هذه المرحلة الحرجة ". وكانت قرارات رئيس جنوب السودان قد جاءت بعد فترة خلافات حادة بينه وبين عدد من أبرز قيادات دولة الجنوب. وبحسب تقارير صحفية فقد أعلن نائب رئيس جنوب السودان عن رغبته في الترشح لرئاسة الحزب والإعداد للترشح لرئاسة الجمهورية في عام 2015. فيما انتقد باقان أموم قرارات سلفا كير بعزل وزير المالية ووزير شؤون مجلس الوزراء دينق الور واتهامهما بالفساد، قائلا إنها قرارات سياسية. ويرى محللون ومراقبون للشأن الجنوبي أن تلك القرارات ربما تشكل مفترق طرق، لاسيما ان لم يتمكن سلفا كير ميارديت من احتواء تأثيراتها ومنع تداعياتها داخليا. وقال المحلل السياسي السوداني خالد الفكي ل (شينخوا) اليوم إن " القرارات الأخيرة التي أصدرها رئيس جنوب السودان ربما تقود الدولة إلى حرب أهلية بسبب التركيبة القبلية المعقدة للدولة الوليدة إذا لم يسارع سلفاكير لتشكيل حكومة قوية لدولته ". وأضاف " في تقديري ان سلفاكير اراد بهذه القرارات تصحيح اخطاء سابقة وعملية تصفية الخصوم التي كانت تهدد عرشه وتهدد العلاقة مع السودان، وكذلك يريد التأكيد لخصومه على أنه الرئيس الاوحد والقائد الاوحد لجنوب السودان". وتابع " يجب على سلفاكير التمعن جيدا في اختيار الشخصيات المناسبة لحكومته القادمة حتى يجنب البلاد خطر الصراعات القبلية، وان يعمل على اعادة التوازن في حكومته المقبلة ". وعكس تناول وسائل الاعلام السودانية للحدث الجنوبي الترقب في السودان . فقد عنونت صحيفة (المجهر) تعليقا على التطورات في جنوب السودان "جوبا في عين العاصفة"، فيما جاء عنوان صحيفة (الأهرام اليوم) "جوبا تغلي". وعنونت أيضا صحيفة (السوداني) " سلفاكير يخلع القبعة ويقلب الطاولة على الجميع" . ويعاني جنوب السودان من صراعات مسلحة في مناطق عدة ولاسيما في منطقة جونقلي، وتزيد الاحتكاكات بين القبائل المتنافسة في الجنوب من شرارة الاقتتال القبلي، وعجزت حكومة الجنوب حتى الآن عن وضع حد للصراع الدموي الذي حصد ارواح الاف المدنيين. وتتهم حكومة جنوب السودان دولة السودان بدعم متمردين ينشطون على المناطق الحدودية بين البلدين، وهو ما تنفيه الخرطوم وترد الاتهام بالمثل، وهو ما أدى في كثير من المرات الى اندلاع ازمة بين الدولتين. ورغم مرور عامين على انفصال جنوب السودان عن السودان، الا ان عددا من القضايا لا تزال معلقة بينهما وابرزها ترسيم الحدود المشتركة بينهما، والاختلاف بشأن عبور نفط جنوب السودان لاراضي السودان والتنازع بشأن تبعية منطقة ابيى الغنية بالنفط.
