اعتبر وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الخميس أن شن هجوم عسكري على إيران ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة، دون أن يؤدي حتما إلى وقف البرنامج النووي الإيراني، بينما وصف البيت الأبيض تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير عن هذا البرنامج بأنه "ينذر بخطر شديد". ففي واشنطن قال بانيتا خلال مؤتمر صحفي إن شن هجوم عسكري على إيران لن يؤدي في أحسن الأحوال إلا إلى تأخير برنامجها النووي لثلاثة أعوام، وبالتالي يجب أن يكون هذا الحل هو "الدواء الأخير"، مشددا على أن الخيار الأمثل هو أن يفرض المجتمع الدولي "أقسى العقوبات" على إيران. وأضاف "على المرء أن يحذر من العواقب غير المحسوبة.. هذه العواقب يمكن أن تكون بينها ليس فقط عدم ردع إيران عما تريد فعله، ولكن الأهم أنه قد تكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة وتداعيات خطيرة على القوات الأميركية في المنطقة". وأكد وزير الدفاع الأميركي أنه يشاطر رأي سلفه روبرت غيتس الذي أكد مرارا أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية لن يؤخر البرنامج النووي الإيراني أكثر من ثلاث سنوات في أفضل الأحوال. وقال "بالنسبة إلى عمل (عسكري) ضد إيران، أعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال اليوم بنفسه إن هذا يجب أن يكون آخر الدواء، ونحن نشاطره هذا الرأي". وفي تقرير نشر الثلاثاء أبدت الوكالة الذرية "مخاوف جدية" بشأن وجود "بعد عسكري" سري للبرنامج النووي الإيراني، وذلك استنادا إلى معلومات بحوزتها قالت إنها "جديرة بالثقة". بدوره وصف البيت الأبيض الخميس تقرير الوكالة بأنه "ينذر بخطر شديد"، مؤكدا أن واشنطن ستواصل الضغط على طهران "لتغير سلوكها". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني "سيحتاجون إلى تصحيح وضعهم مع العالم والوفاء بالتزاماتهم بالنظر إلى برنامجهم النووي.. سنواصل متابعة ذلك في أعقاب هذا التقرير الذي ينذر بخطر شديد". مفاوضات من جهته أيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إجراء مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني بدل اللجوء إلى القوة، وذلك بعد نشر تقرير الوكالة الذرية الثلاثاء. وقال مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان إن الأمين العام جدد الإعراب عن قناعته بأن الحل التفاوضي لا الحل العسكري هو الرد الوحيد على ذلك. وأوضح المتحدث أن بان لفت "بقلق شديد إلى المعلومات التي تقول إن إيران بدأت أنشطة تدل على احتمال أن يكون لبرنامجها النووي بعد عسكري"، مضيفا أن الأمين العام أشار إلى أنه تقع على إيران مسؤولية إثبات الطابع السلمي لبرنامجها النووي. وفي تقريرها الأخير، أبدت الوكالة الذرية "مخاوف جدية" مما يتضمنه برنامج إيران النووي مستندة إلى معلومات قالت إنها "موثوقة"، مشيرة إلى أن طهران عملت على إنتاج السلاح الذري. وقد حرك مسؤولون إسرائيليون في الأيام الأخيرة التهديد بشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية. وقال المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية علي خامنئي الخميس إن بلاده "سترد بكل قوتها" على أي عدوان أو حتى تهديد عسكري من جانب الولاياتالمتحدة وإسرائيل. إيران تنفي وقد نفى علي باقري كياني نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الخميس عزم بلاده تطوير برنامج نووي عسكري. وقال في تصريح للصحفيين في العاصمة الروسية موسكو "إن الاتهامات الزاعمة بأن إيران انحرفت عن الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي لا يمكن إثباتها". ووصف باقري التقرير الجديد للوكالة الذرية بأنه تقرير "مسيس لا يطابق معايير" الوكالة، وقال إن طهران تعتقد بأن جميع الوثائق التي يستشهد بها التقرير "كاذبة تم تلفيقها" في الولاياتالمتحدة. وأضاف أن روسيا والصين تدعمان رأي إيران بشأن الطابع "السياسي البحت" للتقرير الأخير للوكالة الذرية. وقالت موسكو إنها لم تطلع بعد على التقرير بالكامل، لكن من "القراءة الأولى" لا يتبين أن هناك "أي شيء جديد"، وأن الأمر مجرد "تجميع لمعلومات معروفة فسرت بطريقة سياسية". عقوبات أوروبية في هذه الأثناء أفادت مصادر دبلوماسية الخميس بأن الاتحاد الأوروبي يعد مجموعة جديدة من العقوبات ضد النظام الإيراني وبرنامجه النووي المثير للجدل، لكن لن توضع على الأرجح اللمسات الأخيرة على هذه العقوبات قبل حلول اجتماع وزراء الخارجية الاثنين المقبل. ودعت لندن وباريس إلى فرض "عقوبات جديدة وقوية" بعد نشر تقرير الوكالة الذرية، في حين استبعدت موسكو وبكين هذا الاحتمال. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين أوروبيين الخميس أن وزراء الخارجية الأوروبيين قد يبحثون فرض عقوبات جديدة ضد إيران أثناء اجتماع لهم يوم الاثنين المقبل في بروكسل. وقالت مصادر دبلوماسية إن من الخيارات المطروحة عقوبات تستهدف البنك المركزي الإيراني أو عائدات إيران النفطية. رفض صيني روسي وفي المقابل عبرت الصين وروسيا عن رفضهما تشديد العقوبات على إيران بعد صدور تقرير الوكالة الذرية عن احتمال أن يكون للبرنامج النووي الإيراني وجه عسكري. فقد أكد المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي في إفادة صحفية الخميس أن فرض مزيد من العقوبات على إيران لا يمكن أن يقدم حلا "جوهريا" للأزمة النووية الإيرانية، خاصة بعدما دعا قادة غربيون إلى توسيع نطاق هذه العقوبات. وحذر هونغ من وقوع اضطرابات في الشرق الأوسط إذا تم اتخاذ إجراء بشأن برنامج إيران النووي، لكنه أحجم عن التعقيب على احتمال فرض عقوبات جديدة بعد تقرير الأممالمتحدة. من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أن تقرير الوكالة الذرية "لا يحتوي على أية معلومات جديدة، وأن معديه تلاعبوا بالوقائع" لخلق انطباع بأن للبرنامج النووي الإيراني مكوناً عسكرياً. وأضاف أن هذا الأسلوب يكاد أن لا يُسمى مهنياً أو غير متحيّز. واعتبرت الخارجية الروسية أن تقرير الوكالة يقوض الجهد الدولي الرامي إلى نزع فتيل التوتر المحيط بالبرنامج النووي الإيراني، ويدينها من دون سبب. وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد أعلن عزم بلاده الاستمرار في برنامجها النووي رغم الضغوط التي تتعرض لها، واصفا "المزاعم الأميركية" التي استند إليها تقرير الوكالة الذرية بأنها "باطلة".