في وقت لم يستبعد فيه الرئيس السوداني عمر البشير حدوث أزمة أو مواجهة بين دولته ودولة جنوب السودان بسبب منطقة أبيي، اعتبر محللون عسكريون أن الأمر "أقرب لأن يكون مجرد احتمالات أو توقعات حكومية". وبينما يرى الرئيس البشير أن تبعية المنطقة لن تحسم إلا عبر استفتاء لم يتفق على موعده بعد، يعتقد مراقبون أن صمت الجنوب وعدم مجاراته للشمال بشأن تتابع التصريحات التي تؤكد أحقية الشمال بها ربما حمل شيئا غير مرئي على الأقل في الوقت الراهن. ويبدو أن الرئيس السوداني لمس ما يمكن أن يدفع باتجاه طرح احتمال وقوع حرب بين الشمال والجنوب حول منطقة أبيي التي ما زالت معلقة بين اللحاق بالجنوب أو البقاء ضمن الدولة الأم. وكان الرئيس البشير صرح بأنه لا يستبعد وقوع حرب بين دولته والدولة الجنوبيةالجديدة بسبب تبعية منطقة أبيي المتنازع عليها. وفي المقابل لا يستبعد المحللون العسكريون تتحقق تلك الاحتمالات "وفقا لمعطيات وأسباب تكتسب قوتها من وجود قوات أجنبية غير محايدة في تلك المنطقة". مواجهة جديدة العميد المتقاعد منصور الحارث لم يستبعد حدوث مواجهة بين الشمال والجنوب بسبب تمسك كل طرف بملكية المنطقة وتبعيتها له، مشيرا إلى أن السودان نفسه معرض للتقسيم إذا لم يفطن السودانيون لما هو قادم. وقال إن أنظار الساعين لتقسيم السودان ستتجه إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور بعد نجاحهم في فصل الجنوب، معتبرا أن شرق السودان ليس بعيدا عن دخول محور الأزمة "لسعي تلك الجهات لإيجاد منافذ لتصدير ثروات الدويلات المتناحرة بطرق آمنة. وتوقع وقوع ما أسماها الكارثة الوشيكة "إذا لم تفطن الحكومة السودانية"، مؤكدا أن معالجة الأمر تكمن في استيعاب كافة القوى السياسية في لقاء جامع يضع الحلول العاجلة لمواجهة ما يمكن أن يتسبب في تشظي ما بقي من سودان. عمل سري أما الخبير العسكري الفريق منصور عبد الرحيم فلم يستبعد عمل الجنوب سرا لأجل استرداد أبيي بالقوة قبل وصول القوات الإثيوبية "ومهما حاولت القوات المسلحة فستجد نفسها أمام إدانات دولية وقوات أخرى أممية في واجهتها". وقال إن تحركا قاده المتطرفون من حكومة الجنوب لاسترداد أبيي في وقتها "لكن تم تثبيتهم" بتأخير العمل السكري لما بعد قيام الدولة الجنوبية، مشيرا إلى أن ما يتوقعه الرئيس البشير "مبني على حسابات ومعلومات أكثر". وتساءل عما إذا كان العدوان على أبيي سيتم تحت غطاء القوات الإثيوبية أم سيؤخر وصولها لحين حدوث ذلك ثم تدخل تلك القوات تحت الفصل السابع لمنع القوات المسلحة السودانية من التقدم لاسترداد المنطقة. لكنه استبعد في حديثه للجزيرة نت حدوث حرب شاملة بين دولتي الشمال والجنوب، وتوقع أن يواكب أزمة أبيي المتوقعة بعض العمليات الجانبية لشغل القوات المسلحة مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، مشككا في الوقت ذاته في صمت الجنوب عن الحديث عن المنطقة "رغم محاولاته الأولى للاستيلاء عليها".