وجه حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان نقدا إلى قوى المعارضة التي رفضت دعوته بشأن إعداد مسودة لدستور جديد للبلاد. ورغم المبررات التي ساقها عدد من رموز المعارضة السودانية لرفض مقترح الرئاسة والحكومة للاجتماع لأجل ذلك، وصف المؤتمر الوطني موقف المعارضة ب"المستعجل". ويبدو أن الحزب الحاكم يسعى لحسم أمر الدستور لأجل أهداف يرى أنها ذات مصلحة عليا للبلاد حتى ولو في غياب عدد من المكونات المعارضة والحاملة للسلاح في بعض الولايات السودانية المختلفة، وفق المتابعين. وترفض المعارضة السودانية تلبية دعوة الرئيس عمر البشير لإعداد الدستور في ظل استعار الحروب في عدد من الولايات ومسابقة نظام الحكم للزمن لتجنب عواقب قرار دولي ملزم, إضافة "للغياب التام للحريات السياسية وهيمنة المؤتمر الوطني على كل مفاصل الدولة، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية في البطش وقمع فئات الشعب". وقالت المعارضة في بيان إنه لا يمكن الحديث عن دستور دائم للبلاد في ظل نظام شمولي تؤكد تجاربه العملية عدم قدرته على التفريق بين الحق العام والخاص، مستشهدة بوثيقة حقوق الإنسان المضمنة في الدستور الحالي وعدم العمل بها. مخادعة وأشارت إلى أنها لا ترى في الدعوة سوى نية وتخطيط من المؤتمر الوطني لإحكام قبضته السياسية والاقتصادية على مستقبل البلاد "وما دعوته لرموز القوى الوطنية إلا من باب المخادعة لمشروع دستور معد أصلا ويتطلب إخراجه الإعلامي ظهور القوى الوطنية لذر الرمال في العيون". وطالبت المعارضة كل القوى الأخرى بعدم تلبية دعوة رئيس الجمهورية وحزبه الذي يهدف "للالتفاف على الأزمة السياسية التي تمسك بخناق بلادنا من جراء ما صنعت أيديهم". في المقابل أكد المؤتمر الوطني أن هناك لجنة قومية -تضم الأطراف السودانية بكل مكوناتها- لأجل التحاور في كيفية وضع مسودة ومقترح حول الدستور. استباق وانتقد الناطق الرسمي باسم المؤتمر بدر الدين إبراهيم ما عده استباقا من أحزاب المعارضة بإعلان رفضها للدستور الدائم للبلاد، مشيرا إلى أن "الدستور مسألة قومية وعلى المعارضة عدم إدخاله في تنافسها مع الوطني". وقال للصحفيين إن رفض المعارضة غير منطقي، داعيا إلى مراجعة الموقف لأجل "مصلحة البلاد". أما رئيس الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني المعارضة فاروق أبو عيسى فتساءل عن كيفية مشاركة المعارضة في مناقشة دستور "معد سلفا"، مؤكدا أن المعارضة لن تقبل بالمشاركة في تزيين ما أسماها بالمائدة المسمومة للمؤتمر الوطني "الذي يسعى لترقيع نظامه وتعزيز بقائه في السلطة". وأوضح أن دستورا حكوميا أعد منذ أشهر" بمشاركة بعض الجهات السياسية والأفراد والولاة وبعض الدول الخارجية"، معتبرا أن الوطني غير مؤهل لوضع الدستور. من جهته استبعد الأمين العام لحزب البعث العربي التيجاني مصطفى لقاء القوى السياسية برئيس الجمهورية -وفق الدعوة المقدمة- "لأنها غير ذات جدوى". وقال للجزيرة نت إن المؤتمر الدستوري "هو الأنسب لوضع أسس لدستور دائم للبلاد"، مستنكرا سعي المؤتمر الوطني لإعداد دستور في غياب كثير من مكونات الشعب السوداني. واعتبر أن الدعوة محاولة لاستباق مقترح المعارضة الداعي إلى صياغة دستور "يجد الإجماع من كل مكونات المجتمع السوداني"، متسائلا عن كيفية صياغة دستور دائم "في ظل حكم شمولي لا يعترف بالآخر ويصادر الحريات العامة". جدير بالذكر أن الدستور المطبق حاليا يعود إلى العام 2005، وقد دخل حيز التنفيذ بعد اتفاقية السلام الشامل بين شمال وجنوب السودان، وكان ينظم بالأساس الفترة الانتقالية للاتفاقية وما استلزمته من تقاسم للسلطة والثروة وترتيبات أمنية، مما يستلزم وضع دستور جديد للبلاد بعد انفصال جنوب السودان. المصدر:الجزيرة