جاء الدكتور نافع علي نافع إلى مباني الإذاعة.. في خاطره أن يذيع بيان (رقم واحد) ليترجم مبادرة الحوار مع الأحزاب التي اطلع بها مستشار الرئيس صلاح قوش.. بعبارة واحدة في برنامج مؤتمر إذاعي أطلق الرجل القوي النار على تلك المبادرة عندما أكد أن حزبه غير معنيّ بها. غضب المستشار صلاح قوش.. ولما كان اقتحام الإذاعة يحتاج إلى ترتيبات وضوء أخضر من مراكز النفوذ اكتفى قوش بعقد مؤتمر صحفي وأرسل عبارته الشهيرة "كلام نافع يخصه وحده".. بعدها بأيام كان الرئيس يستدعي مستشاره قوش وفي اجتماع قصير يبلغه بالاستغناء عن خدماته في الدولة والحزب. الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس في الدولة ونائبه في الحزب مضى إلى أديس أبابا ليفاوض قطاع الشمال بالحركة الشعبية.. القطايا المطروحة للنقاش معلومة سلفاً.. تبدأ من حاضر قطاع الشمال إلى مستقبل ما تبقى من الجيش الشعبي بشمال السودان.. المهم نافع وبما يمتلك من تفويض وقع اتفاقاً مع خصومه. كان من الواضح أن نافع قد بالغ في تقدير نفوذه، ولم يتبين قوة خصومه داخل الحزب.. اتفاق (عقار نافع) الإطاري واجه نيراناً مكثفة داخل جدران المؤتمر الوطني.. محاولة الدفاع الأولى عن الاتفاق كانت في اجتماع عاجل للمكتب القيادي ترأسه نافع.. وأعاد الرئيس الاجتماع في اليوم التالي.. من الاجتماعين المتتاليين أدرك نافع أن مهمته صعبة جداً.. بعدها فضل الرجل القوي التواري عن الأنظار عبر مهمة لندن.. ربما تكون الزيارة مرتباً لها من قبل ولكن في مثل هذه الأحوال كان من المفروض أن يؤجل نافع زيارته ليدافع عن اتفاقه الذي مهره بيده. بعد عودته من لندن.. وحديث رئيس الجمهورية الواضح والصريح والرافض للاتفاق نقطة وشولة.. استسلم المحارب نافع علي نافع.. وبدلاً من أن يدافع عن الاتفاق ووجهة نظره.. وصف الاتفاق في برنامج حتى تكتمل الصورة بأنه غير موفق. في تقديري أن الدكتور نافع تعامل مع الاتفاق الإطاري ببرغماتية سياسية.. وكان أمين الإعلام بالحزب الحاكم البروفسور إبراهيم غندور أفضل في التعاطي مع الموقف.. وقف مع نافع بصلابة وتحدث بعبارات عمومية عن الاتفاق.. مثل هذه اللغة كانت مطلوبة من الدكتور نافع.. كان عليه أن يسجل موقفا للتاريخ ..يدافع عن الاتفاق بقوة ثم يؤكد التزامه بأجماع الجماعة داخل حزبه . ولكن نافع كان يتذكر حال تلميذه في مؤسسة الأمن صلاح قوش.. قوش لم يستخدم الساتر في الوقت المناسب.. تحدث في الوقت الذي كان الصمت مطلوباً.. ثم دفع الثمن بخروج من كابينة القرار. الدكتور نافع سبق أن استخدم ذات الاستراتيجية.. صمت حينما أبعد من جهاز الأمن ونقل مغضوباً عليه لوزارة الزراعة بحكم التخصص الأكاديمي.. صمت نافع إلى حين.. ثم عاد وأصبح الرجل الثاني في الحزب والثالث في الدولة. الراجح أن نافع سيتجاوز هذه الكبوة.. كلماته الإيجابية بحق نائب الرئيس علي عثمان تؤكد أن نافع يفكر في حلفاء جدد.. ويرنو ببصره لأن يكسب الجولة الأخيرة التي ستبدأ بنهاية ولاية الرئيس الحالية