- تعتبر أسواق المال بمثابة الترمومتر الحقيقي لقياس كفاءة ونشاط أي اقتصاد ، لذا فإن سياسة التحرير الاقتصادي التي بدأ تطبيقها في السودان في العام 1992 ومع ضرورة مواكبة التحولات الاقتصادية الإقليمية والدولية المتسارعة وتزايد الحاجة إلى الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية لإكمال عناصر النهوض اقتصادياً ومع بدء الخطوات الفعلية لعدد من الشركات للاتجاه نحو إكمال مسيرة التحول الفعلي إلى شركات مساهمة عامة كان لابد من التفكير في إنشاء سوق للأوراق المالية ، وتشير ورقة عمل حول دور "البورصة الالكترونية بسوق الخرطوم للأوراق المالية في التنمية الاقتصادية" التى قدمها الاستاذ عثمان حمد المدير العام لسوق الخرطوم للاوراق المالية خلال ورشة عمل دور البورصة الالكترونية بسوق الخرطوم للاوراق المالية فى التنمية الاقتصادية التى نظمتها امانة سيدات الاعمال باتحاد اصحاب العمل مؤخراً تشير إلى أن فكرة إنشاء سوق للأوراق المالية في السودان كانت في العام 1962 حيث تم تأسيس "هيئة الأسواق المالية" وإجراء دراسات شاركت فيها مؤسسات التمويل التابعة للبنك الدولي ومشاورات مع البنوك التجارية واتحاد الصناعات وشركات التامين ومؤسسة التنمية السودانية حتى منتصف السبعينيات حيث تم وضع مسودة "قانون الأوراق المالية" وتمت إجازته في العام 1982 لينظم إنشاء سوق للأوراق المالية في السودان الشئ الذي لم يتم انجازه حتى العام 1992 م. وتبين الورقة إن الخطوات الجادة لإنشاء سوق للأوراق المالية كان في بداية التسعينات وذلك بإتاحة الفرص للقطاع الخاص كي يسهم في تمويل المشروعات الاقتصادية عن طريق سوق رأس المال وهو في الغالب تمويل يناسب الأعمال التجارية والمواسم الزراعية وشراء المواد الخام للمصانع ورأس المال العامل وذلك نظراً إلى أن موارد المصارف قصيرة الأجل ، أما عمليات التنمية فتحتاج إلى فترات طويلة لا يمكن تمويلها إلا بواسطة موارد طويلة الأجل وهي موارد سوق رأس المال وذلك عن طريق إنشاء شركات مساهمة عامة ، وتشير الورقة إلى انه وفي فبراير من العام 1992 تم إقرار تعديل علي قانون السوق لعام 1982 والذي بدوره لم يف بكل الأغراض لإنشاء سوق للأوراق المالية ، وتورد الورقة انه وفي العام 1992 تم وضع مشروع قانون سوق الخرطوم للأوراق المالية والذي أجازه آنذاك المجلس الوطني الانتقالي في يونيو 1994 ليصبح سوق الخرطوم للأوراق المالية كياناً قانونياً مستقلاً ، وهو القانون الذي ينظم ويحكم عمل ونشاط السوق وتعتبر أحكامه سائدة إلي المدى الذي يزيل التعارض بينه وبين أي قوانين أخرى. ويشير الاستاذ عثمان حمد فى ورقته إلى أن قانون سوق الخرطوم للأوراق المالية نص علي أن تكون للسوق عدداً من الأهداف والأغراض أهمها تنظيم ومراقبة إصدار الأوراق المالية والتعامل بها بيعاً وشراءً وتشجيع الادخار وتنمية الوعي الاستثماري بين المواطنين وتوظيف المدخرات في الأوراق المالية والعمل علي توسيع وتعزيز الملكية الخاصة للأصول الإنتاجية في الاقتصاد الوطني وتطوير وتنمية سوق الإصدارات وذلك بتنظيم ومراقبة إصدارات الأوراق المالية وتطوير وتشجيع الاستثمار بالأوراق المالية ودراسة التشريعات ذات العلاقة بالسوق ، كما تشير الورقة إلى انه في الثامن من يناير 