حذر السودان من مغبة ما أعلنته الولاياتالمتحدة من استعدادها لتزويد دولة جنوب السودان بالسلاح، ووصف الخطوة بأنها محاولة لجر المنطقة بكاملها إلى مصير مجهول، في حين اعتبر خبراء عسكريون الأمر مواصلة لإستراتيجية معلنة منذ عدة سنوات. وترى الحكومة السودانية أن القرار -الذي وصفته بأنه خطير- إذا ما نفذ "سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، ويعتبر خرقا لاتفاقية السلام الشامل بين الدولتين ويهدد السلام في المنطقة". وأشارت إلى أن واشنطن بهذه الخطوة تدعم "حكومة غير رشيدة تهدد مواطنيها وجيرانها مما يعني أن السلاح سيصل إلى الحركات المسلحة بدارفور غربي السودان التي تدعمها جوبا بالمال والرجال أصلا". مشروعات تنموية ورأت أنه كان على الإدارة الأميركية دعم دولة الجنوب بمشروعات تنموية بدلا من السلاح "الذي يهدد الأمن والاستقرار والسلم في جميع أنحاء القرن الأفريقي". وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أصدر مذكرة الجمعة أعلن فيها استعداد بلاده لتزويد دولة جنوب السودان بالأسلحة، في خطوة نحو مزيد من تطبيع علاقات الولاياتالمتحدة مع أحدث دولة أفريقية. وذكرت تقارير أن أوباما وجه وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون إلى السماح بتقديم مواد وخدمات دفاعية إلى جنوب السودان لأن القيام بذلك سيعزز أمن الولاياتالمتحدة ويدعم السلام العالمي. لكن الحكومة السودانية أكدت عبر الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم إبراهيم غندور أن السعي لتغير موازين المنطقة لصالح الجنوب لن يكون الاعتداء فيه على السودان فحسب "وإنما سيتعداه إلى جيرانه الذين لهم حدود مع دولة الجنوب مثل كينيا وأوغندا". وأوضح غندور أن القرار الأميركي سيفتح الباب لدول أخرى كإسرائيل -التي تصنف السودان عدوًّا- لزعزعة استقرار المنطقة بأسرها، معتبرا أن من شأن هذه الخطوة جعل حكومة دولة الجنوب أكثر تعنتا في حل القضايا العالقة مع بلاده، منبها إلى خطورة الأمر الذي وصفه بأنه مؤسف. هدف إستراتيجي أما الخبير العسكري الفريق منصور عبد الرحيم فأشار إلى عدم تغير الهدف الإستراتيجي لأميركا في السودان "بتقسيمه إلى دويلات متناحرة"، معتبرا أن كل المواقف تجاه الخرطوم "ما هي إلا في سبيل تحقيق ذلك الهدف". وقال للجزيرة نت إن الإدارة الأميركية كانت قد سعت لإسقاط نظام الخرطوم ففشلت ثم سعت إلى إضعافه عبر سياسة التمزيق وهو ما مكنها من فصل الجنوب، معتبرا أن نشوء بؤر للصراع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق جزء من مخطط معلن. ولم يستبعد عبد الرحيم أن يكون الإعلان محاولة ضغط جديدة لإجبار الخرطوم على قبول دخول المنظمات الدولية لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مشيرا إلى أن من تمكن من فصل جنوب السودان لن يمتنع عن تسليحه. كما قال الخبير العسكري الفريق ساتي محمد سوركتي إن الإعلان كان منتظرا لشيء كان مخفيا، مشيرا إلى سعي أميركا لصناعة كيان جديد تعتقد أن بإمكانه قيادة المنطقة. جماعة متمردين ورأى أن "دولة جنوب السودان هي الحركة الشعبية وأن حكومتها تشكلها جماعة من المتمردين وبالتالي لا ينسحب عليها كامل وصف القطر والذهنية الجامعة"، معتبرا أن علاقة أميركا الداعم الأزلي للحركة الشعبية بها "هي ذاتها علاقتها بحكومة الجنوب". وقال إن الأبواب صارت مشرعة للإدارة الأميركية لتوظيف الجنوب توظيفا كاملا، مشيرا إلى أن الربيع العربي سيدفع بأميركا وإسرائيل إلى رفع درجة العمل في الجنوب "لأنه يشكل رأس الرمح لتحقيق أهداف الإستراتيجية الجديدة". وتوقع في تعليقه للجزيرة نت أن تكون الخطوة بداية لاستنزاف عملياتي "لأن المسارح جاهزة في أبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور".