"... نمتلك هذه الأرض قبل انشاء مدينة بورتسودان"، هكذا يقول عمدة قبيلة الأرفوياب، محمد هيكل حمد – الذي يقطن أفراد قبيلته في منطقة كلانييب، جنوببورتسودان، شرقي السودان – القبيلة التي تخوض صرعاً طويلا مع حكومة البحر الأحمر بدأ منذ العام 2006م، عندما استقطعت الحكومة الولائية جزءا كبيرا من أراضي القبيلة لتنشئ عليها (مشروع مستودعات المخزون الإستراتيجي للغاز). ودفع مواطني المنطقة – الواقعة على الطريق القومى الذي يربط مدينة بورتسودان بالمطار و تبعد (15) كيلو متر جنوبيبورتسودان – حينها، لحكومتي الولاية والمركز بمطالب بسيطة تتمثل فى تخصيص وظائف بالمستودعات لأبناء القرية، وتوفير بعض الخدمات الأساسية، وتقديم تعويضات عن الأراضى التى أقيمت عليها المستودعات، وحينها وعدتهم الحكومة بتنفيذ جميع مطالبهم علي وجه السرعة. وانصرمت أكثر من ثمانية أعوام منذ ذلك التاريخ الذي وعدتهم فيه الحكومة بتنفيذ مطالبهم. ولكن شئ من ذلك لم يحدث. ونفذ اهالي كلانييب خمسة اعتصامات ووقفات احتجاجية – خلال الأعوام الماضية – للفت انتباه حكومتي المركز والولاية لمطالبهم. وقبيل وصول الرئيس السوداني، عمر البشير، إلى مدينة بورتسودان لحضور احتفال تخريج طلاب من الكلية العسكرية البحرية وطلاب جامعات، جمع أهالي كلانييب لافتاتهم القديمة مجددا وخرجوا في اعتصام مفتوح امام مستودعات الغاز، أملاً في لفت انتباه الزائر. لكن قوة من شرطة المدينة اقتحمت مكان الاعتصام، وفضته بالقوة، واعتقلت العشرات من المعتصمين وأودعتهم حراسات الشرطة، ورهنت خروجهم بمغادرة الرئيس لبورتسودان. عمدة قبيلة (الأرفوياب) التى ينتمي إليها سكان القرية محمد هيكل حمد قال ل (الطريق) " نحن كقبيلة لدينا أحكام قضائية بحق الإنتفاع بالمنطقة الممتدة من مصفاة البترول فى كيلو (8) وحتى منطقة هوشيرى وذلك قبل إنشاء مدينة بورتسودان، وحينما ارادت الحكومة إقامة مشاريع لصالح الدولة على أرضنا طالبناها بمشروعات تنموية وتوفير بعض الخدمات للمنطقة، وتوظيف أبنائنا فى هذه المشاريع وتم الإقرار بقانونية المطالب لكن دون تنفيذ أى منها " ويضيف هيكل " فى العام 2006م قررت وزارة النفط إستقطاع (4) كيلو من الأرض لإقامة (مشروع مستودعات المخزون الإستراتيجى للغاز) وبما أن المشروع إتحادى ذهبنا إلى وزارة النفط والتقينا وكيل الوزارة الذى قال لنا إن جميع مستحقاتنا مع حكومة ولاية البحر الأحمر ". ويواصل هيكل حديثه ل (الطريق) قائلاً " بعد ذلك كتبنا خطاب لحكومة الولاية طالبنا فيه بمستحقاتنا لكنها تجاهلت الأمر ولم ترد على الخطاب، أيضاً خاطبنا اللجنة الأمنية بالولاية وأمين حكومة الولاية ومعتمد بورتسودان ونائب أمين المؤتمر الوطني بالولاية لكن جميعهم لم يردوا على مطالبنا" يقول هيكل " مضينا ثلاث سنوات فى مخاطبة المسئولين أملاً فى أن يتم إنصافنا وتعويضنا بما نستحق، ونحن لم نطالب بمال بل طالبنا بخدمات تنموية يستفيد منها إنسان المنطقة أسوة بما يتم فى مناطق أخرى من السودان، وحينما لم نجد من يستجيب لمطالبنا لجأنا للإعتصامات السلمية وهذا هو الإعتصام الخامس، وفى كل مرة يتم رفع الإعتصام على وعد من الأجهزة الامنية بإيصال صوتنا للمسئولين وتحقيق المطالب التى ننادى بها ولكن دون فعل شئ ". المتحدث بإسم المعتصمين محمد أوهاج قال " إن للمشروع آثار بيئية كبيرة على المنطقة، فهو سوف يقضى على المنطقة الصالحة للرعى ويقضى أيضاً على غابات المانجروف على ساحل البحر، بالإضافة إلى أن أعمال بناء وإنشاء المشروع تطلبت القيام بحفريات كبيرة أدت لحجب الماء عن بعض الخيران التى كانت تغذى الأراضى التى يزرعها سكان المنطقة " وأضاف أوهاج " وزارة التخطيط العمراني بالولاية أقرت بحق المنطقة فى قيام قرية نموذجية وتوفير خدمات مياه وكهرباء وصحة وتعليم ولكن هنالك جهات لاتريد لنا أن نأخذ هذه الحقوق ". حسين ولى أركاب وهو أحد قيادات المنطقة قال " إن هنالك هجمة على مناطق ساحل البحر الأحمر عبر قوانين الإستثمار السودانية التى تخالف الأعراف والمواثيق المحلية، ومايحدث هو أكبر من قضية منطقة كلانييب، بل هى قضية إنسان الريف فى السودان الذى يحكم بقوانين مدن لها تاريخ حديث فى المنطقة، والإنسان ليس له مصدر قوة فى هذه القوانين " وأضاف أركاب فى حديثه ل (الطريق) " حقوق السكان الأصليين مهضومة فى مثل هذه المناطق، ومطالبنا أصبحت تترجم لولاءات ثقافية تعد بمثابة جرم أمام السلطة على الرغم من أنها مطالب هامشية ومحدودة لأن حقوقنا أكثر من ذلك ". مصدر قانوني بالبحر الأحمر فضّل حجب إسمه قال ل (الطريق) " إن حق الإنتفاع بالارض مكفول لأى مواطن وتحدد ذلك علاقته باالمنطقة أو الارض، وطالما كان هؤلاء المواطنين يسكنون على هذه الأرض وينتفعون بها وتلقوا وعوداً بالتعويض حال إخلاءهم الارض، فإن ذلك يعنى أن لديهم حق قانوني أصيل بتعويضهم التعويض المجزى، بسبب إنتفاع الدولة بهذه الارض للمصلحة العامة، وهذا الحق منصوص عليه دستورياً".