الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الواحد محمد نور : ما كشفته عائشة البصري وصمة عار فى جبين الامم المتحدة وكل المتشدقين بحقوق الانسان
نشر في سودانيات يوم 15 - 04 - 2014

الناطقة الرسمية عائشة البصري تزيح الستار عن شبكة الأكاذيب التي نسجتها مؤسسات الأمم المتحدة في دارفور
ناطقة رسمية سابقة تزيح الستار عن شبكة الأكاذيب وأنصاف الحقائق والكتمان التي نسجتها مؤسسات تابعة للأمم المتحدة في دارفور
لا يمكننا أن نقول كل ما نراه في دارفور
بقلم عائشة البصري *
ترجمة: صلاح شعيب – حريات
صرح السيد رودولف أدادا، أول رئيس لبعثة حفظ السلام المشتركة في دارفور (يوناميد)، منذ ما يقرب من خمس سنوات بأن الحرب في دارفور قد انتهت فكان هذا التصريح مضللا. ولقد شكك كثير من الناس في دعواه، ولم أكن من بينهم. إذ إنني في ذلك الوقت كنت من ضمن الناس الذين ألقوا على أعينهم غبارا وكانوا ينظرون إلى مايجري في دارفور كمجرد نزاع تقليدي بين المزارعين والبدو الرحل.
وفي هذه الحالة من الإنكار، تواصلت مسيرتي المهنية مع الأمم المتحدة إلى ان تقلدت منصب المتحدثة باسم بعثة الإتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة في دارفور والمعروفة بإسم اليوناميد في عام 2012. وكان إطلاعي المبكر على الأهوال التي تحدث تحت شمس دارفور القاسية قد جعلني أشعر كما لو كنت أخرج من كهف إفلاطون. لقد صارعت ضد حالة الإنكار التي كنت أعيشها، وبمرور الوقت كنت مضطرة للاقتناع بحقيقة أن الحرب البشعة ضد المدنيين مخفية عن أنظار العالم.
ففي يوم 25 اغسطس 2012، أي بعد تسعة أيام فقط من وطئ قدمي أرض دارفور، وصلتني مكالمة من صحافي يعمل في راديو (عافية دارفور) ومقره واشنطن، يستفسر فيها عن تقارير عن اشتباكات في منطقة طويلة بشمال دارفور. وبعد المكالمة عكفت على الحصول على معلومات من مسؤولي يوناميد ولقد جاء الرد: "وفقا لقادة الجيش والشرطة في الميدان، فإن الوضع في محلية طويلة هادىء. أمس لاحظوا أن القوات المسلحة السودانية والميليشيات العربية تتحرك جنوبا".
عدت إلى الصحافي بما سمعته عن "الوضع الهادئ " بيد أنه قد تأكد فيما بعد أن ذلك الرد كان كذبة نقلتُها عن غير قصد. بعد وقت قصير عينت يوناميد بعثة للتحقق في ما جرى في طويلة ولاحقا تأكد بما لا يدع مجالا للشك أنه خلال يومي 24-27 أغسطس قامت عناصر تابعة لقوات الحكومة السودانية كانت تتنقل على متن أكثر من 150 مركبة عسكرية بمهاجمة أربع قرى تقطن أغلبيتها جماعات من الزغاوة، والفور، وذلك بحجة الاشتباه في كونهم يؤيدون المتمردين في دارفور. وتأكد التحقيق بأن الجنود قد اغتصبوا عددا من النساء، واعتدوا كذلك على الرجال والأطفال، ونهبوا الممتلكات، ودمروا عددا من المزارع.
و كان سكان طويلة قد نبهوا بعثة يوناميد في يوم 26 اغسطس الى الهجوم في وقت اضطر الآلاف منهم إلى الفرار من منازلهم. ولكن قوات حفظ السلام لم تسرع الخطى نحو حمايتهم. لقد انتظرت هذه القوات أربعة أيام حتى تغادر قاعدتها للقيام بدوريات في القرى التي عايشت الحدث، والذي كان مسرحه يبعد نحو 12 ميلا فقط.
كانت حادثة طويلة من بين العديد من الإخفاقات المنهجية للأمم المتحدة التي تمكنت من توثيقها. وهي تجسد مدى كذب يوناميد على وسائل الإعلام، وفشلها في حماية المواطنين في المنطقة، أو في بعض الحالات فشلها حتى في بذل جهد لهذه الحماية المفترضة.
سعيت إلى فهم ما حدث في طويلة، ولهذا سألت نائب قائد قوة يوناميد الجنرال كيسامبا وينجونيس، لماذا لم يرصد ولم يرفع حفظة السلام تقارير عن حركة القوات الحكومية مع "المليشيات العربية" ، والتي تعني في مصطلحات الأمم المتحدة جماعة الجنجويد سيئة السمعة. أجاب قائلا:" في بعض الأحيان علينا أن نتصرف مثل الدبلوماسيين، لا نستطيع أن نقول كل ما نراه في دارفور." اكتفى كيسامبا بهذا الرد، ولم يعط تفسيرا كذلك عن أسباب موقفه هذا.
تصريح كيسامبا هزني حتى النخاع، وكررت التساؤل ذاته في اجتماع لكبار المستشارين، وكان كيسامبا حاضرا بنفسه. أذكر أن صمتا محرجا ملأ أرجاء القاعة، مع غياب أي نقاش، إذ لم يدل أحد بأي تعليق. وبعد أربعة أشهر وأنا أواصل إثارة تساؤلات حول تقارير البعثة المعيبة، باحت لي السيدة عايشتو ميندادو، القائمة بأعمال رئيس يوناميد في ذلك الوقت- باحت لي في رسالة مكتوبة بأن "شخصين أو ثلاثة أشخاص اختطفوا البعثة"....هناك الكثير من التلاعب وهؤلاء الأشخاص لهم أجندات أحيانا لا تتماشى مع ولاية البعثة، ولا مع مصلحة أهل دارفور." وكشفت ميندادو أن جميع المعلومات الواردة من البعثة تم التلاعب بها وتحويرها، وأن هذا الأمر لا تتفق معه، وقالت إنها كانت تبذل قصارى جهدها لمعالجته.
