(فيسبوك) انعقد مجلس شورى الحركة الإسلامية وكان من أبرز منجزاته أن غاب عنه الأعضاء الذين شملتهم عقوبات لجنة أحمد إبراهيم الطاهر. ولم يكن الغياب برغبتهم وطوعهم، لكنهم ذهبوا ليشاركوا في الاجتماع باعتبارهم أعضاء أصيلين وأصحاب كسب لا تخطئه العين ولا ينكره حسود في الحركة الإسلامية، لكنهم منعوا. بقرار من؟ وبسلطة أي نظام أساسي؟ ولماذا؟ لا أحد يملك الإجابة. فقط القرار هو من جهة عليا، لأن أمر محاسبتهم في المؤتمر الوطني وحده لم يشف غيظ أهل الحكم المتنفذين فكان ضرورياً تشديد العقوبات عليهم في الحركة الإسلامية. ولو أن الحركة الإسلامية كانت مرجعية إسلامية حقاً كما ينبغي لأصبحت مثابة للعدل والإنصاف ولانبرت للدفاع عن حقوق أعضائها، ولشددت على حق أعضائها في الحضور والدفاع عن أنفسهم إزاء الاتهامات البغيضة التي وجهت لهم في غيبتهم، لكن الحركة الإسلامية لم تعد سوى أداة من أدوات الحكومة كما أوضحنا مراراً وقد أرادتها الحكومة هذه المرة وسيلة لتصفية حساباتها مع العضوية. سيذكر التاريخ لبعض الإخوة أنهم صدعوا بكلمة الحق في ذلك الاجتماع وبرأوا ذممهم، وسيذكر التاريخ لآخرين أنهم غرسوا الخنجر في ظهور إخوانهم وطلبوا الطعن والنزال لما خلا لهم الجو. الحركة الإسلامية وهي في قبضة الحكومة ستظل تعمل بوسائل الحكومة ووفق أولوياتها، والنتيجة هي ما نراه الآن من عقم برامجها وضعف دعوتها وغيابها عن الساحة الفكرية والثقافية، بل وعجزها عن تبني المواقف المبدئية الرفيعة في ثنايا الأحداث الجسام، كما شهدنا إبان التظاهرات نهاية سبتمبر الماضي. الحركة الإسلامية مطالبة بفك أسرها من الحكومة وكسر قيودها والانطلاق حرة طليقة لتنال احترام الناس الذين هم مادة دعوتها المصالحة الكبرى.....التاريخية سألني محدثي عن رؤيتي لمستقبل السودان في ضوء الظروف الراهنة، فأجبته بأن المرء منهي عن التشاؤم، وإن كانت أسباب التشاؤم قائمة، لكننا مكلفون بأن نلتمس شعاع المخرج حتى ونحن في أحلك الظروف. قلت له إن السودان موعود بعواقب سيئة لو أن الأوضاع في دارفور تأزمت مزيدا من التأزم، ولو أن الحرب تجددت في كردفان، ولو أن الاقتصاد لم يتحسن، ولو ولو.. برغم ذلك فإنني أرى ملامح تسوية تاريخية ومصالحة كبرى بين السودانيين وهذا ما يدفعني للتفاؤل. أما الذي يحملني على هذا التفاؤل المشروط فهو أن السياسة اليوم، مقارنة بالسياسة في الستينات وما بعدها، تتسم بأولويات وطنية أوضح، وجدل حول المصطلح أقل، وتصويب نحو تعقيدات الواقع أدق. إنه تراكم خبرة سبعين عاماً من السياسة منذ مؤتمر الخريجين، وهو تراكم لا يجهله إلا غبي ولا يخطئ عبرته إلا شقي. الجيل الصاعد من الشباب الذين يزحفون بقوة نحو منصات القيادة هذه الأيام يدركون ذلك، لذلك هم أقل حماسة لموضوعات السياسة القديمة وأكثر حساسية لموضوعات السياسة الراهنة. على هؤلاء وعلى وعد التاريخ الشاخص ينبغي أن يكون رهاننا . غازي صلاح الدين العتباني 3 نوفمبر 2013.