لم تشفع نداءات البحارة السودانيين الداعية لمعالجة مشكلات الخطوط البحرية السودانية الناقل الوطني الثاني بعد الخطوط الجوية، لوقف قرار بيع آخر باخرتين بحريتين في الأسطول، وهما باخرتا النيل الأبيض ودارفور. ورغم امتلاك السودان لأطول ساحل بحري في المنطقة، إلا أن سياسة التعامل مع الخطوط البحرية والبحر عموما تظل محل تساؤلات كثيرة لم تتوفر إجابتها حتى الآن. ولاتزال الباخرتان الرابضتان بميناء بور تسودان عصيتين على البيع حتى الآن وكأنهما ترفضان إنزال العلم السوداني من ساريتيهما بعدما فشلت مظاريف العطاء الأول في الإتيان بما يطلبه السودان من سعر. فبينما يرى مهتمون وخبراء في ذات المجال أن السودان قد فرط في ناقله الوطني الثاني بالإهمال حينا وتطبيق سياسات خاطئة أحيانا، يقول مسؤولون إن الحكومة بصدد بناء الأسطول من جديد. قرار بالبيع : وفي ظل عدم تصديق وعود الحكومة بإمكانية تحديث الأسطول كما جرى لمؤسسات أخرى مماثلة، أكد مدير عام شركة الخطوط البحرية السودانية النوراني يوسف دفع الله قرار الشركة بيع آخر باخرتين تمتلكهما الخطوط البحرية من أسطولها الذي بلغ في عصره الذهبي خمس عشرة باخرة كثاني أسطول نقل بحري في أفريقيا بعد أسطول دولة جنوب أفريقيا “لأجل التحديث". وقال للجزيرة نت إن السودان تخلص من بواخره تدريجياً لظروف مختلفة، مشيرا إلى عزم الحكومة إعادة بناء الأسطول بما يواكب حركة النقل البحري الحديث. وأكد أن الباخرتين المعروضتين للبيع من القطع القديمة، وقد تم شراؤهما قبل ثلاثين عاماً وأصبحتا عُرضة للأعطال واستهلاك قطع الغيار، لكنه أوضح نية الدولة لعقد شراكات إستراتيجية مع رأسماليين وطنيين وشركات نقل عالمية لإعادة بناء الأسطول. آليات رقابية في المقابل أشار القبطان المتقاعد أحمد محمد مختار إلى عدم معرفة من تولوا إدارة شركة الخطوط البحرية، خلال الفترة القريبة، الماضية بأهمية الخطوط البحرية. وأكد أن الدولة لم توفر آليات الرقابة المعروفة، وبالتالي فشلت في المحافظة على أسطولها. وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن السياسة التي انتهجتها الحكومة في فترة سابقة أدت لتدمير كامل للشركة وشركات أخرى موازية، وقال إنه لمن المحزن أن تتحول الخطوط البحرية السودانية من الناقل الوطني الثاني في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا إلى العدم والتلاشي. وتساءل مختار عن مستقبل قطاع البحر في البلاد بعد اختفاء علم السودان من كافة بحار الدنيا، وأعلن عدم وجود “سياسة حكومية معلنة بتجديد الأسطول رغم ما أعلنه مدير الشركة". تشريد منهجي بدوره تساءل الأمين العام التمهيدي للبحارة السودانيين القبطان صلاح إبراهيم حسن عن مغزى بيع كل الأسطول “طالما كانت الحكومة تسعى للتجديد والتحديث"، واستغرب إعلان المسؤولين عن تجديد الأسطول “في ظل تشريد منهجي لكافة كوادره وبيع جميع أصوله". وقال للجزيرة نت إن عدم معرفة السياسيين بأهمية الخطوط البحرية كناقل وطني هام أوصلها إلي التردي الحالي، لافتا لاختفاء مؤسسات وطنية كبرى كانت الحكومة قد أعلنت رغبتها في تجديدها. واستبعد حسن وجود رغبة حقيقية للدولة بإعادة إنشاء أسطول جديد أو وجود سياسة حقيقية للنهوض بالقطاع “لأنه كان من الممكن صيانة البواخر الموجودة وشراء أخرى بدلا من التخلص الكامل من كافة متعلقات الخطوط البحرية".