نجاح متحف السودان للتاريخ الطبيعى فى اداء رسالته فى المحافظة على ارث وتاريخ السودان الطبيعى يتطلب رسم قواعد تطويره المستقبلى بانشاء مجموعة مرجعية شاملة لكل انواع الكائنات الحية والنباتات وكذلك التراكيب الجيولوجية لانواع عديدة من الصخور والتعرف عليها حيث ترتكز رسالة المتحف على وضع برامج محكمة للنهوض بعمليات جمع العينات كنموذج للحيوانات الحية لعرضها والاحتفاظ ببعضها كعينات مرجعية وقد امكن تنظيم المجموعات المرجعية ومكتبة المتحف حيث استقرت فى المواضع المخصصة لها تسهيلا للرجوع اليها عند اللزوم وهناك سعى لتشييد مبانى جديدة للمتحف كتوسعة ستكون ذات قيمة كبيرة فى تطور متحف التاريخ الطبيعى السودانى واستيعاب متطلبات الحراك العلمى . أن وجود المتحف فى عاصمة البلاد تجعل الكثيرين من السياح خاصة الاجانب يحرصون على زيارته بقصد التعرف على موارد البلاد الطبيعية الامر الذى يتطلب تهيئته بمظهر يترك فى نفس الزائر انطباعا حسنا . وللتعرف والوقوف على جهود تطوير المتحف والرؤى المستقبلية الرامية للنهوض به اجرت وكالة السودان للانباء حوارا مع دكتور ابو القاسم ابراهيم عبد الحليم صديق مدير متحف السودان للتاريخ الطبيعى فالى مضابط الحوار : - دكتور ابو القاسم متى كانت بدايات المتحف ؟ البداية غير الرسمية للمتحف كانت فى العام 1902م فى كلية غردون التذكارية وتم تجميع كثير من مقتنيات المتحف والحاقها بجهود فردية من اماكن مختلفة من البلاد وفى العام 1958م تم ضم المتحف لجامعة الخرطوم حيث احتل مبنى دار اتحاد الطلاب القديم بعد تأهيله ونقل مقتنيات المتحف فيه وفى العام 1968م تم تنفيذ حديقة الزواحف الحية والتى مازالت قائمة حتى الآن وشملت السلاحف البرية والاصلات ومحمية الثعابين والعديد من اقفاص الزواحف وبركة للتماسيح وذلك لتوفير صورة وافية لتنوع الحيوانات فى السودان . - الواقع الحالى بالمتحف من حيث البيئة و المقتنيات كيف هو ؟ يزخر المتحف بانواع عديدة الاحياء النادرة من زواحف حية وثعابين واصلا ت وتماسيح ويحوى صالات معروضات تشمل صالة الجماجم والهياكل وصالة الاحيا ء المائية والبرمائيات وصالة الطيور و علم الجيولوجيا وصالة علم النبات وغرف بيئات السودان كما اضيفت عينات متحفية جديدة و زواحف وطيور وعناكب واسماك وتم اعداد الكثير من البطاقات والمذكرات الايضاحية التى توضح تصنيف الحيوان بما يناسب الفئات المختلفة لزوار المتحف . يلاحظ من يلج المتحف التغيرات التى طرأت عليه من حيث تهيئة البيئة و التنظيم هلا حدثتنا عن هذه الجهود؟ -بدأ الاهتمام بالمتحف عندما تولى بروفيسور مصطفى ادريس ادارة جامعة الخرطوم وكذلك اهتمت به دكتورة سمية ابو كشوة عميد كلية العلوم السابقة الامر الذى شكل دافعا قويا للعاملين به فبدأوا يبذلون كل جهد لترقية بيئة المتحف فكان نتيجة ذلك التحول الايجابى فى البيئة التحتية واصبح المتحف خلال الاعوام الاخيرة موقعا للجذب التعليمى والتثقيفى وجذب السياح من داخل وخارج البلاد وبدأ استعادة موقعه العلمى العالمى الامر الذى يمكن ان يجعله فخرا للسودان ولجامعة الخرطوم . - نلاحظ لديكم الاصرار والعزم على ترقية المتحف رغم قلة الامكانات المتاحة كيف تعملون فى ظل هذه الظروف ؟ المتحف وما يمثله للسودان من اهمية ومايحويه من مقتنيات يمكن ان تستفيد منها البلاد مما يدفعنا لايلائه الاهتمام الاكبر رغم الظروف فقد الينا على انفسنا النهوض به بتعاون اسرة المتحف ادارة وعاملين فهو صرح علمى هام يتطلب دعمه بتوفر الموارد الضرورية والكوادر الفنية حتى يؤدى دوره الريادى المنوط به وهو المحافظة على ارث وتاريخ السودان الطبيعى وقد امكن تنظيم المجموعات المرجعية ومكتبة المتحف حيث استقرت فى المواضع المخصصة لها تسهيلا للرجوع اليها عند اللزوم وهناك سعى لتشييد مبانى جديدة للمتحف كتوسعة ستكون ذات قيمة كبيرة فى تطور متحف التاريخ الطبيعى السودانى واستيعاب متطلبات الحراك العلمى . ولتحقيق مانصبو اليه ندعو الجهات المسؤولة بالدولة ضرورة ايلاء المتحف مزيدا من الاهتمام وتخصيص ميزانية له فالمتحف ومايحويه من موارد يتيح فرصا استثمارية مثلى تسهم فى دعم قطاع السياحة ومن ثم الاقتصاد القومى دكتور ابو القاسم حدثنا عن مجالات التعاون مع الجهات ذات الصلة بعمل المتحف - للمتحف نشاط مقدر فى هذا المجال فقد اهدى متحف الفقاريات بجامعة كاليفرونيا برامج ومفاتيح لتصنيف الزواحف كما تم استضافة الباحث الامريكى بالمتحف دكتور ثيودور جونستون حيث قام برحلات علمية لجمع عينات من الزواحف والبرمائيات من ولايتى كسلا والبحر الاحمر ووقف يرافقه عدد كبير من الطلاب على طرق جمع هذه الكائنات وحفظ اجزاء صغيرة من انسجتها للدراسات الجينية الانية والمستقبلية كما اهدى دكتور ثيودور المتحف عددا مقدرا من الكتب العلمية لاثراء مكتبة المتحف وبعض المعدات الهامة . - وماذا عن الرؤى المستقبلية للمتحف ؟ اجاب دكتور ابو القاسم : المتحف يحتاج الكثير من المعينات العينية والمادية ليحقق اهدافه ويواكب التطور الهائل فى مجالات التوثيق والمعرفة وتسعى ادارة المتحف حاليا لزيادة الكادر الاكاديمى ليغطى بتخصصاته المتباينة المجالات المعرفية المختلفة التى تتطلبها اعمال المتحف كذلك نعمل لتدريب فنيى التحنيط بصورة تمكنهم من التقانات الحديثة ورفع كفاءتهم المهنية وذلك عبر تنفيذ دورات تدريبية بجانب تفعيل التواصل مع المؤسسات النظيرة المحلية والاقليمية والعالمية و توفير وسائل نقل مهيئة تسهم فى جمع عينات علمية للمتحف . خلال الايام القليلة الماضية وتحديدا منتصف مايو الماضى احتفلتم بيوم المتحف العالمى تحت شعار ( المتاحف والابعاد الثقافية ) )ما هو مضمون شعار الاحتفال ودلالاته ؟ - إن فكرة المتاحف والابعاد الثقافية تجعل المتاحف مسئولة عن مسارحها اى مكان وجودها وتدفعها للمساهمة فى المعرفة فالمهمة الاولية للمتاحف تتمثل فى الحفاظ على التراث وكذلك توفر للمجتمعات نظرة مختلفة للمشاهد الطبيعية فالمتاحف تتحمل الحفاظ على المقتنيات وتعزز التراث المعرفى والخبرة وكذلك فالمتاحف مسئولة عن المحافظة على الارث البيئى وهى بطبيعتها الخاصة تطور بها ابعاد المشاهد الطبيعية بصورة مستمرة ولايمكن تجميدها فالمتاحف يمكن ان يكون لها دور ومشاركة فى ادارة مكان يحترم مكونه الطبيعى بتوفير المعرفة والابعاد الطبيعية و الثقافية . ختاما دكتور ابو القاسم المتحف يعد صرحا علميا تعليميا وترفيهيا فى آن واحد ما مدى رضاء الزائرين له؟ - إن الاعمال التأهيلية التي قامت بها ادارة المتحف وفي حدود الامكانات المتاحة اسهمت في زيادة عدد الزوار بصورة ملحوظة حيث تعرف المواطنون خلال الفترة الاخيرة على موقع المتحف وقضوا فيه بعض الاوقات الجميلة خاصة بالنسبة للاطفال وتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات كما استفادت منه الكليات العلمية بالجامعات باستخدام مقتنيات المتحف وتنفيذ بعض متطلبات دارستهم العلمية وكذلك يتيح المتحف للهواة والسواح سانحة للتدبر في تنوع خلق الله ودقته وهو القائل في محكم التنزيل " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى? كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (أية50) سورة طه ، تلاحظ روح هذه الاية في حركات الزواحف والطيور وهي تتجاوب مع الزائرين تخفيا وظهورا طيرانا وسكونا في مشهد يريح النفس ويدخل الحبور عليها فاللوحة اكتملت بتهيئة جزء كبير من بيئة المتحف لهذه الأحياء فالخضرة تكسو مساحاته تزينها نافورة جميلة تم جلبها مؤخرا.