الخرطوم فى 25-9-2011 /سونا/ رحل عن دنيانا فجر أمس العندليب الأسمر الفنان محمد ابراهيم زيدان الشهير (زيدان إبراهيم ) بعد أيام قضاها مستشفيا بالقاهرة - مستشفى المروة بالمهندسين، بدأها مساء الإثنين الثاني عشر من الشهر الجاري رحل جسد الفنان الكبير زيدان إبراهيم وبقي لنا سجلاً رائعاً من الأغاني والأعمال الخالدة في مكتبة الأغنية السودانية التي نذر لها حياته المليئة بالعطاء والبذل، لم يبخل على جمهوره وفي أحلك الظروف في تقديم ما يساهم في تطور الأغنية السودانية الحديثة التي جسد مدى الوعي الكبير لدى الفنان في تقديم نماذج غنائية تساهم في صياغة الوجدان في الشخصية السودانية . سجل زيدان إبراهيم أسماً من نور في ذاكرة الشعب السوداني ، من خلال أعماله المتنوعة والتي أستوعبت كل الفئات العمرية شيباً وشباباً ، أصبح بدون منازع رمزاً للأغنية السودانية ذات المضمون والمغزى، صنع لنفسه قيمة فنية رفيعة من بين أقرانه الفنانين من خلال تقديمه لمجموعة من الأغاني المتجددة ، من خلال تجربة أمتدت لنصف قرن من الزمان . ولد زيدان إبراهيم فى حى الموردة وترعرع في حي العباسية بأُم درمان الذي ضم كثيرا من العمالقة والنجوم فى السياسة ،الأدب،الفن ،الموسيقى ،الرياضة، العلوم الانسانية ، الطب ،الهندسة ، القضاء، الاداره الاهلية والقوات المسلحه. درس زيدان بمدرسة حي العرب الإبتدائية وكان من التلاميذ النجباء، وقد اظهر منذ بدايته موهبة فذة، لم يواصل مشواره الأكاديمي لظروف خاصة به، بدأت موهبته تتفتح كعازف مزمار مؤدي لأغاني الرواد من الفنانيين -الكاشف -وردي والكابلي- تعلم العزف علي العود تحت اشراف الموسيقار صالح عركي عام 1960م .وكانت اغنية (بالي مشغول يا حبيبي) التي كتب كلماتها الشاعر عوض أحمد الخليفة وقام بتلحينها الموسيقار عبداللطيف خضر من أولى الأعمال لزيدان .بعدها قدم مجموعة من الأغاني لعدد من الشعراء من بينها اغاني كتبت كلماتها باللغة العربية الفصحى . لم يلتزم بشاعر واحد أو ملحن واحد بل تعاون خلال مشواره الفني مع عدد من الشعراء والملحنين إضافة إلى تلحينه لبعض الاغاني. من الشعراء الذين تعاون معهم الفنان الراحل زيدان على سبيل المثال لا الحصر التجاني حاج موسى-محمد جعفر عثمان -مهدي محمد سعيد وعبد الوهاب هلاوي ومن الملحنين الذين قاموا بتلحين اغنياته :عمر الشاعر- بشير عباس- عبد الماجد خليفة-عبد اللطيف خضر -السني الضوي- الفاتح كسلاوي -الفاتح قميحة وإبراهيم ناجي. تم تكريم الفنان زيدان العام الماضي من قبل الاتحاد العام للمهن الموسيقية باعتباره الفنان الوحيد الملتزم بلوائح الاتحاد والمحافظ على حقوق الإتحاد . الفنان الراحل زيدان يعتبر شخصية إستثنائية أعطت للفن السوداني كل حياتها ، فما من شخص من الفنانين طرق بابه وإلا كان مفتوحاً له ، مقدماً يد العون والمساعدة ومساهما في كل الاعمال الخيرية وذلك يعكس فهمه ووعيه لرسالته كفنان يساهم في تنمية ورفاهية المجتمع. اضافة الي تقديمه كل ما يفيد الأغنية السودانية ويساعد علي تطورها وقد كانت تجربته الغنائية هادية لمجموعة كبيرة من الفنانين الشباب في بدايات مسيرتهم الغنائية وأصبحوا يؤدون أغانيه الخالدة والمحفورة في ذاكرتنا . هذا الوعي ليس غريباً على شخصيته الفنية المرهفة جداً والتي يحسها كل من يستمع إلى أغانيه بصوته الرائع الذي يتغلغل في إحساس الإنسان السوداني لينتج هذا التصالح الرهيب مع الذات المبدعة والمتألقه دائماً . اتسمت اغاني زيدان المختارة التي غني بها بالكلمات الرصينة والجميلة والرومانسية مما حدا بكل من يستمع اليها بالاندماج فيها والاندياح في دوائر كلماتها وبقدر يحس كل شخص ان هذه الاغاني تعبر عن مشاعره وحكايته. حقاً رحل زيدان إبراهيم جسداً ولكن تبقى روحه وأغنياته وكل تجاربه الفنية ملهمةً للجميع لنصنع منها تمثالاً للأغنية السودانية الرصينة ذات الأبعاد الجمالية التي تمتع بها فقيدنا الرائع ، اللهم أرحمه بقدر ما قدم من تجارب وأعمال ساهمت وسوف تشكل ولردحاً من الزمان نبراسا للأغنية السودانية، ومؤشراً مهماً للتجارب الغنائية المختلفة.