تحول الجناح السادس في مستشفى طرابلس إلى مأوى للجرحى الذين قاتلوا في صفوف العقيد الراحل معمر القذافي، وسط محاولات لرأب الصدع وإعادة دمجهم في المجتمع. وتقول صحيفة واشنطن بوست إن الثوار يحرسون أعداءهم من الجرحى الذين تغص بهم الغرف، ويعملون على ضمان أمنهم وإعادة تأهيلهم سواء من الناحية الجسدية أو السياسية. وتشير الصحيفة إلى أن العلاج المجاني والتعهد بإعادتهم إلى ديارهم ربما يقنع بعض الموالين للقذافي بأن يروا الجانب الإيجابي في الشعب الذي أُطلق عليه "الجرذان". ولا يلقي الجريح علي عبد الله العاطي (28 عاما) من إحدى قرى غرب ليبيا، باللائمة على القذافي الذي أودعه السجون نحو نصف عمره وحسب، بل على الثوار الذين يعتزمون نقله إلى تونس لإجراء عملية استبدال للعظام يعجز الطب الليبي عن تنفيذها. ويقول عبد الله العاطي إن جميع أفراد قبيلته موالون للقذافي، "فعندما دخل الثوار القرية خرج الجميع في الشوارع لقتالهم وأصبت في رجلي ولم أستطع اللحاق بمن هربوا من زملائي". وتعليقا على خشيته الانتقام لدى خروجه من المستشفى، يؤكد القائد العسكري في المستشفى حرصه على معاملة الجرحى بالحسنى. ويقول "حتى لو ظل على ولائه للقذافي، فلا بأس في ذلك"، ويضيف أن هذه الثورة قامت من أجل الحرية وهذا يعني أن "نحترم آراء الآخرين"، مشيرا إلى أن معاملتهم بالحسنى قد تقنعهم في النهاية بأن هذه الثورة جيدة. أطباء وممرضون وتلفت الصحيفة النظر كذلك إلى أن المستشفى تحول أثناء الثورة إلى مكان يشهد انقسامات عميقة في أوساط موظفيه، فبينما كان الأطباء محل اشتباه لأنهم يُعرفون بانتقادهم للقذافي، كان الممرضون والممرضات على ولاء شديد له ويقدمون معلومات عن الأطباء لقوات القذافي الأمنية. ولكن بعد الثورة، بدأت العلاقة بين الأطباء والممرضين بالتحسن، حسب ما قال طبيب الأطفال المسؤول الأمني في المستشفى صلاح كاشيدان "إننا نصفح عن الممرضين، فهم ليبيون مثلنا، ولكنهم ليسوا مثقفين". ويقول المسؤول في المستشفى كمال العنقودي إن ما جرى بالنسبة للممرضين ينطبق على الجنود الذين قاتلوا من أجل القذافي لأنهم لا يعرفون أي حقيقة سوى تلك التي ابتكرها من وضع صورته على النقود الليبية والمباني وحتى على ساعات اليد، في إشارة إلى القذافي. ويضيف العنقودي أن القذافي وهب جنوده السيارات والأموال والأسلحة فشعروا بالأهمية، ولكن المستوى التعليمي لمعظمهم لم يصل إلى الصف السادس.