2012 تم افتتاح منظومة التعامل بالتداول الإلكتروني ليدخل سوق الخرطوم للأوراق المالية في مرحلة جديدة من التطور . وتطرح الورقة الرؤية المستقبلية لتطوير سوق الخرطوم للأوراق المالية بهدف ترقية الأداء وإضافة أسواق مالية جديدة مواكبة للتطورات والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية في مجال أسواق المال وتفادي التداعيات الناتجة عن الأزمة المالية العالمية علي أسواق المال من خلال عدد من المحاور أهمها تطبيق نظام التداول الإلكتروني وإيجاد مقر دائم للسوق والرقابة والإشراف على السوق ومراجعة القوانين واللوائح والهياكل التنظيمية للسوق وتوسيع نشاطه ، وتوضح الورقة أن الخطوة الأولى نحو إصلاح حال السوق هو التحول من نظام التداول اليدوي إلى نظام التداول الإلكتروني باعتباره أصبح ضرورة عاجلة لعد أسباب أهمها السعي نحو تحسين أداء عمليات التداول ورفع كفاءتها وتحسين دقة و كفاءة عمليات التسوية والتقاص وتطوير نظام للمراقبة و التحكم في عمليات التداول كما ان النظام يتيح الاستعلام عن طريق شبكة الانترنت وتسهيل ربط وتوصيل نظام السوق المحوسب مع أنظمة الدفع القومية وتقليل الوقت و الجهد في عمليات التداول المختلفة وربط وتوصيل نظام السوق الالكتروني المحوسب مع الأسواق الإقليمية والعالمية إلى جانب زيادة الشفافية لنشاطات وعمليات السوق الى جانب تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي ومساعدة المستثمرين في اتخاذ القرار الخاص بالاستثمار بالسودان. وتناول حمد الدور الذي تضطلع به البورصة في التنمية الاقتصادية حيث تورد مساهمة الأوراق المالية في السوق في الناتج الإجمالي المحلي بنسبة بلغت 6.39% من جملة الناتج المحلي الإجمالي (الأسهم) وبنسبة بنسبة بلغت 6.8% فى (الدين) وتشير الى ارتباط سوق المال الوثيق بالتنمية وما يدور فى الاقتصاد وضخ الأموال للقطاعات المنتجة ونشر الوعي الاقتصادي والادخاري والاستثماري وإحداث التوازن المطلوب بين الاستثمار والادخار كما تعتبر السوق مكاناً لعمليات تداول الأوراق المالية بيعاً وشراءً وعمليات تمويل شركات المساهمة العامة عبر إنشاء الشركات الحديثة أو رفع رؤوس أموال الشركات القائمة وإنشاء شركات كبرى في الصناعة والاستثمار والمال والخدمات والزراعة والبناء والتشييد لخدمة الاقتصاد من خلال مشاريع اقتصادية ومساعدة الدولة في الاقتراض من الجمهور لأغراض تمويل مشروعات التنمية واستخدامها كأداة لإدارة السيولة والتحكم في معدلات التضخم بعيدا عن التمويل بالعجز كما تتم عبر السوق تأسيس شركات المساهمة العامة الجديدة وزيادة رؤوس أموال الشركات القائمة إلى جانب المساهمة في استقطاب وتشجيع استثمارات الأجانب للمساهمة في التنمية عبر تمويل حقيقي كبير الحجم وطويل الأجل غير تضخمي يساعد في امتصاص السيولة وتحويلها نحو الإنتاج كما توضح الورقة أن للسوق دوراً مهماً في عمليات الخصخصة وتحويل الشركات الخاصة والعائلية إلى شركات مساهمة عامة والمزايا التي تحصل عليها في حال تحولها إلى مساهمة عامة في التمويل وخفض الضرائب إلى جانب المزايا الإدارية وأكد حمد أن عمليات التداول الإلكتروني تركت بصمة واضحة خلال الفترة السابقة وتوقع تحسن كل مؤشرات التداول خلال الفترات القريبة المقبلة.