في خطوة تعد انتكاسة للعلاقات بين حكومة الخرطوم ونظيرتها جنوب السودان، وبدء ضغوط إضافية بين البلدين ينذر بكارثة محفوفة المخاطر، خاصة بعد تدويل الأزمة بين البلدين بتحويل الأمر للاتحاد الأفريقي وليس للجنة حكماء أفريقيا، برئاسة الرئيس السابق لجنوب أفريقيا ثامبو مبيكي، أعلن السودان اليوم نيته ترحيل أكثر من 40 ألف من رعايا جولة الجنوب إلى بلادهم، بدلا مما وصفه التواجد في الميادين المفتوحة بولاية الخرطوم. وفيما مررت حكومة الخرطوم الأزمة بذراعها المعروف باسم مفوضية العون الإنساني بالسودان، حتى يبدو الأمر طبيعيا في الترحيل، إلا أن المراقبين أكدوا أن الخرطوم أوقفت طيلة الفترة الماضية الترحيل القسري لمواطني دولة الجنوب، اعترافا منها بعدم وجود البنية التحتية المناسبة لمواطني الجنوب في بلادهم ولعدم مضاعفة الضغط على حكومة سلفاكير، إلا أن الأزمة بين الطرفين الأخيرة والتي لم يتوصل لها الرئيسان البشير وسلفاكير لأي حل في قمتهما الأخيرة في جوبا، جعلت حكومة البشير تستدعي "الكرت الأحمر" الأخير والمتمثل في آلاف الجنوبيين الذين يشكلون ضغطا قويا ضد حكومة سلفاكير التي لازالت تعاني من العديد من المشاكل المادية والإثنينية باختلاف قبائل الجنوبيين والمنتمين منهم للحكومة. وفيما يدرك المراقبون أن ورقة الضغط الشعبي بخصوص اللاجئين ليست كريمة، إلا أن مفوضية العون الإنساني في السودان أعلنت أنه اعتبارا من صباح اليوم سيتم ترحيل 3500 جنوبي من ميناء كوستي النهري، في إعلان واضح بنيتها ترحيل الآخرين من الخرطوم التي تبعد عن كوستي أكثر من 400 كم، ويتطلب نقلهم من العاصمة استعدادات كثيرة مسبقة، لكنها رسالة باتت واضحة لحكومة سلفاكير لترضخ لمطالبها بشأن عدم قبول استفتاء أبيي. ولتجنب الدخول في نزاعات مع المفوضيات الأممية، وصراع مع المنظمات الحقوقية، سارع مسئول العودة الطوعية بمفوضية العون الإنساني، اللواء حقوقي السر العمدة، في تصريح له اليوم للتأكيد على إن جهات أفريقية "لم يسمها" قامت برعاية برنامج العودة مواصلة لجهودها، التي تكللت بترحيل ثلاثة آلاف مواطن جنوبي بولاية الخرطوم قبل ستة أشهر. إلا أن العمدة لم يشر للأسباب التي تم خلالها تأجيل العودة الطوعية منذ تلك الفترة، أو يشر من قريب أو بعيد للدولة التي تولت المهمة، وهو أمر ليس سرا في العرف الإنساني، خاصة أن الأممالمتحدة لطالما أعلنت عن تبنيها دعم العودة الطوعية لآلاف اللاجئين في البلدان التي تشهد حروبا. وحاول العمدة التمويه بالقول: أعتقد أن تطور العلاقات بين الدولتين سيساعد في انسياب عمليات العودة الطوعية.