وصف رئيس هيئة قوى الاجماع الأستاذ فاروق أبوعيسى المذكرة الإصلاحية التي تقدم بها أعضاء في المؤتمر الوطني بالضعيفة، مؤكدا أنها تنطلق من مسلمات للإنقاذ لأنها باركت انقلاب 1989م، واعتبر مناداتها بإصلاح النظام وليس تغييره كلياً، خللاً كبيراً. وأضاف أبوعيسى في حوار مع صحيفة (الأحداث) أن بالمذكرة إيجابيات تتمثل في تسليط الأضواء على قضايا الفساد، والحديث عن استقلالية القضاء. وأكد أن المذكرة كي تعتبر إصلاحية كان من المفترض أن تنادي بتفكيك الدولة التي تحولت من دولة ملك لكل الأمة لتصبح ملكاً لحزب المؤتمر الوطني. ومن جهة اخرى قال أبوعيسى إن الصراع بين الزعيمين الصادق المهدي وحسن الترابي قائم منذ وقت طويل، لكنه عاد لينتعش مؤخراً، مشيرا إلى أن الخلاف الحاد في وسائل الإعلام والمنابر العامة بين قادة كبار في المعارضة بحجم الإمام والشيخ يعوق ويحد من حراك المعارضة. حوار: يوسف الجلال عبيرعبدالله } كيف تقرأ مذكرة الألف الإصلاحية التي قدمها أعضاء في حزب المؤتمر الوطني.. هل هي فعلاً موجودة أم أنها مخطط لصرف الأنظار وشغل الرأي العام؟ إذا حاولنا توصيفها فالمذكرة في مبناها العام ضعيفة وتنطلق من مسلمات للانقاذ لأنهم باركوا من خلالها انقلاب 1989م وهذه مصيبة كبيرة لأن في هذا الوقت يتخلى الناس عن الانقلابات السابقة، ويعتذروا عن المشاركة فيها، لكنهم في المذكرة لا زالوا يصرون على أن الانقلاب شيء مبارك وهذا يعتبر خللا كبيرا جدا. أما النقطة الثانية فالمذكرة تمضي في اتجاه إصلاحات في النظام وليس تغييره.. وأنا هنا لا أريد أن أمضي بكم إلى موقفنا المتمثل في إسقاط النظام لكن المذكرة لم تتحدث عن تغيير لهيكلة السودان التي تمت بموجب هذا النظام والتي تقوم على اعتبار أن الهوية السودانية عربية إسلامية فقط وما غير ذلك لا مكان له. وحتى بعد ذهاب الجنوب فمن تبقى عندنا بالشمال لا مكان لهم في الهوية، وقصة الفيدرالية أو النظام الاتحادي الذي يعمل به النظام كاذبة. } ماهي براهينك على أن النظام لا يعمل بالفيدرالية والنظام الاتحادي؟ لا يوجد مثال أقوى مما تم مؤخراً في شأن الولاة الذين انتخبتهم قواعدهم مع رأينا بأنها كلها انتخابات كانت مزورة لكن على أي حال مظهراً هم انتخبتهم قواعدهم ويأتي المركز ليصدر قرارا يلغي به هذا وينقل الولاة من مكان إلى آخر مثل المحافظين في الماضي أو أقل بل مثل ضباط المجالس البلدية سابقا، إذن لا يوجد استقلال مالي للولايات وهذا بحديث أحدهم وهو عبدالحميد موسى كاشا الذي وصل به الامر للمطالبة بطرد وزير المالية ليبقى هو مكانه وهذا لأن وزارة المالية لا تعطي الولايات حقوقها وفق ماهو مفروض بل يعطوا هذا أكثر ويحرموا هذا حسبما تريد القيادات وهذا ينهي فكرة الفيدرالية التي تقوم على وحدات مستقلة تماما والمركز لا دخل له بها إلا فيما هو محسوب ومحدد في الدستور. } المذكرة تحدثت عن أن الوعد بالتحول الديمقراطي لم يتم إنجازه؟ المذكرة قائمة على الإبقاء على هذا النظام كما هو وبها محاولة لتسليط الاضواء على بعض الخلل في النظام وليس هنالك مطالبة بإصلاحات حقيقية تتمثل في كيف يشاع من جديد ضرورة التحول الديمقراطي وليس هنالك مقترحات عملية بالاضافة إلى ذلك بها شيء ايجابي ففي الجزء الناقد منها تتفق في تفاصيل كثيرة مع ما نقوله نحن في المعارضة من نقد ضد النظام، وان النظام جعل الدولة بدلا من أن تكون دولة للشعب والوطن وخادمة له بأن تصبح دولة ملك للحزب وخادمة له وهذا ما نقوله نحن وهم من خلال مذكرتهم «هبشوا حاجاتنا» التي طالما تحدثنا فيها وتطرقوا للاجهزة العدلية وهذا شيء إيجابي لأنها بممارسات الانقاذ تحولت إلى مؤسسات تابعة للمؤتمر الوطني يفعل بها ما يريد ولم تعد هي المؤسسة المستقلة التي تحقق العدل بين المتخاصمين أمامها، والخدمة المدنية كذلك سرقت من ملكية الشعب والوطن إلى ملكية «الوطني» وتمارس فيها الوساطات والترقيات بالمحسوبية وكذلك تحدثت عن شيء مهم وهي الأجهزة الأمنية والقوات النظامية. } بماذا كان يفترض أن تنادي المذكرة إذا كانت لتصبح فعلاً إصلاحية؟ كان يجب أن تنادي بتفكيك هذه الدولة التي تحولت من دولة ملك لكل الامة وأصبحت ملكا لحزب.. وكان من المفترض المطالبة بتفكيكها تماما وإرجاعها ملك للوطن في خدمة الشعب هذه هي القضية الرئيسية وإذا لم تتم المناداة بذلك تصبح مجرد تسليط أضواء على ممارسات الفساد وهذا في حد ذاته يعتبر جيداً. } حتى ولو كان ذلك بأيدلوجيات الحركة الإسلامية؟ أنا كما قلت منذ البداية إنهم في المذكرة أبقوا على دولة الحركة الاسلامية وهذا هو الخلل الكبير ومباركتهم لانقلاب داعم لبقاء الدولة الدينية التي تقوم على أسس دينية بالتالي إقصائية للآخرين خلق الخلل الأساسي في المذكرة لكن المهم من وجهة نظري شخصيا أن تخرج مجموعة من جماعة الإنقاذ والحركة الإسلامية لتسلط الأضواء على الفساد والمحسوبية والترقية عبر وسيلة «القفز بالزانة» وما سلط من ضوء على قضايا تعتبر أمراض في النظام هو نفس ما نقوله نحن ويشنون علينا في ذلك حرب «كسر العظام» والتخوين والاتهام بالعمالة وهذا لأننا نقول ذات الكلام الذي تناولته المذكرة. } كيف تقرأ مستقبل المعارضة وفقاً لما حدث مؤخراً من مساجلات بين الترابي والمهدي؟ « ياجماعة ما تخلونا من ده وخلونا نقفز فوقه» هي ليست قضية كبيرة ولا أساسية وهي مشكلة قائمة منذ وقت طويل بين الزعيمين «الشيخ والإمام» ولسوء الحظ أنها انتعشت مؤخرا وهذا خطأ ونحن في غنى عنه في الوقت الحاضر.. وشكراً لله أن هناك طريقة لتحقيق مصالحة وأتمنى من قلبي أن تستمر هذه المصالحة لأن الخلاف الحاد في الصحف والمنابر العامة بين قادة مهمين في المعارضة بحجم الإمام والشيخ يعوق ويحد من حراك المعارضة. } مباركة الصادق للمصالحة واجتماعه بالشيخ وهو يتحدث عن هيكلة جديدة للتحالف هل يعني هذا إقصاءك خاصة أن هنالك حديثاً رشح عن أن هذا الأمر في الأصل القصد منه إبعادك عن دفة القيادة؟ «أنا ما عايز أخوض كتير في ده خاصة إني ما بحب أتكلم عن شيء شخصي» لكن الحقيقة غير ذلك ولم تتكشف الدوافع الحقيقية لمن قاموا بالمصالحة لكن نتيجة المصالحة إيجابية، ولا أظن أنها بشكل أو آخر تخدم ما قلتموه وهذا لأن موضوع الهيكلة نحن لم نتباحث فيه بعد وهو مطروح للمناقشة في الاجتماع القادم لرؤساء الاحزاب وهنالك لجنة سبعة تحضر لذلك وستتقدم بمقترحات في هذا الشأن لرؤساء الاحزاب لذلك فإن الموضوع وارد ولكن اتخاذ القرار بشأنه مؤجل ولا يحدث بمصالحة بين اثنين غضبا من بعضهما وعادا للتصالح. } لكن برأيك إلى ماذا يرمي الصادق المهدي بإطلاقه لهذا الحديث عن المعارضة.. وما كان من الأجدى أن يقول رأيه هذا داخل المؤسسة في المعارضة؟ هذا كان رأينا نحن وكتبنا به مذكرة وقمنا بتسليمها لحزب الأمة عبر مندوبة الحزب الدكتورة مريم الصادق المهدي.. وأنا في تصوري انها وصلت لرئيس حزب الأمة الإمام الصادق، و قلنا إننا لا نرفض النقد ولا الحديث عن نواقصنا، لكن هذا يكون بناءً ومفيداً إذا ما حدث في اللقاءات الداخلية للمعارضة خاصة وأنها ليست حزبا واحدا بل هي جبهة أحزاب والحديث عنها بهذه الطريقة وعلانية ونحن في صراع قائم على كسر العظم من جهة النظام مثل هذا الإجراء فلدي أنا شخصيا غير مقبول وأعتقد أن التحالف كان مناهضا له بالاجماع وكان هنالك البعض الذي يدفع بي للرد على الامام علانية وأنا كنت رافضا لهذا وصمتُ «قفلت تلفوني ورفضت الحديث مع أي شخص وقلت الموضوع ده ما عاوزين نكبره» لأنه بدأ خطأ ولا نود إنهاءه بذات الطريقة. } برأيك إلى ماذا يهدف الأمام الصادق المهدي؟ أنا في الحقيقة لا أعلم ما هي أهداف الصادق.. وعلى أي حال الإجراء كان خاطئا وهذا ما قالته كل قيادات التحالف وقيل كتابة لسيد صادق ولم يرد علينا.. ونحن لم نقم بنشر المذكرة وهنالك من يقول إننا لم نقدم المذكرة لكن الحقيقة نحن قدمنا مذكرة للصادق المهدي وبإجماع من التحالف وكانت مذكرة هادئة ومحترمة وبها مناقشة لما تم.. وأنا أعلم أن الصادق ينتهج في تعامله مع نظام المؤتمر الوطني غير منهج باقي قادة التحالف الذين أعطوا هذا النظام فرصة كافية عبر الحوار الذي أجراه السيد الصادق في مدى عام بأكمله ووصل إلى أن جاء وقال لقادة الاحزاب «أنا فشلت» ودعونا نعمل للاسقاط ولكن بعد ترتيب أمورنا وللاسف نحن يوما بعد آخر نسمع حديثا جديدا.. وأنا افتكر أن الخلاف بين وجهتي نظر مهما تعايش لفترة في داخل أجهزة التحالف يأتي في لحظة معينة لينفجر ونحن كنا حريصين على تغطيته طيلة الفترة الماضية وجعله صراعا فكريا وبين رؤى وان كان الكل مجمعون أن من يقف في هذه الخانة هو حزب واحد هو حزب الامة وكذلك ليس كل حزب الامة حسب معلوماتي.. وأنا أفضّل أن لا نقف في هذه النقطة كثيرا، وهذا لأن وجهتي هي التهدئة وعدم السماح بخروج هذه الخلافات والصراعات إذا صحت التسمية إلى الصحافة لأن في النهاية الذي يستفيد منها هو المؤتمر الوطني. } لماذا لم تكن حضوراً في المصالحة بين الزعيمين؟ «أنا لأول مرة أتحدث عن أسباب عدم حضوري» وقد دعتني الأستاذه هالة وأنا أحترمها، وأكن لها تقديرا خاصا لاعتبارات كثيرة خاصة أنها أول امرأة تترأس حزبا.. وأنا من أنصار المرأة وحقوقها لذلك أنا سعيد بها. } رغم حديثك هذا إلا أنّ هنالك أحاديث تدور على أن هالة قادت مبادرة الصلح لتوتُّر مكتوم بينك وبينها؟ «أنا ما عندي توتر معاها ولا حاجة أذا هي عندها ده شيء ثاني» أنا رجل كبير في السن ولدي من التجارب ما يكفي وإذا كان وجودي في المعارضة يضايق أي شخص «ح أشيل عصايتي وأخرج» وأستمر أعارض هذا النظام بطريقتي ولا أريد مشاكل مع أحد.. وأنا مع هذا الشعب فقط وضد من هو ضد هذا الشعب، المؤتمر الوطني بأفاعيله هو ضد الشعب لذلك أنا ضده. } إذا كانت المعارضة ضد الشعب فستكون ضدها؟ طبعاً إذا كانت ضد الشعب فسأكون ضدها فأنا مقاتل وليس أفنديا في المعارضة ومنذ أن كنت شابا أنا مقاتل وفي الحياة السياسة معروف عني هذا ولدي من الشجاعة ما يكفي وليس لدي ما أخسره خاصة بعد أن وصلت إلى هذه السن وأتمنى أن أستمر أعطي لهذا الشعب لأنني أحب أهلي والسودان ولا أفضل عليهم أي شيء في الدنيا. } حتى الآن لم تحدثنا بعد عن الأسباب التي حالت بينك وبين حضور التصالح بين الزعيمين؟ هالة عندما اتصلت بي اعترضت لسببين رئيسيين: السبب الأول أن الدعوة لاجتماع الرؤساء لابد أن تلتزم بالنظامية المعروفة لدينا في التحالف.. والنظام لدينا يمضي في اتجاه أن لو هنالك أي حزب أو رئيس حزب أو جهة ما، في أحزاب المعارضة تريد اجتماع لرؤساء الاحزاب يطرح هذا في الهيئة العامة لتناقشه وتتوحد حول أهمية الاجتماع أو لا ، وعند الاتفاق على ذلك تعد ورقة في القضية المطروحة للناس من أجل إحكام المناقشة وأيضا يتفق على المكان والزمان، وهالة لم تفعل ذلك بل تحركت لوحدها ولا أعرف من وراء هذا الحماس.. وقلت لها إنني اعترض على عدم النظامية ثم إن الخلاف بين الصادق والترابي لازال جديدا ولم تمض عليه 24 ساعة ولا زال كل واحد فيهما «سكينو تقطر دم» وإذا كانا يريدان المصالحة اليوم فلماذا اختصما بالأمس.. وعادة المصالحات لا تتم في «اليوم التاني من الشكلة، لكن بخلوها بعد الشكلة تبرد». لذلك قلت لها دعينا نلطف الاجواء لأن هنالك احتمال عند لقائهما في الاجتماع أن يشتبك أنصارهما وأنا أعرف هذا ولدينا تاريخ في ذلك ونحن في غنى عن هذا.. وقلت لها صحيح أن هنالك احتمال بأن تنجحي لكنه احتمال ضعيف فلذلك كان اعتراضي على المصالحة وبقدر ما حاولت هالة ضغطي للحضور رفضت لأنني نظامي ومرتب في أشيائي. فقط لهذا رفضت وليس لأي شيء آخر وعندما نجح فأنا حمدت الله وصرحت في الصحف بأننا سعداء لهذا النجاح ونتمنى أن يدوم لأنني أعلم حجم المشكلة. } هل أنت راضٍ عن خطوة المصالحة وعن الإمام الصادق الذي هاجم قوى التحالف؟ علاقتي بالصادق قديمة وبيننا ود واحترام كبير وبيننا علاقات أسرية وهذا كله «أنا بعمل ليهو حساب كبير» والصادق لم يهاجمني في شخصي بل هاجم الكل وهذا الكل عقد اجتماعاً ورد عليه. } لكنك قائد الكل؟ «طيب الما كل رد عليهو» وكتبنا مذكرة بالرد. } بعد المصالحة بدا الصادق المهدي وكأنه صالح الترابي ولم يتصالح مع منظومة المعارضة؟ «معليش ده موضوع ما عاوزين نثيروا في الجرايد والإعلام» لأن في النهاية من يستفيد منه هم الأعداء وهذا موضوع من الممكن طرحه عندما يلتقي رؤساء الأحزاب ويتعاتبوا.. وأنا لست مع استمرار الحديث في هذا الموضوع لذلك أرجو منكم أن نكتفي بالحديث في هذا ونتحدث في شيء آخر ولكنني انا أريد أن أوضح انني لست متشبثا بالقيادة فأنا جربت أن أكون كل شيء في هذه البلد عبر كل ما يمكن من مناصب ووظائق خدمت بلدي لذلك انا غير محتاج لمنصب. } هل هذا يعني أنك على استعداد للرحيل إذا طُلب منك ذلك؟ جداً.. وبنفس طيبة وروح زمالة ورفاقية عالية المستوى. } وحينها هل ستكون جزءاً من المنظومة؟ نعم.. سأكون جزءاً من المنظومة بالطريقة التي تقبل المنظومة أن أعمل بها معها وهذا لأنني مناضل في المقام الأول.. وبالمناسبة رئاستي للتحالف تأتي لي بالمصائب والإهانات» فأنا كل يوم أُشتم من المؤتمر الوطني وطلعوني عميل وباخد قروش من السفارات وقالوا ما سوداني واني تركي وما عندي قبيلة» والحقيقة كلها عكس ذلك والاجهزة الفنانة في الحاجات دي متخصصة فيني» لذلك أنا لا أجد شيئا من هذه الرئاسة. } ولماذا تحتمل كل ذلك؟ من أجل الشعب ولأن لديه قضية خاصة مؤخراً بعد السماح بفصل الجنوب نتيجة السياسات الرعناء للمؤتمر الوطني فهذه لا تغفر له بقدر ما يحاول أن يلقي بها لعاتق آخرين هو المسؤول الأول فيها.. وثانيا الفساد الذي يدور في البلد نتج عنه أن الشعب أصبح «جعان» وضيق العيش الذي أصاب الجميع الا الفئة المنتفعة من النظام وهي قليلة جدا وتمثل نسبة 1% هذا الوضع يحتاج إلى أن يوحد الشعب السوداني صفه ويعمل على الخلاص من هذا النظام. } كيف تعملون للخلاص من هذا النظام وهل خطوتم خطوة فعلية نحو الثورة؟ الثورة لا تأتي بالرغبة ولا عن طريق خطوة واحدة وشعبنا ليس بجديدة عليه ثقافة الثورات وهو جرب الثورات في العام 1964م و1985م والثورة تأتي نتيجة تراكم عمل نضالي من قبل الرافضين للنظام الحاكم ويستمر لزمن قد يطول وقد يقصر حسب ظروف كل مجتمع إلى أن نصل إلى مرحلة أن لا يحتمل الشعب العيش تحت ظل هذا النظام ونحن قد اقتربنا من هذه المرحلة. ويتقابل مع هذا أن يفشل النظام نفسه في أن يحكم الشعب، وان يقدم له الخدمات الضرورية وهذا أيضا وصلنا اليه لأن النظام الآن في السودان فاشل في سياساته الاقتصادية والخارجية وعلاقته مع الجيران.. وفاشل في كل شيئ كما هو معروف وغير ناجح في أي مستوى من المستويات والشعب يرفض العيش معه وعند التقاء هاتين النقطتين يحدث الانفجار وشعبنا تعود على الخلاص من النظم الشمولية عبر آليات معينة ومتوفرة في الثورتين السابقتين.. وكان التغيير يحدث عبر الآليات الحديثة في الشعب وهي النقابات العمالية واتحادات المزارعين واتحادات الشباب والطلاب والنساء. } وماهو دور الأحزاب في صناعة الثورات؟ الأحزاب خلال الثورتين السابقتين في السودان دورها كان ثانويا لأن قبضة الاحزاب على عضويتها مفككة وليست منظمة مثل النقابات التي تقرر ويصبح هنالك التزام من أعضاء النقابة يتحركون وفقا له خاصة لمواجهة نظام بإضراب سياسي ومظاهرة.. العلاقة بين أعضاء الاحزاب وقياداتهم تأتي في الانتخابات لذلك الاحزاب كان دورها ثانويا والآن ليس لدينا نقابات وهذا النظام به أشخاص شاركوا في تلك الثورات وكلهم من القوى الحديثة وكانوا طلابا أو مهنيين وهذا أضعفنا لذلك «ماسكين بأيديهم وأرجلهم» على قفل الباب أمام أي حركة نقابية مستقلة. الحركة النقابية بتأسيس النقابة على المنشأة تحولت وأصبحت جزءاً من السلطة التنفيذية في النظام والقدرة النضالية للنقابة في مواجهة النظام أصبحت غير موجودة لذلك رغم ضيق الناس من هذا النظام ليس لديهم طريقة ليغيروا بها النظام حتى الآن خاصة أنهم تعودوا على الطريقة التي ذكرتها لك. } هل تعني أنه ليست هنالك طريقة يغيّر بها الشعبُ النظامَ؟ شكراً لله انه أصبح هنالك سيناريو آخر في الساحة والآن الناس يعملوا من أجل الوصول اليه للتغيير وهو السيناريو الذي قام به الشعب التونسي وكذلك المصري وهؤلاء ليس لديهم تجربة في التحرك الجماهيري والآن الفرصة المطروحة أمام الناس لإسقاط النظام ليس عبر النقابات ولا الاحزاب ومن سيقوم بالتغيير هو الشعب لأن الاحزاب مثلما قلت إن قدرتها على تحريك الناس محدودة ونحن الآن نقوم بعمل ندوات سياسية وهذا لأجل التعبئة والتنظيم وليس في الخرطوم فقط بل كذلك في الاقاليم ونعم أن هنالك مصاعب «نحن مفلسين وإمكانياتنا تعبانة» لكن مع ذلك ننحت الصخر لنرتب الناس ونعبئهم ونتحدث معهم في كيفية التغيير ليكونوا على جاهزية عندما تحين ساعة الصفر.