ومع مرور الوقت أصبح من الواضح ان الكذب، والكتمان، وأنصاف الحقائق لا تقتصر على بعثة اليوناميد في دارفور، بل إنها تشمل إدارة عمليات حفظ السلام، وبعض وكالات الأمم المتحدة، وحتى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون. وتقرير بان بشأن دارفور الذي يغطي الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2012 (S/2012/771) تجاوز ذكر حقيقة الهجوم على طويلة. كما أنه لم يسع إلى تنبيه مجلس الأمن إلى حملة القصف المكثفة للحكومة السودانية التي قتلت أعدادا كبيرة من المواطنين في دارفور، بما في ذلك أكثر من 100 مدني في منطقة هشابة وحدها.
والأكثر إثارة للقلق في هذا التقرير هو أن بان أرجع مقتل مدني واحد وجرح ثمانية آخرين في الخامس من سبتمبر بالقرب من بلدة كتم إلى "تبادل لإطلاق النار بين الحكومة وقوات الميليشيات المسلحة العربية". والحقيقة هي أنه لم يكن هناك تبادل لإطلاق النار، أو معركة. فقط أن الذي حدث هو أن جماعة من المواطنين العزل كانوا يستقلون شاحنة إلى مدينة كتم. وقد اوقفت "المليشيات العربية" الشاحنة، وأطلقت عليهم النار وقتلت وجرحت بعضهم بدم بارد، وذلك أمام أعين قوات حفظ السلام يوناميد الذين التقطوا صورا لهذه الحادثة بما فيها هذا الهجوم على المدنيين.
إن شبكة الأكاذيب التي نسجتها عدد من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة في دارفور جد شاسعة. فتقارير الأمم المتحدة عن المنطقة إنتهجت أسلوبا أرويليا يقول شيئا وهو يعني عكسه. على سبيل المثال، يتم الحديث عن "الضربات الجوية" عوضا عن القصف العشوائي للمدنيين و"اشتباكات متقطعة" عوضا عن الحرب المستمرة، و" العنف القائم على نوع الجنس" عوضا عن الاغتصاب الممنهج. وبالنسبة لإشاراتهم الى القوات النظامية التابعة للرئيس السوداني عمر البشير كثيرا ما كنت أتساءل عن كيف يمكن أن يكون هناك أي شيء "نظامي" لحشد من المقاتلين الذين ينتهكون القانون، و يعملون بالاشتراك مع فرق الموت، يعني الجنجويد الذين لا يفرقون بين المدنيين والمقاتلين، يفتكون الأطفال بالقنابل، ويروعون الكبار، ويغتصبون النساء، وينهبون، ويحرقون كل ما يمكنهم حرقه.
في السياق نفسه، وربما الأكثر فظاعة هو إزالة الأمم المتحدة لكلمة "الجنجويد" من قاموسها. ففي يوليو 2004، وإستجابة للضغوط الدولية، منح مجلس الأمن الخرطوم ثلاثين يوما لنزع سلاح الجنجويد وتقديم قادتهم إلى العدالة، أو مواجهة "مزيد من الإجراءات ". ولكن بدلا عن نزع سلاح الجنجويد تجرأ الرئيس السوداني على إدماج عدد غير محدد منهم في القوات المساعدة التابعة للحكومة، بينما واصل آخرون القتال من على ظهور الإبل والخيل، مرتدين الملابس المدنية، أو الزي العسكري. وقد حذر تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة في 30 يناير 2006 مجلس الأمن من هذه الحيلة.
ويبدو أن نية مجلس الأمن لحرمان ما يسمى ميليشيا الجنجويد من حيازة الأسلحة، من خلال اعتماد القرار 1556 (2004)، تم التحايل عليها إذ أن عددا من الميليشيات كان بالفعل جزء رسميا من أجهزة الأمن الحكومية، أو أدمجت المليشيات في الأجهزة الحكومية، وبخاصة قوات الدفاع الشعبي، واستخبارات حرس الحدود، وشرطة الاحتياطي المركزي، والشرطة الشعبية وشرطة الرحل وذلك بعد إعتماد القرار 1556."
إن الأمم المتحدة فشلت في البوح لأهل دارفور والعالم بهذه القصة. حين إدعت الخرطوم أن الجنجويد في دارفور لم يعودوا موجودين بالفعل، فلقد تظاهر دبلوماسيو الامم المتحدة بأنهم لم يروهم أثرا أيضا. فلقد تحدث مبعوث الأمم المتحدة للسودان آنذاك جان الياسون إلى رويترز في أكتوبر 2008 و قال إن الجنجويد لم تعد مجموعة واضحة المعالم. أما البعثة والأمم المتحدة فقد أخفوا أيضا كلمة "الجنجويد من التقارير والتصريحات العلنية. ومنذ نشر العملية المختلطة في عام 2008 ظهرت كلمة الجنجويد" التي وردت مرة واحدة فقط ضمن أكثر من ثلاثين تقرير بشأن دارفور، ومما لا شك فيه أنها ظهرت عن طريق الخطأ!
وعوضا عن ذلك استخدمت الأمم المتحدة عددا كبيرا من التسميات الخادعة، منها "الميليشيا العربية "،"الميليشيات الموالية للحكومة"،"الميليشيات المتحالفة مع الحكومة"،"الميليشيا القبلية العربية"،"الميليشيا القبلية"،و"الجماعات المسلحة". وكونها تفعل ذلك فإن الأمم المتحدة قد تبنت الخط الرسمي للحكومة السودانية في إلقاء اللوم عن الفظائع على صراعات القبائل والمليشيات الخارجة عن السيطرة. والحقيقة أن لا شيء يمكن أن يجعل البشير وحكومته أكثر سعادة من ذلك. فقد عرضت الأمم المتحدة ذريعة مثالية لهم ليزعموا أنهم أبرياء من الجرائم التي ارتكبت من قبل قواتهم الخاصة، في الوقت الذي يدعون في الواقع أنهم سرحوا الجنجويد.
إن تعقيدات هذه الحرب استغرقت مني شهورا لفهم مجرياتها وما تعنيه مسمياتها. ومع ذلك كان أكبر كفاحي عرض إجابات صادقة وفي الوقت المناسب للأسئلة المتزايدة الملحة من الصحافيين الذين كانوا يائسين لعدم سماع الحقيقة حول الجرائم التي ارتكبت في دارفور، وهوية مرتكبيها. وتمر اسابيع دون الإيفاء باستفسارات وسائل الإعلام، إذ لم يتم الرد عليها بشكل كاف، وإن حدث ذلك يكون رد اليوناميد غامضا. وفي حالات كثيرة يتنازل المحررون بعد تجاوز وقت الاجابة عن العديد من اسئلتهم التي تموت تبعا. وأنا أيضا أنهكت جسدي بنضالي المستمر للحصول على إجابات موثوقة وفي الوقت المناسب إلى أسئلة وسائل الإعلام.
وفي الرابع من أبريل 2013، أي ما يقرب من ثمانية أشهر من تقلدي منصبي استقلت. إذ اكتشفت أن قوات يوناميد – خلافا لادعاءاتها – لم تبذل أي جهد لمنع المتمردين العدائيين والمدججين بالسلاح من إختطاف 31 من النازحين، كانوا مسافرين تحت حراسة اليوناميد لحضور مؤتمر للنازحين يوم 24 مارس في نيالا.
بعدها لم استطع ان اتكلم نيابة عن بعثة غير قادرة على حماية المدنيين العزل، وغير قادرة عن التوقف عن الكذب حول الأحداث الجارية في الإقليم. وبينما كنت أستعد لمغادرة البعثة بعد بضعة أسابيع، تجلى السر وراء تشويه الأمم المتحدة اللفظي المفضل للحقائق، وأعني بذلك السر وراء استخدام عبارة " معتدين مجهولي الهوية" لوصف من يهاجم قوات يوناميد. ففي ليلة 18-19 أبريل 2013 تعرضت قوات اليوناميد إلى هجومين في غضون أربع ساعات في مدينة مهاجرية (في شرق دارفور) من قبل قوات الحكومة السودانية. أسفرت المعركة الطويلة عن وفاة أحد جنود حفظ السلام وضابط سوداني. وفي الصباح الباكر الذي أعقب وقوع الحادث اقتحم الملازم إبراهيم أبو بكر عبدالله، يرافقه بعض الجنود، مقر يوناميد، وهناك هدد بشن هجوم آخر في حال فشل البعثة في دفع الدية مقابل قتل يوناميد لأحد ضباطه.
وبناء على نصيحة من كارين تشالين، رئيس الأركان بالبعثة، وبدعم من رئيس قسم الاتصالات والإعلام، مايكل ماير، قرر رئيس يوناميد الجديد محمد إبن شمباس تشويه هذه الحقائق. لقد أصدر بيانا تطرق إلى الهجوم الثاني فقط ، حول الجناة التابعين للحكومة إلى "مهاجمين مجهولي الهوية" وتم طمس كل الحقائق التي تثبت مسؤولية جنود الحكومة عن الهجوم – هذا على الرغم من إعرابي عن قلقي إزاء هذا التقرير غير الدقيق والناقص الذي يضلل الحقائق، بما قد يشكل انتهاكا للسياسة الإعلامية للأمم المتحدة.
وفقا لهذا تركت دارفور ثم كتبت تقريرا نهاية مهمتي في 11 مايو 2013، والذي فصلت فيه أسباب استقالتي وطلبت من إدارة عمليات حفظ السلام النظر في انتهاكات يوناميد للسياسة الإعلامية للأمم المتحدة. ولكن تم تجاهل ندائي، وفي يوم 30 اغسطس طلبت رسميا من مكتب خدمات الرقابة الداخلية للأمم المتحدة فتح تحقيق حول العديد من الأكاذيب والتضليل الذي وثقته.
وقد أجابت الأمم المتحدة على طلباتي بصمت مطبق. وبعد فشلي في ملاحقتها من أجل التحقيق عما أثرته قررت وضع هذه المسألة أمام الرأي العام عن طريق تسريب الوثائق التي تظهر ما قامت به الأمم المتحدة من تستر. وبما أنه من الأرجح ألا تقوم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي – المنشغل بالدفاع عن مجرمي الحرب أكثر من حماية شعب دارفور – بالتحقيق في مخالفات خاصة بهما، فإني آمل من وسائل الإعلام، والرأي العام عموما، أن يأخذ زمام المبادرة، ويدعو الأمم المتحدة، وكذلك الاتحاد الأفريقي، لإجراء المساءلة.
إن قصدي من كل هذا ليس انتقاد الأمم المتحدة، والتي عملت لها بجد وإخلاص لسنوات، وإنما أود فقط تقديم شهادة حول كيفية التستر على الجرائم الخطيرة ضد المواطنين وقوات حفظ السلام الخاصة بدارفور، وإعادة تسليط الأضواء على دارفور. وأملي الآخر هو أن المجتمع الدولي سيوقف، في وقت قريب، المذبحة ويتوسط لسلام شامل وحقيقي لجميع ربوع السودان.
