لم تنتظر قوى المعارضة السودانية دعوتها رسميا من الحزب الحاكم لصياغة دستور دائم للبلاد، فقطع بعضها بعدم التعاون أو التوافق مع المؤتمر الوطني الذي قالت إنه "غير مؤتمن على أية قيمة أخلاقية سياسية كانت أو دستورية". فقد ارتأت قوى المعارضة قطع الطريق على إعلان الحزب الوطني رغبته بتنشيط الحوار مع القوى السياسية لتحقيق أكبر قدر من الوفاق الوطني حول الدستور القادم ليمثل المبادئ الأساسية للشعب السوداني. وفيما يؤكد الوطني أنه يعمل على أن يحدد الدستور الدائم موقف كثير من القوى السياسية من الشرعية بشكل عام، ترى المعارضة أن الحزب الحاكم يعمل لاحتواء الآخرين دون النظر إلى أفكارهم أو رؤاهم. يوسف: القوانين المقيدة للحريات لن تمكن الشعب من إنجاز أي دستور فقد قال رئيس قطاعه السياسي قطبي المهدي إن حزبه -ومن أجل دستور قادم- سيعمل على توسيع الحوار مع كافة فئات الشعب السوداني "وهذه هي الخطة التي ناقشها القطاع في اجتماعاته الأخيرة"، مؤكدا للصحفيين أن الأمانة السياسية للحزب ستبدأ في تكثيف حملته حول الدستور والحوار مع كافة القوى السياسية بشأنه. غياب الحريات لكن الحزب الشيوعي رأى عدم إمكانية صياغة الدستور الدائم في ظل غياب الحريات العامة والديمقراطية بالبلاد، مشيرا إلى أن سكان السودان المقدر تعدادهم بنحو ثلاثين مليونا بعد انفصال الجنوب يتواجد نحو 12 مليون منهم في مناطق الحرب، النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور. وقال رئيس اللجنة السياسية للحزب صديق يوسف للجزيرة نت إن وجود حالة الطوارئ المعلنة في المناطق المعنية بجانب القوانين المقيدة للحريات لن تمكن الشعب من إنجاز أي دستور، مشترطا رفع حالة الطوارئ في الأقاليم المتوترة وتوفر الحريات العامة لأي حار حول الدستور أو غيره. في حين شدد حزب البعث العربي الاشتراكي على عدم إمكانية صياغة أي دستور "في ظل نظام لا يسمح بالحرية وقبول رأي الآخر" مستبعدا قبول حزبه لأي دعوة من الوطني بشأن الدستور. وأكد عضو المكتب القيادي للحزب محمد ضياء الدين أن قوى المعارضة قدمت مشروع إعلان دستوري لإدارة مرحلة ما بعد إسقاط النظام "يحتوي على ملامح دستورية وقانونية لإدارة المرحلة الانتقالية". عبد الرازق: ما يعلنه المؤتمر الوطني فقط للاستهلاك وأشار في تعليقه للجزيرة نت إلى أن دعوة الحزب الحاكم للحوار بشأن الدستور "لا تمثل إلا رؤيته الأحادية التي لا تعني قوى الإجماع الوطني في شيء". دعوة مرفوضة أما حزب المؤتمر الشعبي فنفى تلقيه دعوة من الحزب الحاكم بشأن الدستور المقترح "ولو وصلتنا فإن موقفنا منها هو الرفض"، مؤكدا وجوب صياغة الدستور من خلال جمعية تأسيسية منتخبة ديمقراطيا بعد سقوط النظام الحالي. وقال أمين أمانة الحزب العدلية أبو بكر عبد الرازق إن حزبه يائس من أي إصلاح لأي وثيقة تمثل حكم الشعب في ظل الحكومة الحالية، مشيرا إلى أن ما يعلنه المؤتمر الوطني "فقط للاستهلاك في غير ما مقتضى". وأكد للجزيرة نت أن الوطني "فشل في استيفاء كافة الاستحقاقات الدستورية السابقة والحالية، ومن غير المعقول الاتفاق معه على شيء جديد"، مضيفا أن "قرار المؤتمر الشعبي هو العمل على إسقاط النظام ثم التواضع مع الأحزاب والفعاليات السياسية الأخرى على وثيقة دستورية مرضية للجميع".