أبيي.. نزاع فى أرض هشة الصوارمي: وجود القوات المسلحة في أبيي يأتي من واقع أن المنطقة أرض سودانية. (.....) لهذا السبب قد تؤثر مشكلة أبيي على علاقة السودان بإثيوبيا تقرير: رؤى ابراهيم مازال العرض مستمرا في مسلسل النزاع حول منطقة (أبيي) بين دولتي السودان وجنوب السودان بعد أن رهنت حكومة الخرطوم خروج القوات المسلحة من أبيي بتشكيل الإدارية الخاصة بها وأكد وزير الخارجية علي كرتي في تصريحات صحفية التزام السودان بالاتفاقيات المبرمة بشأن منطقة أبيي، نافيا أن يكون البند السابع جزءا من الاتفاقية الخاصة بأبيي والتي وقعت بين الخرطوم وجوبا في أديس أبابا بحضور وزيرة الخارجية الأميريكية، مشيرا الى أن وضع البند السابع الذي تبناه مجلس الأمن الدولي (القاضي بتمديد ولاية قوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة في منطقة أبيي لمدة خمسة أشهر) بغرض حماية القوات نفسها، وبهذا قد أعلنت الحكومة رفضها القاطع السماح للأمم المتحدة باستخدام الفصل السابع بدعوى الأمن في أبيي. قرار أممي وكان مجلس الأمن قد أصدر قرارا قبل ثمانية أشهر يقضي بإرسال قوات أمنية إثيوبية أُطلق عليها اسم (قوة الأممالمتحدة الأمنية الانتقالية لأبيي) ويزيد عددها عن 4200 جندي الى منطقة أبيي بهدف حفظ السلام بالمنطقة على مدى الستة أشهر الماضية، ونص قرار مجلس الأمن على جعل أبيي منطقة منزوعة السلاح، ومنح القوات الإثيوبية سلطة حماية المدنيين وتأمين تسليم المساعدات الإنسانية واستخدام القوة للدفاع عن نفسها، كما رهن مجلس الأمن إرسال القوات الإثيوبية الى أبيي بإبداء الشريكين نيات خالصة تجاه تحقيق السلام بالمنطقة. وتفيد مصادر مطلعة أن العدد الكلي للقوات الإثيوبية بمنطقة أبيي لم يكتمل بعد وأن ما وصل الى المنطقة من قوات لم يتجاوز الثلاثة آلاف جندي فقط، وذكرت وكالات إخبارية أن مجلس الأمن طالب حكومة السودان وحكومة دولة جنوب السودان بنقل ما تبقى من العسكريين وقوات الشرطة من منطقة أبيي على الفور وفقا لالتزام حكومتي الطرفين في الاتفاق الموقع بينهما في يونيو الماضي. وعلى الرغم من اتفاق الشريكين ودولة إثيوبيا على نشر القوات الإثيوبية في أبيي إلا أن المحللين السياسيين لم يستبعدوا تأثر العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإثيوبيا وبين السودان ودولة جنوب السودان مستقبلا حال حدوث أخطاء من قبل القوات الإثيوبية أو الإخلال بدورها في مجال حفظ الأمن والاستقرار بمنطقة أبيي. تقليل الخرطوم ويرى مراقبون سياسيون وإعلاميون أن الحكومة السودانية قد قللت من شأن قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتمديد ولاية قوات الأممالمتحدة الأمنية في منطقة "أبيي" المختلف حول تبعيتها بين شمال وجنوب السودان عندما قال الناطق باسم الخارجية العبيد مروح إنه لا جديد في القرار سوى الاعتراف الضمني من المجلس بوجود قوات للجيش الشعبى في أبيي، مشيرا إلى أن القرار يطلب من الطرفين أن يلتزما بما تم الاتفاق عليه في أديس أبابا، واعتبره حلا مؤقتا لتهيئة الأجواء، ووصف مروح حديث المجلس بشأن الحدود المشتركة بين الدولتين بأنها تمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين بأنه تبرير لتمرير القرار. وأضاف أن نشر القوات الإثيوبية في أبيي تم بناء على رغبة حكومة السودان وحكومة الجنوب ودولة إثيوبيا، مؤكدا التزام حكومة السودان بالاتفاقية ، موضحا أن تجربة القوات الإثيوبية ضمن اليوناميد بإقليم دارفور من قبل أسهم في تجديد الثقة في القوات الإثيوبية وأشار الى عدم التخوف من احتمال حدوث أي اشتباكات ما بين القوات المسلحة السودانية والقوات الإثيوبية، أو حتى بين المواطنين من أبناء الدينكا والمسيرية، مؤكدا أن انتشار القوات الإثيوبية في أبيي من شأنه أن يعزز العلاقات الدبلوماسية ما بين دولة إثيوبيا وحكومة السودان وما بينها وحكومة جنوب السودان، وأوضح مروح في حديثه أن القوات الإثيوبية ستدخل تدريجيا الى منطقة أبيي حيث سيتم إدخال 1300جندي كمرحلة أولى ومن ثم يبدأ الانسحاب التدريجي للقوات المسلحة السودانية من أبيي. وأكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد في تصريحات صحفية أن وجود القوات المسلحة في أبيي يأتي من واقع أن المنطقة أرض سودانية وحسب اتفاق نيفاشا تقع (أبيي) شمال حدود 1956م، ونبه إلى أن حسم أي نزاع أو عمل إداري مسؤولية حكومة السودان، موضحا أن القوات المسلحة موجودة في أبيي لأن جيش الجنوب كان يريد أن يسيطر سيطرة تامة على المنطقة خلافاً لما تم في بروتكول أبيي، وشدد على بقاء القوات المسلحة بأبيي إلى حين تسوية الأمر واكتمال نشر القوات الإثيوبية وتكوين لجان حكم وآلية المراقبة التي تتابع عودة الجيشين شمالاً وجنوباً، وقد أكدت القوات المسلحة مسبقا التزامها بالانسحاب خارج أبيي حال اكتمال وصول أعداد القوات الإثيوبية البالغة 4200 عنصرا في المنطقة. صد و رد من جانبه أشار المحلل السياسي د.عوض السيد الكرسني الى أن حل قضية أبيي لا بد أن يتم بأيدي مواطنيها دون القوات الأمميةالمتحدة الأخرى، وقال إن قبيلتي المسيرية والدينكا باستطاعتهما الوصول الى حل سياسي بفاعلية لا تقتضي قرار مجلس الأمن مطالبا الحركة الشعبية بالتوقف عن أي محاولات توسعية داخل السودان عقب أن حققت انفصال الجنوب لأن ذلك سيؤثر سلبا على دولة الجنوب الوليدة وتجعل أكثر من 2 مليون كيلو متر من الحدود بين البلدين (حدود ساخنة) أشبه بما يحدث بين الهند وباكستان. وحول تأثر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين جراء عدم التزام القوات الإثيوبية بدورها كاملا؛ أكد الكرسني أن دولة إثيوبيا لن تخاطر بأن تصبح طعما لنزاع جديد في المنطقة بين الدول الثلاثة، متوقعا عدم انحياز القوات الإثيوبية لأحد الطرفين، مشيرا الى أن دولة إثيوبيا دولة مغلقة وجدت في السودان معينا عقب إغلاق المنفذ الاريتري. ويرى أستاذ العلوم السياسية بروفسير حسن الساعوري أن جيش المسيرية ليس جزءاً من الحكومة وإنما مواطنون لا يحق لهم استخدام السلاح خاصة في ظل وجود القوات الإثيوبية التي ستسهم في حفظ أمنهم وحقوقهم، متوقعا عدم وجود انعكاسات سلبية على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في ظل وجود القوات الإثيوبية في أبيي باعتبار أن دولة السودان هي التي اختارت إثيوبيا للإسهام في حفظ أمن وسلامة أبيي، وأشار الساعوري في حديثه الى أن القوات الإثيوبية تتلقى توجيهاتها من مجلس الأمن الى جانب توفيره لآليات العمل، مؤكدا أن إثيوبيا دولة صديقة تربطها بالسودان علاقات دبلوماسية وطيدة لابد من الحفاظ عليها حتى في ظل عدم التزام القوات الإثيوبية بدورها كاملا تجاه أبيي. سلطة الدفاع ويرى البعض أن القرار يمنح القوة الإثيوبية سلطة الدفاع عن النفس وحماية المدنيين وتأمين تسليم المساعدات الإنسانية، إلا أنه لا يلزمها بمراقبة قوانين حقوق الإنسان كغيرها من قوات حفظ السلام. وقد جاء القرار القاضي بنشر قوات الأممالمتحدة الأمنية الانتقالية لأبيي على ضوء لقاء القمة الذي جمع بين السيد رئيس الجمهورية عمر البشير ونائبه الأول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بحضور كل من الرئيس الإثيوبي ميليس زناوي وثامبو أمبيكي رئيس جنوب إفريقيا السابق بهدف بحث تطورات الأوضاع العالقة في أبيي وولاية جنوب كردفان، وقد جاء قرار مجلس الأمن متزامنا مع إعلان انفصال الجنوب في التاسع من يوليو طبقاً لنتيجة الاستفتاء. وقد شدد قرار مجلس الأمن الجديد على أن الحالة في أبيي وعلى طول الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وحث الحكومتين على التعاون التام مع القوة الأممية المؤقتة في أبيي، وتنفيذ التزاماتهما بموجب اتفاق السلام الشامل إزاء تسوية المسائل المعلقة الخاصة بالوضع النهائي للمنطقة، مطالباً الأمين العام للأمم المتحدة بالرصد الفعال لجميع قضايا حقوق الإنسان في أبيي، على أن تتعاون معه حكومتا البلدين في هذا الخصوص. .....قضية أبيي كلما هدأت خرجت مجدداً للعلن لتذكر بأن القضايا العالقة بين السودان ودولة الجنوب ماتزال عالقة.