وباعتباري عربية أفريقية، ومسلمة، فإني أرفض أن اظل صامتة بينما يقتل المدنيون الأبرياء باسمي. اخترت أن أنهي مسيرتي المهنية في الأمم المتحدة لاستعادة حريتي في التحدث. لقد فقدت وظيفة فحسب، ولكن عددا لا يحصى من سكان دارفور ما زالوا يفقدون حياتهم.
* متحدثة سابقة باسم بعثة حفظ السلام المشتركة في دارفور (يوناميد)، هذا المقال نشر في مجلة (Foreign Policy) بتاريخ 9 أبريل 2014.
عبد الواحد محمد نور : ما كشفته عائشة البصري وصمة عار فى جبين الامم المتحدة وكل المتشدقين بحقوق الانسان
قال الأستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان ان ما كشفت عنه عائشة البصري المتحدثة السابقة بإسم (اليوناميد) في دارفور يشكل وصمة عار في جبين كل المتشدقين بحقوق الإنسان في العالم .
وأضاف في تصريح ل (حريات) ( ما قالته المرأة الشجاعة والإنسانة الصادقة عائشة البصري من ان الأمم المتحدة وأمينها العام وإدارة حفظ السلام وبعض وكالات الامم المتحدة العاملة في السودان والرؤساء المتعاقبين على بعثة اليوناميد في دارفور يتسترون علي ما يجري في دارفور يخرج من إطار الفضيحة ليصل إلى المشاركة في الإبادة) مضيفاً ( من سيصدق بعد الآن بان كي مون أو أوباما أو أي رئيس غربي عندما يتحدث عن حقوق الإنسان ، حقوق الإنسان أصبحت سلعة تباع وتشترى لها سماسرتها وتجارها وزبائنها ، ما تحدثت عنه عائشة وصمة عار في جبين امريكا ومجلس الأمن وكل الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان).
وقال ( ان ما ذكرته الأستاذة عائشة من ان الاتفاقية الدولية الموقعة بين الحكومة المؤتمر الوطني وقوات اليوناميد تنص على ان الحكومة هي المسؤولة عن حماية البعثة نفسها ، يجعلنا نتساءل هل هذه البعثة التي تأتي بحماية من النظام الذي يقتل المواطنين ستحمي المواطنين من بطشه ؟ ! وفعلاً كيف لبعثة تأتي تحت حماية حكومة عمر البشير ان تحمي نفسها وتحمي في نفس الوقت اهل دارفور من الحكومة ؟)
وأضاف عبد الواحد ( كان واضحاً لنا منذ البداية ان تحدي مجرم الإبادة عمر البشير للمجتمع الدولي لم يكن نتيجة شجاعة فهو لم يكن يستطيع السفر بطائرته داخل السودان لو لم يكن يعلم بتواطؤ العالم معه لإبادة أهل دارفور ) وتساءل عبد الواحد : ( لمصلحة من يتواطأ مجلس الأمن في إبادة أهل دارفور ؟ وهل هذا السلام الذي يريدوننا ان نذهب اليه ؟ أقولها بملء الفم لن نذهب للتفاوض ما لم ترجع حقوق أهلنا ويحاسب المجرمون وعلى رأسهم مجرم الحرب عمر البشير ).
وأضاف عبد الواحد ( أمريكا تتحدث عن حقوق إنسان وحقوق أقليات ووووالخ ، وإتضح ان هذا كله كذب ، فهي تدعم نظام الإبادة وتلعب على الشعوب المسكينة هنا وهناك بتصريحات متضاربة ومقصودة من أعضاء حكومتها) مضيفاً ( هذا عالم كاذب ).
وقال ( الذي إستغربت له ليس الصمت الامريكي أو الأوروبي أو الدولي فهذا التواطؤ ضد أهل دارفور والوقوف مع المجرم البشير ضد الضحايا وضح منذ زمن بعيد ، ولكن الذي حيرني حقيقة هو صمت منظمات المجتمع المدني السودانية التي تجعجع في الانترنت (في الفارغة والمقدودة) بينما تصمت عن إبادة أهل دارفور التي أتت بشهادة موثقة ).
وختم عبد الواحد بمخاطبة الضمير العالمي قائلاً : ( نحن لا نخاطب مجلس الأمن صاحب الضمير الميت بل نخاطب شرفاء العالم ونقول لهم اقرأوا حديث عائشة البصري لتعرفوا مقدار الظلم الذي نحن فيه ).
القسم المضرّج بالدم: كارثة الأمم المتحدة في دارفور
2014-04-12 كتبه خالد التجاني النور
بدأت القصة المثيرة للاهتمام باتصال تلقيته يوم 20 أبريل 2013 من الدكتورة عائشة البصري المتحدثة باسم البعثة المشتركة للأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي في دارفور "يوناميد" فاجأتني فيه بنبأ استقالتها من وظيفتها بسبب "تطورات في عمل البعثة أقنعتها بضرورة ترك العمل فوراً" تاركة التفاصيل عند مقابلتها بعد وصولها إلى الخرطوم قادمة من الفاشر في طريقها لمغادرة البلاد حيث أطلعتني على خفايا قرارها ترك منصبها بعد ستة اشهر فقط, روت لي وقائع أغرب من الخيال فضحت تستّر "يوناميد" المتعمّد على فشلها, وربما بتواطوء البعض, وعجزها عن القيام بمهمة تفويضها الأساسية لحماية المدنيين في دارفور.
