دعوة إطلاق الحريات التى أعلنتها الرئاسة السودانية كانت إختباراً صعباً لأجهزة الامن والشرطة بولاية البحر الأحمر وإكتشاف مدى قدرتها على التعاطى مع هذا المناخ، لاسيما أن الولاية ظلت خلال الفترة الأخير تعج بالعديد من القضايا السياسية والخدمية التى إستطاعت أن تجذب تفاعل الشارع العام. ويرى كثير من المراقبين والناشطين السياسيين لمجريات الأحدث بالبحر الأحمر أن السلطات الامنية بالولاية فشلت تماماً فى الإختبار الذى تعرضت له عن إمكانية التعاطي مع (مناخ الحريات) وبرهنوا على ذلك بالإنتهاكات التى شهدتها مدينة بورتسودان مؤخراً. وتدخلت أجهزة الامن والشرطة لفض العديدة من الانشطة الجماهيرية بالولاية خلال الاسبوعيين الماضيين، منها مسيرة إحتجاجية سلمية رافضة لقرار تجفيف عدد من مدارس بورتسودان الذى أصدرته حكومة الولاية، وحرمت بعض الأحزاب من التصديق بقيام ندوات عامة، بالإضافة إلى منع مجموعات مناوئة لوالى الولاية محمد طاهر ايلا من التعبير عن رأيها فى بورتسودان وإعتقال عدد من الناشطين السياسيين تحفظياً فى بلدة هيا خلال زيارة الوالى لها. وتقول رئيسة حزب التحالف السودانى بالبحر الأحمر غادة عثمان " إن التجاوزات التى حدثت من قبل الشرطة فى شرق السودان تؤكد أنه ليس هنالك وجود للحريات التى يتحدث عنها المؤتمر الوطنى، وأن الحديث عنها مجرد محاولة لكسب الوقت ". وفى تعليقها على تفريق الشرطة لمسيرة سلمية كان قد دعا لها حزبها قالت عثمان ل (الطريق) " لقد كان رد فعل الشرطة بإستخدام العنف ضد المسيرة مبالغ فيه، وكنا نتوقع أن تأتى الشرطة لحمايتنا وليس لضربنا وإعتقال عدد من عضويتنا وعضوية الهيئة الشعبية للدفاع عن المدارس وتلفيق التهم ضدهم ". وأضافت " حينما ذهبنا لإستفسار الشرطة عن ماحدث قالوا لنا أنكم بالفعل قمتم بإخطارنا لكننا لم نعطكم الإذن بنتظيم التظاهرة فى الوقت الذى يتحدث فيه القرار الجمهورى عن إخطار فقط للشرطة قبل (24) ساعة وليس الحصول على تصديق قد تمنحه الشرطة أو لاتمنحه ". وتسألت عثمان " لماذا تمنح الشرطة المؤتمر الوطنى الإذن لتنظيم مسيرة مؤيده للوالى تجوب شوراع المدينه وتوفر لها الحماية وتواجه مسيرات الأحزاب المعارضة بالقمع والضرب والإعتقال ؟؟ ذلك ببساطة لأن الحديث الحريات لاوجود له على أرض الواقع الذى يتحكم فيه حزب المؤتمر الوطنى " . من جهته يقول، حزب المؤتمر الشعبي الذى إنخرط فى الحوار الوطنى الذى دعا له الحزب الحاكم، أن المشهد السياسي فى الولاية ليس مهيأ لإدارة حوار مع القوى السياسية المعارضة وأنتقد تعامل سلطات الأمن والشرطة مع الأحزاب مشيراً إلى أنها لاتزال بعيدة عن مناخ الحريات الذى بشرت به رئاسة الجمهورية وذلك على خلفية حرمان الحزب من التصديق لندوة عامة بنادى الخريجين ببورتسودان. ووصف أمين الإتصال السياسى بالحزب يوسف فائز الواقع السياسى بالمظلم بسبب تعنت أجهزة الشرطة ولامبالاتها وقال " لقد تقدمنا بطلب للشرطة للتصديق بندوة حول قضية تجفيف المدارس ببورتسودان يوم 13 مايو، لكن إدارة الشرطة ظلت تماطلنا حتى اليوم الاربعاء 12 مايو دون إعطاؤنا التصديق بإقامتها " وأضاف فائز " لقد تنوعت أشكال المماطلة تارة بطلب التصديق من شرطة المحلية وتارة من رئاسة شرطة الولاية ثم اللجنة الأمنية بالولاية ولم يتم تسليمنا أى تصديق بالسماح بإقامة الندوة ". فى بلدة هيا جنوبى غرب مدينة بورتسودان قامت السلطات الأمنية بإعتقال عدد من الناشطين السياسيين تحفظياً، وذلك قبل زيارة قام بها والى الولاية محمد طاهر ايلا للمنطقة ولم يتم إطلاق سراحهم إلا عقب إنتهاء الزيارة. أحد المعتقلين ويسمي محمد طاهر بلال قال ل (الطريق) " لقد تم إعتقالى وخمسة آخرون من زملائى من قبل جهاز الأمن دون وجود أى مسوغ قانوني، وفقط أرادو حرماننا من التعبير عن آراؤنا أمام الوالى حيث لم يتم إطلاق سراحنا إلا بعد مغادرته هيا ". وأضاف بلال " معارضتنا لأيلا تنبع من رفضنا لسياساته التى حرمت إنسان المنطقة من أبسط الخدمات فى الصحة والتعليم، ومحاولته لتفتيت النسيج الإجتماعى عبر المحاصصات القبلية ".