توقع خبير إستراتيجي أميركي أن تشهد الساحة الليبية عقب مقتل العقيد معمر القذافي صراعا على السلطة بين الفصائل التي ستظل برامجها يكتنفها الغموض. ونصح الخبير الإستراتيجي والمحلل العسكري توماس بارنيت كلاً من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا بتجنب إقامة تحالفات مع أي فصيل في ليبيا، حتى تهدأ الأحوال وينقشع غبار المعارك هناك. وأوضح -في مقال نُشر في عدد مجلة تايم الأميركية الأخير- أن إقامة مثل تلك التحالفات قد تُعتبر يوما من الأيام بمثابة دعم أميركي يماثل ذلك الذي كان يُقدم للمجاهدين الأفغان من أجل محاربة السوفيات. وقال إن على واضعي السياسة في واشنطن التحلي بالحكمة وأخذ الحيطة والحذر قبل إيلاء ثقتهم لأي مجموعة في ليبيا، مشيرا إلى أن المناخ السياسي الذي يتشكل في ليبيا في الوقت الراهن يحمل "طابعا سلفيا بامتياز" على ما يبدو. وشدد بارنيت على ضرورة أن يتحقق واضعو السياسة في واشنطن من الفرص المواتية لتشكيل مزيد من الأحداث الهامة في الشرق الأوسط، مثل الإمكانية الحقيقية لتغيير النظام في سوريا. وقال إن كثيرين في واشنطن يصرون على تجاهل ما سماها "التطلعات السلفية المعادية لأميركا والسامية لدى الإخوان المسلمين، وهي جماعة أكثر راديكالية وذات ميول عسكرية تتأهب لتوطيد نفوذها في ليبيا انطلاقا من قاعدتها في قطر". وأردف قائلا "وهكذا، فإن محاولة انتقاء فائزين وخاسرين في طرابلس، ستأتي لا محالة بنتائج عكسية، ذلك أن كل كبار الطامحين السياسيين في ليبيا –طمعا في دعم مادي من إمارات الخليج- يجنحون إلى تبني رؤى إسلامية تكون مقبولة لدى من يرعونهم (من دول الخليج)". وأضاف أن الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا منهمكة في نسج مهام لقادتها في مرحلة ما بعد القذافي، ناصحا راسمي السياسة الأميركية بالنظر في تلك التطورات بعين حذرة وفاحصة، ومشيرا إلى أن "أمير هذه الجماعة" عبد الحكيم بلحاج تولى زمام المجلس العسكري في طرابلس أواخر أغسطس/آب المنصرم. وأشار بارنيت في مقاله إلى أنه من المهم الانتباه إلى وجود أدلة كافية تثبت أن "أمير الجماعة الإسلامية عبد الحكيم بلحاج واقع حاليا تحت تأثير عناصر سلفية متطرفة لها روابط وثيقة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين". وزعم أن هناك ما يثبت أن تلك العناصر ذاتها والممولة تمويلا جيدا ربما تمارس تأثيرها على رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل، "الذي اصطحب بلحاج معه في رحلة إلى قطر في 29 أغسطس/آب الماضي".