عرفت الدكتورة عائشة البصري, التي تحمل جنسية مزدوجة مغربية وأمريكية, لأول قدومها للسودان في العام 2006 للعمل في المكتب الإعلامي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان عندما دعتني وعدد من الزملاء إلى رحلة عمل لتفقد مشروعات البرنامج الإنمائي في عدد من مناطق ولاية البحر الأحمر, وسرعان ما استرعت انتباهنا جميعاً بحماستها الطاغية للعمل, واندماجها السريع في المجتمع السوداني الذي أحبت أهله بدرجة جعلتها تتحمل المصاعب كافة التي نعرفها لتقدم أفضل ما عندها لخدمة المواطنين, وتطورت علاقة مجموعتنا تلك معها إلى صلة صداقة وتواصل طوال أربع سنوات قضتها في السودان, وغادرته لتعمل مع المنظمة الدولية في العراق, ولكن الحنين قادها مرة آخرى لقبول تحدي الصعاب والعودة مرة آخرى للسودان في أغسطس 2013 لتعمل متحدثة رسمية باسم بعثة "يوناميد".
ويبدو أن انحياز الدكتورة عائشة الذي خبرناه لبسطاء الناس من السودانيين, والإخلاص في خدمتهم من خلال خبرتها وعملها في المنظمة الدولية في مواقع مختلفة على مدار أكثرمن عقد من الزمان, أوقعها في تناقض كبير عندما حلت بالفاشر لتبدأ مهمتها بكل حماسة وتوثب لتكتشف خلال أسابيع قليلة أنها دخلت إلى عش الدبابير, وأن دورها سيتحول من التحدث عن حقائق الأوضاع الإنسانية الكارثية بسبب تفشي أنواع العنف كافة من الأطراف المختلفة التي يدفعها ثمنها مواطنو دارفور المغلوبون على أمرهم, إلى المشاركة في التستّر على حقيقة الوضع الذي يقوده بعض النافذين في البعثة الدولية المشتركة التي أرسلت بتفويض أساسي هو حماية المدنيين لتتحول من شاهدة بالحق, ليس إلى متفرجة على مأساتهم وحسب, بل كذلك متستّرة على الحقائق.
عندما جلست إلى الدكتورة عائشة عشية مغادرتها الخرطوم وسمعت منها بما يذهل عن خبايا وخفايا ما يدور في بعثة يوناميد وينافي مهمة تفويضها وهو الأمر الذي جعلها تستقيل, لم استغرب ما قالت فقد حدثتني بالوقائع والوثائق من شاهد من أهلها أكّد ما أوردته في مقال كنت نشرته قبلها أسابيع قليلة بعنوان "دارفور .. المأساة التي فضحت الجميع", وكان مما ورد فيه " عشر سنوات انقضت وجرح دارفور الأليم لا يزال ينزف، يقطر دماً وأسًى ويخلف مأساة لا أحد يعلم متى تنتهي، أو متى تنقضي عذابات ما لا يحصى من مواطنين ضعفاء لا حول لهم ولا قوة وقد أصبحوا وسيلة وأداة سهلة لتحقيق أجندة ومصالح أطراف محلية وإقليمية ودولية، يدفعون من أرواحهم ومن دمائهم ثمن أن تظل الحرب تجارة رابحة لسياسيين متعطشين للسلطة، بلا وازع من ضمير أو إنسانية. ولولا أنها أطراف متعددة مختلفة، ومتباينة الأجندة، لما ساور المرء شك أن هناك ثمة تواطؤ دولي وإقليمي ومحلي هو الذي أدخل، في حالة توافق فريدة وغريبة، أزمة دارفور في ثلاجة التجميد السياسي".
وورد فيه أيضاً نصاً " أما المجتمع الدولي والإقليمي، لا سيما كبار لاعبيه، فلعل مأساة دارفور فضحته بأكثر مما فعلت مع كل هذه الأطراف مجتمعة، فقد تمخَّضت كل تلك الضجة المثارة عن قضية دارفور عن جعجعة بلا طحين عشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي ثبت أنها لا حققت أمناً، ولا بسطت سلاماً، ولا فرضت عدلاً، عشر سنوات ومواطنو دارفور من المنكوبين يرون عشرات الآلاف من قوات حفظ سلام مزعوم لا وجود له أصلاً، عاجزة عن حماية نفسها، دعك من حماية من أرسلت لنجدتهم، أكثر من عشرة مليارات دولار أنفقت على مدار السنوات الماضية باسم الأمن والسلام في دارفور، وكانت النتيجة إبقاء نيران الحرب متقدة، تغير لون قبعات الجنود بعد جدل عقيم فتغير كل شيء إلى الأسوأ، تزداد معاناة المواطنين البسطاء فترتفع تصريحات المبعوثين الدوليين علواً، ويقدم الأمين العام للأمم المتحدة التقرير تلو التقرير حتى غدت مسألة دارفور مع كل الضجة التي رافقتها مجرد حدث بيروقراطي يعتاش باسمه الموظفون الدوليون". تحدث المجتمع الدولي عن أهمية تحقيق العدالة وحرك آليات المحكمة الجنائية الدولية ثم تبيَّن أنها لم تكن أكثر من مجرد وسيلة ضغط على النظام في الخرطوم تجعله أكثر طوعاً تحت طائلة الخضوع المستمر لمصالح ومآرب الدول الكبرى تحقق من خلالها أجندتها المتحركة بثمن زهيد لا يكلفها شيئاً ". علّقت الدكتورة عائشة يومها على هذا المقال في رسالة "شكراً على المقال البليغ والتحليل الصائب لمحنة أهل دارفورالتي يتحمل مسؤوليتها الجميع بدون استثناء, وأرجو ألا تكون هذه الذكرى مجرد جعجعة إعلامية أخرى يعود العالم بعدها إلى صمته على هذه المأساة الإنسانية".
