شريفة شرف الدين [email protected] استحلف الدكتور غازي صلاح الدين وهو صائم رمضان أن يرد .. أليس مشروعكم الاسلاموي كله فاشل؟ لماذا تتكلم الآن بعد ثلاثة و عشرين سنة من الصمت؟ من الذي تخاطبه بمقالك؟ ألا ترى أن الشعب السوداني قد فقد الثقة فيكم و أن مجرد ظهوركم على أجهزة الإعلام يجعله يستعيذ بالله و يرجوه الخلاص منكم؟ يتفق كثيرون على أن الدكتور غازي صلاح الدين العتباني رجل متعمق ثقافة و فكرا و أنه – ظاهرا- من أهدأ سيئي الإنقاذ حين يتعلق الأمر بالشأن الكلامي و الخطابي و لنتفق على أنه لا يتعامل بردود الأفعال شأن أقرانه الذين يزبدون و يرعدون لأيما قضية سيما تلك التي تمسهم على نحو شخصي. أمسك الدكتور غازي ملف نيفاشا منذ بدايته فلما كادت القدر تنضج بما فيها قفز على عثمان محمد طه و نسب الاتفاقية و ما آلت إليها إلى نفسه بينما انزوى غازي صامتا و لم تسعفه حتى حكمة الدجاجة الحمراء التي أعلنتها صراحة أن الفول فولها زرعته وحدها و حصدته وحدها و تأكله وحدها. في آخر مقال له نشرته الراكوبة من الشرق تحت عنوان .. نداء الإصلاح الأسس و المبادئ كتب كعادة الانقاذيين كلاما فضفاضا هلاميا ظل الشعب السوداني يسمعه على مدى عقدين كاد نصفهما يكتمل دون أن يرى من أثر كل ذلك الكلام إلا تدهورا في كافة الأصعدة بدءا بالإنسان الذي كرمه الله من فوق سبع سموات و انتهاء بالاقتصاد الذي دمره الإنقاذييون حتى تركوه هباء صفصفا و الأسوأ على الإطلاق أن الإنقاذ قد رصفت الطريق المستقبلي لصراعات قبلية و جهوية تغذيها سموم الفتنة التي حقنوا بها شريان الإنسان السوداني المتسامح. إن الدفوعات الكلامية التي تقدم بها الدكتور غازي و أطلق عليها نداء الإصلاح دلالة قاطعة على أن هناك فسادا هائلا خلفه الإنقاذييون بمن فيهم غازي صلاح الدين .. ثم أردف نداء الإصلاح بكلمتي الأسس و المبادئ و لكن مهما نمق الدكتور غازي الكلام و ألبسه ثوب المنطق فإنه لم يأتي بجديد غفل عنه الدستور المعطل عن التنفيذ .. تكلم عن الإنسان حقوقه و واجباته و الاعتراف به و لكن هذا الإنسان قد طحنه حجرا رحى الإنقاذ بسياسات لا نقول عشوائية و لكنها منهجية تبنتها أعلى مؤسسات الدولة و خصصوا لتنفيذ ذلك نخب أولي مكر شديد. ثم تكلم عن الوطن و ضرورة الإبقاء على وحدته تكلم عن مقتضيات الشراكة الحقة في الوطن و ألا يكون غرضا لأسباب أيدلوجية و هدفا لأسباب جهوية طائفية و لكن يا أيها الغازي إن كل ما ذكرته عن الوطن و ما ينبغي أن يكون عليه هو الآن على نقيضه و لعلك تقول لأجل ذلك أطلقت النداء و لكني أقول لك إني ادخر لك أسئلتي في نهاية المقال. ثم تكلمت عن الحرية المذبوحة في عهدكم من الوريد للوريد مذ جئتم على ظهر دبابة و قلبتم حكما شرعيا توافق الناس عليه و كممتم الأفواه و أغلقتم الصحف و زججتم بأصحابها في السجون و ما أبقيتم إلا على من خافكم أو واطأكم على ما تريدون .. تتكلم عن الحرية و جل ميزانية الدولة مخصصة للأمن المتخصص في التتبع و تكميم الأفواه و التخويف و الترهيب. ثم تكلمت عن المواطنة باعتبارها أساس الحقوق والواجبات. و ذهبت إلى تأكيد قومية أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية وكفاءتها و تطرقت إلى إنفاذ الإرادة الشعبية في تكوين أجهزة الدولة ومحاسبتها، و اعتماد التنوع الثقافي والفكري والهوية الوطنية ثم تكلمت عن السلام و التوافق الوطني. كلام من مبتدأه إلى منتهاه منطقي بل و عملي إن عمل به قطعا سيخرج السودان من النفق الذي حشرتموه فيه. و لكن .. كم هي تلك عدد المرات التي شكلتم بها حكومة جديدة؟ و لا جديد .. كم سنة صبر عليكم الشعب السوداني؟ أربعة و عشرين سنة و لا جديد .. كم هي تلك الأموال التي استفردتم بها دون وجه حق؟ لا تحصى و لا تعد .. كم هم أولئك الذين طالهم ظلمكم من قتل و تقتيل و تعذيب و تشريد؟ لن نستثني بيتا سودانيا .. و القائمة بجرائمكم غير نهائية و لكن أريدك أن تجيب على أسئلتي التالية لماذا لزمت الصمت طوال تلك السنوات عن بنات أفكارك هذه و لم تنطق بها إلا بعدما أصبحت ظاهرا خارج النظام؟ أين مشروعكم الإسلامي الغائب المغيب تطبيقا في كل الأصعدة و نخص العقوبات؟ قلها صراحة إن مجيئكم لم يكن خطأ كبيرا و أن انتخاباتكم الأخيرة كانت نزيهة أرضت الله و الشعب السوداني قلها صراحا أن البشير و نائبيه و وزراءه و مستشاريه و ولاته من الصلاح بحيث توكل لهم أمور الدولة بعد كل ما أجرموه. لماذا لا تقولها صريحة إن الإنقاذ جميعه مشروع فاشل و بالتالي يجب محاكمة المفسدين منكم بدءا بالبشير و انتهاء بالخفير؟ الحل ليس في النداء بالإصلاح أو بناء ركائز و مبادئ .. الحل في تنحكيم بلا استثناء .. الحل رد المظالم سواء إن كان للشعب أو كان للدولة .. الحل هو أن ترفعوا أيديكم عن القضاء و تفكوا عنه العصابة التي أعمته عن رؤيتكم و التوافق على أن المجرم و إن علت مكانته و ارتفع شأنه يجب أن تطاله يد العدالة و أن المظلوم و إن قل شأنه ينال حقه كاملا غير ناقص .. لا نريده كلاما سواء منا أو منكم و لكنا نريده عملا ينزل أرض الواقع و إن اللحظة التي تقرأ فيها هذا المقال إن قرأته فإن هناك الآلاف من السودانيين يئنون بين سندان و مطرقة حكمكم غير الرشيد.