توشح المشهد في مقابر الصحافة، جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، صباح اليوم الاربعاء، بالسواد، وأن بدأت ملامحه حزينة في لحظة وداع الآلاف من السودانيين لقتيل جامعة الخرطوم الطالب علي ابكر موسي، إلا أن الحضور كان ثائراً وهتافه المنادي بالحرية والقصاص للقتيل كان عالياً يهز ارجاء المكان. وتدفق الآلاف من المشييعين الي مقابر الصحافة جنوبالخرطوم، في وقت مبكر من صباح اليوم الاربعاء، وحمل جثمان القتيل علي غير العادة على حاملة عربة الاسعاف بعد إستلام جثمانه والقدوم بها الى المقابر مباشرة من المستشفي. وطوقت قوة كبيرة من الشرطة المداخل الرئيسية للمقابر بالتركيز على الناحية الغربية، فيما امرت طلمبات مواد بترولية مجاورة للمقابر بالتوقف عن العمل، واغلقت الشارع المؤدى الى المدخل الرئيسي للمقابر، وجاورت سيارات الشرطة عدد من " البكاسي" ذات اللون الابيض التي إمتلات باشخاص يرتدون زياً مدنياً. لم تمنع الشرطة جموع المواطنين الداخلين الى المقابر، لكنها بدأت متحفزة من واقع إرتكازها القريب جداً من مدخل المقابر. افواج المشييعين دخلت الى المقابر من مداخل عدة، جثمان القتيل برفقة مجموعة كبيرة من المشيعين اتجه الى المقبرة من الناحية الغربية لساحة المقابر الشاسعة، بينما علا هتاف مجموعة أخرى من الناحية الشرقية ومتجه ايضا الى المقبرة لتقابل أخرى منتصف المقابر. هتافات القصاص وأسقاط النظام تدوى في المكان وتختلط بدموع المفجوعين الغاضبين على مقتل الطالب داخل حرم جامعته نهار الثلاثاء. وردد الآلاف "مقتل طالب مقتل امة.. مقتل طالب يعني الثورة.. لا حوار مع الدماء.. مليون شهيد لعهد جديد.. حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب..الدم السوداني واحد..الشعب يريد اسقاط النظام..شهيد شهيد ياعلي". بدأ لافتا حضور المئات من النساء وهن يتشحن السواد، ويرددن مع الآلاف الهتافات المطلبية ويلوحن بعلامات النصر. نشوى، الطالبة بجامعة الخرطوم، رفعت عالياً لافته ورقية صفراء اللون كتب عليها بالون الاحمر " مقتل طالب يعني الثورة".. وبدت مصرة لأن تصل الرسالة المكتوبة على لافتتها للجميع من واقع انها اظهرت صبرا وثبات لمسافة طويلة من الزمن وهي ترفع هذه اللافتة. قادة احزاب سياسية كانوا حضورا بين المشيعين، وارتجل بعضهم كلمات على قبر القتيل، مشيرين الى ان مقتل الطالب هو ابلغ رسالة لكل الاحزاب التي وافقت على الحوار مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم. ليعلو الهتاف مجدداً " لا حوار مع الدماء". مشهد آخر اكثر قتامة كان في انتظار المشيعين خارج اسوار المقابر بعد انقضاء مراسم الدفن. واتجه المشيعون الى خارج اسوار المقابر في مظاهرة يرتفع هتافهم عالياً مطالباً بالحرية والسلام والعدالة. لكن خارج المدخل الرئيسي للمقابر ارتكزت قوة من الشرطة، اجبرها المتظاهرون على التراجع قليلا للوراء. وهنا، ونظم المتظاهرون صفوفهم واتجهوا نحو الشارع الرئيسي قبالة ميناء الخرطوم البرى جنوبالخرطوم، لكن قنابل الغاز المسيل للدموع انهمرت على المتظاهرين بكثافة وعم "البمبان" المكان المحتشد بالمتظاهرين الذين لم يصمدوا امامه من واقع كثافته واطلاق الشرطة له من مكان قريب