ولكن ما حدثتني عنه عائشة يومها كان فوق توقعاتي كنت أظن أن فشل بعثة يوناميد يعود إلى عجز في أداء مهمتها لأسباب لوجستية, ولكن لم يدر بخلدي أبداً ان يكون وراء الأمر تستّر متعمّد, أوردت وقائع حول حوادث انتهاكات محددة تعرض لها المدنيون في بعض مناطق دارفور دون التدخل المفترض من حفظة السلام, وعندما لم تجد تفسيراً لذلك نقلت قلقها بهذا الشأن مع أحد قادة بعثة يوناميد أصيبت بصدمة عندما رد عليها اللواء "و. ك" مقللاً من شأن ما يحدث بقوله "على قوات يوناميد أحياناً أن تخفي الحقيقة, عليك أن تعرفي أنه يتعين علينا أحياناً أن نتعامل كدبلوماسيين", ومضي ليضيف قائلاً "لا يمكننا قول كل ما نشاهده في دارفور".
ومما روته عائشة تلك الحادثة الشهيرة التي التي تعرّض فيها مجموعة من النازحين كانوا في طريقهم إلى مؤتمر النازحين على متن ثلاث حافلات في موكب حراسة تابعة لبعثة يوناميد إلى الاختطاف من قبل إحدى المجموعات المسلحة التي يعج بها الإقليم, ففي مساء يوم 24 مارس 2013 استوقفت مجموعة مدججة بالأسلحة على متن شاحنتين الموكب واقتادت الحافلات الثلاث بركابها النازحين إلى معقل الحركة الرافضة لمحادثات السلام حيث أوسعتهم ضرباً ونهباً, المثير في الأمر أن قوات يوناميد المفترض بها حماية هؤلاء النازحين وقفوا يتفرجون على اختطاف النازحين المكلفين بحراستهم, فقد ذكر قائد قوة الحراسة الملازم (ب. ن) أمام لجنة تحقيق أنهم حاولوا منع المسلحين من اختطاف النازحين, غير أن سائقي الحافلات المخطوفة, وبعض النازحين المخطوفين الذي أطلق سراحهم لاحقاً أبلغوا لجنة التحقيق أن ما جرى بالفعل هو عملية تسليم وتسلم بين القوة المكلفة بحمايتهم والمجموعة المسلحة, وقال البعض أنهم شاهدوا بعض جنود يوناميد يؤدون التحية للمختطفين. كانت عملية الاختطاف الجماعي التي تعرض لها أولئك النازحون المشاركين في ذلك المؤتمر, التي تواطأت الأمم المتحدة في الصمت عليها ولم تكشف عن ملابساتها إعلامياً, قد شكلت ضربة مهينة أفصحت عن مدى تراجع بعثتها لحفظ السلام عن القيام بمهمتها في حماية مدنيين كانوا تحت حراسة جنودها.
ومن أخطر إفادات عائشة البصري ما ورد في تلك المرسلات المتبادلة على البريد الإلكتروني بينها والسيدة عايشاتو مينداوودو التي تولت قيادة البعثة لفترة انتقالية بين بين المبعوث السابق السيد قمباري والحالي السيد محمد بن شمباس, فقد أقرت بصورة خاصة أن المعلومات المتعلقة بالهجمات على المدنيين تتعرض للتلاعب والتحوير فيها بواسطة اثنين من الموظفين الدوليين التابعين للبعثة "اختطفا عملية كتابة تقرير يوناميد" على حد تعبيرها. أحدهما من جنسية إحدى الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وأضافت أن هناك "الكثير من الألعاب التي تجري من قبل أطراف لديها أجندة مختلفة تخدم أغراضاً لا هي من أجل تفويض يوناميد ولا من أجل مواطني دارفور".
وروت الدكتورة البصري أن تقارير داخلية كشفت أن بعض الدول المشاركة في مد البعثة بالجنود والعتاد, خاصة من إفريقيا, تتربّح من ذلك بإرسال جنود غير مدربين, وبعتاد متهالك, في وقت أحجمت فيه الدول المقتدرة عن مدّ البعثة بالآليات والتجهيزات التي تساعد على أداء مهامها.
كانت هذه مجرد عينات لمعلومات موثقة كشفتها الدكتورة عائشة البصري عند لقائي بها في مثل هذه الأيام من العام الماضي عن خبايا وكواليس مجريات الأمور في البعثة المشتركة للأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي في دارفور, وآثرت عدم نشر وقائع هذه القضية المثيرة حينها نزولاً عند رغبتها من أجل المزيد من التحقق ورفع الأمر إلى الجهات المعنية والأجهزة المختصة في الأمم المتحدة قبل إطلاع الرأي العام الدولي والمحلي عليها, وها أنذا أنشر مقتطفات عامة من هذه القضية الخطيرة بعدما أبلغتني الدكتورة عائشة أن مجلة فورين بوليسي الأمريكية ذائعة الصيت شرعت في نشر تحقيق مطول على ثلاث حلقات معتمدة على أكبر عملية تسريب لآلاف الوثائق السرية في تاريخ عمليات حفظ السلام الدولية, وتتضمن المراسلات الإلكترونية الداخلية لبعثة يوناميد, وتقارير شرطتها, والتحقيقات الداخلية, والبرقيات الدبلوماسية التي من شأنها تعضيد الاتهامات التي وجهتها للبعثة الدولية.
"من الإنصاف القول إن حفظة السلام في بعثة يوناميد فشلوا إلى درجة كبيرة في حماية المدنيين في دارفور, وأن وجودها لم يمنع الهجمات عليهم من قبل أطراف الصراع المختلفة" كانت هذه الكلمات من ضمن التقرير الذي قدمته عائشة البصري في ختام مهمتها بعد استقالتها احتجاجاً, واضافت "في بعض الأحيان يقفون عاجزين يتفرجون على الهجمات والاعتداءات على المدنيين, وبعضها يقع بالقرب من تمركز فرق يوناميد".
