لندن 28-5-2012- سونا - فايننشيال تايمز تصنع شركة لولولمون إثلتيكا ملابس لليوجا وما تسميه ''ملحقات أخرى للتعرُّق''. وهي مثل عدد متزايد من شركات الملابس تتجنب القطن ويقول جون كاري، مديرها المالي: ''المزيد من منتجاتنا أساسها النفط''. وتشكل أذواق مستهلكي المنسوجات، مثل لولولمون، مصدر قلق متزايد لسوق القطن. فبعد عامين من تحركات الأسعار القاسية، تخسر الألياف الطبيعية الحصة السوقية لصالح الألياف الاصطناعية بمعدل متسارع. وأجبر تراجع شعبية القطن على تخفيضات متكررة في تقديرات الاستهلاك العالمي، بعد عام تسبب فيه طلب كبير متزايد من مصانع النسيج الآسيوية في رفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. ومنذ فترات الذروة هذه في أوائل العام الماضي، تراجعت السوق 68 في المائة، وانخفضت العقود الآجلة في الولاياتالمتحدة 72 سنتا للرطل، وهو أدنى سعر منذ أوائل 2010. ويشير ضعف الطلب إلى أن انخفاض الأسعار سيستمر. وتغيير التفضيلات وتطور البوليستر من كونه قماشا للبدلات في السبعينيات إلى قماش للملابس الرياضية الأنيقة يفسر هذا التحول. إلا أن السبب المباشر هو سوق القطن الفوضوية نفسها التي توضح كيف أن التداول في عقود المشتقات الغامضة له نتائج بالنسبة للعالم الحقيقي. وشهدت سوق القطن التي ترتبط ارتباطا وثيقا بموسم المحصول في الولاياتالمتحدة التي تعد أكبر مصدِّر في العالم ارتفاع الأسعار ثلاثة أضعاف في غضون ثمانية أشهر، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 2.27 دولار للرطل في (مارس) 2011 قبل انخفاضها. وهذان النقيضان دفعا بعض المزارعين إلى التراجع عن عمليات البيع الآجل مع ارتفاع الأسعار. وحينها رفضت مصانع الغزل - الزبائن الرئيسيون الشحنات حين بدأت الأسعار بالانخفاض. وفي اتحاد القطن الدولية، الذي يتخذ من ليفربول مقرا له، زادت طلبات التحكيم خمسة أضعاف العام الماضي. وأدرج الاتحاد مصانع وتجارا في مناطق تمتد من دكا إلى ممفيس، على القائمة السوداء لانتهاكهم العقود. ولم يؤد ارتفاع السعر إلى زيادة التكاليف فحسب، بل شوه سمعة صناعة القطن التي عُرفت بإمداداتها الموثوق بها. واستجابت شركات الملابس عن طريق تبني البوليستر وبدائل أخرى. ويقول أليخاندرو بلاستينا، الخبير الاقتصادي في اللجنة الاستشارية الدولية للقطن، وهي مجموعة أبحاث حكومية دولية في واشنطن: ''للأسف لقد حدث الضرر ولن يستعيد القطن أبدا حصته السوقية''. وتشير تقديرات اللجنة الاستشارية الدولية للقطن إلى أن القطن يشكل أقل من 32 في المائة من الاستهلاك العالمي من الألياف، مقارنة ب 40 في المائة قبل عقد، ونحو الثلثين قبل نصف قرن. وهو أضعف في الدول النامية حيث المستهلكون أكثر حساسية للأسعار. وتسارع المعدل العالمي للانخفاض مع تزايد تقلب أسعار القطن. وتشير تقديرات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن الاستهلاك العالمي انخفض 16 في المائة من ذروته قبل الأزمة المالية، وأحد أسباب ضعفه هو المنافسة التي تشكلها الألياف الأخرى. وتقول كارول سكيلي، محللة الألياف في وزارة الزراعة الأمريكية: ''يعود ذلك إلى النمو الاقتصادي البطيء وكذلك إلى خسارة الحصة بالنسبة للقطن نتيجة الأسعار المرتفعة التي شهدناها في خريف عام 2010 وربيع عام 2011''. وأصبحت أسعار البوليستر الذي يتم استخدامه في منتجات تمتد من الفساتين إلى أغطية الأسرة، أغلى مع ارتفاع سعر النفط على مدى العامين الماضيين. لكن حتى بعد انهيار سعر القطن، تقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن رطل القطن في الصين لا يزال يكلف 67 في المائة أكثر من البوليستر. إضافة إلى ذلك، كان ارتفاع سعر النفط أكثر ثباتا، وتتركز سلسلة توريد البوليستر بين المصانع الصينية، وليس الشبكة العالمية الموزعة للمزارعين والمصانع الصغيرة. ويتوقع العديدون انخفاضات أخرى في أسعار القطن. ويعتقد ساني فيرغيز، الرئيس التنفيذي لشركة أولام إنترناشيونال، وهي بيت للتجارة الزراعية في سنغافورة وأحد أكبر تجار القطن، أن أسعار القطن ستتراجع هذا العام. وقال: ''تكتسب الألياف الاصطناعية الحصة. أسعار البوليستر أقل من أسعار القطن''. وفي الأسبوع الماضي، أنهى بنك جولدمان ساكس، الذي أوصى العملاء بشراء خيارات البيع للاستفادة من انخفاض القطن، التداول ولكن لا يزال البنك يرى ''إمكانية هبوط أخرى'' في النصف الثاني من العام. وفي آخر توقعاتها تشير وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن مخزونات القطن العالمية ستبلغ 73.75 بالة، زنة 480 رطلا، بحلول تموز (يوليو) 2013. ويزيد هذا المخزون على محصول القطن في العالم قبل 25 عاما. ويأمل مزارعو القطن في الولاياتالمتحدة أن تعيد الأسعار المنخفضة القدرة التنافسية للألياف الطبيعية مقابل الألياف الاصطناعية. ويقول جون ديفاين، كبير الاقتصاديين في كوتن إنك، وهي هيئة ممولة من قبل مزارعي ومستوردي القطن الأمريكيين: ''على الأقل، من وجهة نظر الأسعار، تضاءل الدافع لإدخال مزيد من الألياف الاصطناعية بشكل كبير''. ويبدو أن الكثير من المستهلكين لا يشاركونه هذا التفاؤل. ويقول كريستيان شيندلر، المدير العام للاتحاد الدولي لمصنعي النسيج في سويسرا: ''مع تأصل التقلب في القطن، لا يميل الناس للعودة إليه في أي وقت قريب''. ن*ع