والواقع الإنساني المأساوي الذي تعيشه دارفور اليوم يغني في الحقيقة عن آلاف الوثائق الفاضحة لهذا العجز والتواطؤ الذي تعرض له البسطاء من مواطني دارفور الذي عز عنهم النصير فلم يجدوه لا من بني جلدتهم، ولا من بني وطنهم، ولا من المجتمع الدولي الذي تبين ان كباره يتاجرون أيضاً بقضيتهم. فبعد ثمانية سنوات من نشر بعثة يوناميد, وصرف أكثر من اثني عشر مليار دولار عليها, ما هي النتيجة, تواصل القتل المجاني واتسع نطاقه, وتزايدت أعداد النازحين بمئات الآلاف, واضطرب الوضع على نحو غير مسبوق حتى بمعيار أيام الحرب لأول أمرها, صحيح أن الفرقاء السودانيون المحليون, في المركز وفي الإقليم, يتحملون المسؤولية بالدرجة الأولى عما يحدث, ولكن ذلك لا يبرر أن يواصل المجتمع الدولي إعطاء أمل كاذب لحماية المدنيين بالسماح لاستمرار بعثة يوناميد بعد كل هذا الفشل الذي لا يحتاج إلى دليل, وكل هذه الأموال المهولة التي أنفقت على البعثة.
ايلاف
مقال عائشة البصري علي فورين بوليسي
We Can't Say All That We See in Darfur
A former spokesperson reveals the web of lies, half-truths, and omissions that the United Nations has built in Darfur.
BY AICHA ELBASRI APRIL 9, 2014
Nearly five years ago, Rodolphe Adada, the first chief of the African Union-United Nations Mission in Darfur, known as UNAMID, misled the world by declaring that the devastating war in the western region of Sudan was over. Many people objected to his claim. I did not. Back then I was one of the people who had thrown dust in their own eyes so as to see no evil in Darfur beyond an age-old conflict between farmers and nomads.
In this state of denial, I went on with my U.N. career until I took on the post of the UNAMID spokesperson in Darfur in 2012. My early exposure to the horrors occurring under Darfur's harsh sun made me feel as if I were walking out of Plato's cave. I struggled against my own denial, and over time I was compelled to see the truth that a horrible war on civilians was being hidden from the world.
It was on Aug. 25, only nine days after I set foot in Darfur, that I received a call from a journalist from the Washington-based Radio Afia Darfur inquiring about reports of clashes in the Tawila area of North Darfur. My subsequent request for information from UNAMID officials received the reply, "According to team sites commanders (military and police), the situation in Tawila locality is calm. Yesterday they observed SAF [Sudanese Armed Forces] and Arab militias moving toward the south." I went back to the journalist with the "situation is calm" line; it would prove to be a lie I unwittingly conveyed.
Soon thereafter, UNAMID deployed a verification mission to Tawila. It established beyond doubt that during Aug. 24-27, Sudanese government forces aboard more than 150 military vehicles attacked four villages mainly inhabited by Zaghawa and Fur ethnic groups on the suspicion that they supported Darfur's insurgents. The soldiers raped several women, assaulted men and children, looted, and destroyed many farms.
The local population alerted UNAMID on Aug. 26 to the attack, which was forcing thousands of civilians to flee their homes. But the peacekeepers didn't rush to protect them. They waited four days to leave their base to patrol the villages, which were only about 12 miles away.
Tawila was the first of the many systematic U.N. failures I managed to document. It exemplifies how UNAMID lied to the media and failed to protect, or in some cases even make an effort to protect civilians in the region.
As I was trying to make sense of what had happened in Tawila, I asked the deputy force commander of UNAMID, General Kisamba Wynjones, why the peacekeepers did not report and closely monitor the government forces' joint movement with the "Arab militias" -- which in the U.N.'s jargon means the infamous Janjaweed. He answered, "Sometimes we have to behave like diplomats. We can't say all [of] what we see in Darfur."
Kisamba stopped there, giving no further explanation as to the reasons for his position.
His statement shook me to the core -- and I repeated it in a meeting of senior advisors that Kisamba himself attended. I recall the awkward silence that filled the room and the absence of any debate on Kisamba's words, or even any comment.
Four months later, as I continued to raise questions about the mission's flawed reporting, Aichatou Mindadou, the acting chief of UNAMID at the time, confided to me in writing that the mission had been "hijacked by 2 or 3 people.... A lot of games are being played and people have different agenda[s]" that were "not every time in line neither with the mission's mandate nor with the sake of the Darfuris." She also revealed that all the information coming from the mission was "manipulated," something she didn't agree to and was doing her best to address, she said.
Over time, it would become clear that the lies, omissions, half-truths, and disinformation about Darfur weren't limited to UNAMID. They certainly extended to the Department of Peacekeeping Operations, some U.N. agencies, and all the way up to U.N. Secretary-General Ban Ki-moon. Ban's report on Darfur covering the July-September 2012 period (S/2012/771) kept quiet about the Tawila attack. It also stopped short of alerting the U.N. Security Council to the Sudanese government's intensifying bombing campaign that was killing great numbers of civilians in Darfur, including over 100 in the Hashaba area alone.
Even more disturbing in this report is Ban's attributing the killing of one civilian and the wounding of eight others on Sept. 5 near the town of Kutum to "the crossfire of a firefight between armed Arab militia and Government regular forces." The truth is that there was no crossfire and no firefight, only defenseless civilians peacefully traveling to Kutum in a truck who were stopped and shot in cold blood in front of UNAMID peacekeepers by "Arab militia." The peacekeepers looked on and took photos of the assault.
***
The web of lies that various parts of the United Nations has woven about Darfur is vast.
The web of lies that various parts of the United Nations has woven about Darfur is vast. Orwellian doublespeak deliberately disguises reality and distorts words. U.N. reports on the region, for instance, typically and euphemistically use "air strikes" for indiscriminate bombing of civilians, "sporadic clashes" for continuous war, and "sexual and gender-based violence" for systematic rape. As for their references to Sudanese President Omar al-Bashir's "regular forces," I often wondered how there could be anything "regular" about the hordes of fighters who operate lawlessly and jointly with the Janjaweed death squads. They make no distinction between civilians and combatants, bomb children and terrorize adults, rape women, and loot and burn everything they find to the ground.
In the same vein, perhaps most egregious is the U.N.'s removal of the word Janjaweed from its vocabulary. In July 2004, facing international pressure, the Security Council gave Khartoum 30 days to disarm the Janjaweed and bring their leaders to justice, or face "further actions." But far from disarming the Janjaweed, al-Bashir brazenly integrated an unknown number of them into Sudan's armed auxiliary forces. (Others continued to fight on camels and horseback, in fatigues or civilian clothing.) The U.N. panel of experts' report of from Jan. 30, 2006 (S/2006/65) warned the Security Council of this ruse:
It appears that the Security Council's intent to deny arms to the so-called Janjaweed militia, through the adoption of resolution 1556 (2004), was circumvented by the fact that many of the militias were already formally part of the Government security organs or were incorporated into those organs, especially the Popular Defence Force (PDF), the border intelligence guard, the central reserve police, the popular police and the nomadic police, after the adoption of the resolution.
Yet the United Nations failed to tell the people of Darfur and the world this story. While Khartoum claimed that the Janjaweed no longer existed in Darfur, U.N. diplomats pretended they did not see them either. Speaking to Reuters in October 2008, then-U.N. Sudan envoy Jan Eliasson said that "the Janjaweed were no longer a discernible group." The mission and the United Nations also purged public reports and statements of any mention of the Janjaweed. Since the deployment of UNAMID in 2008, only one mention of the word Janjaweed has appeared in the more than 30 reports Ban has issued on Darfur, undoubtedly by mistake (S/2008/400).
Instead, the United Nations has used a plethora of deceptive labels: "Arab militia," "pro-government militia," "government-allied militia," "Arab tribal militia," "tribal militia," and "armed groups." In so doing, the United Nations has espoused the Sudanese government's official line that blames all the atrocities on inter-tribal conflicts and out-of-control "militias." Nothing could make al-Bashir and his government happier. The United Nations has offered them the perfect pretext to claim they are innocent of the crimes committed by their own forces, while also claiming that they have, indeed, disbanded the Janjaweed.
***
It took me months to understand the intricacies of this war and what all the labels meant. However, my biggest struggle was offering honest and timely answers to the increasing questions from journalists who were desperate to hear the truth about the crimes being committed in Darfur and the identity of the perpetrators. Not a week went by without media queries going deliberately unanswered or inadequately answered by UNAMID. Many senior advisors would either keep quiet or give vague replies. In most cases, reporters would give up after they missed deadlines, and their questions would die a quiet death. I, too, was exhausted by my constant struggle to get credible and timely answers to the media.
On April 4, 2013, nearly eight months into my post, I resigned. I had discovered that UNAMID troops -- contrary to their claims -- did not make any effort to stop hostile and armed insurgents from abducting 31 displaced people who were traveling to a refugee conference under their escort on March 24. I could no longer speak on behalf of a U.N. mission that is incapable of protecting defenseless civilians and can't stop lying about it.
As I was preparing to depart a few weeks later, the mystery behind another favorite verbal distortion of the United Nations -- the use of the phrase "unidentified assailants" to describe people who attack UNAMID troops -- began to unravel. On the night of April 18-19, UNAMID troops were attacked twice within four hours in Muhajeria (in east Darfur) by Sudanese government forces. The long firefight resulted in the death of one peacekeeper and one Sudanese officer. Subsequently, in the following early morning, Sudanese Lieutenant Ibrahim Abu-Bakr Abdallah, accompanied by hostile soldiers, bullied his way into the UNAMID compound and threatened to launch another attack if the mission failed to pay blood money for killing his officer.
Under the advice of Karen Tchalian, the mission's chief of staff, and supported by the head of the Communications and Public Information Department, Michael Meyer, the new UNAMID chief, Mohamed Ibn Chambas, opted to distort these facts. He issued a statement that mentioned only the second of the two attacks, turned the government perpetrators into "unidentified assailants," and suppressed all facts attesting to the government soldiers' responsibility for the attack -- this despite my having voiced concern about such incomplete and inaccurate public reporting, which could very well constitute a violation of the U.N.'s public information policy.
***
On this final, disturbing note, I left Darfur. On May 11, 2013, I wrote my end-of-mission report, detailing the reasons for my resignation and asking the Department of Peacekeeping Operations to look into UNAMID's breaches of the U.N.'s pubic information policy. My appeal was ignored, so on Aug. 30, I formally requested the U.N. Office for Internal Oversight Services to open an investigation into the many lies and the disinformation I had documented.
The United Nations has answered my requests with deafening silence. Having failed to get the United Nations to investigate the situation, I have decided to put the matter in the hands of the public by sharing documents that show what the United Nations has done and how it has lied. Since the United Nations may never investigate its own wrongdoing, and the African Union is more concerned with shielding war criminals than protecting the people of Darfur, I hope the media and the general public will take up the challenge and call the United Nations, as well as the African Union, to account.
My intent is not to lash out at the United Nations, which I diligently served for years. I simply wish to provide testimony on how the organization has been covering up grave crimes against civilians and its own peacekeepers, and to bring Darfur back into the media spotlight. My hope is that, soon, the international community will stop the carnage and broker a genuine, comprehensive peace for all of Sudan.
As an Arab-African Muslim, I refuse to remain silent while innocent civilians are being killed in my name. I chose to end my U.N. career to regain my freedom to speak out. I have only lost a job; countless Darfuris are still losing their lives.
ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
RELATED STORIES
http://www.foreignpolicy.com/article...united_nations


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.