حظيت الصناعات الصغيرة في كثير من الدول باهتمام كبير لتأثيرها الايجابي علي الاقتصاد القومي و أصبح ينظر لها علي انها أحد الوسائل الهامة في معالجة الاختلالات الداخلية ونقطة الانطلاق في تذليل مشكلة الفقر والبطالة وترسيخ دعائم التنمية المتوازنة والمستدامة في ربوع البلاد وقد أصبح هذا التوجه هدف تنموي استراتيجي أكدت التجربة صحته في كثير من البلدان المتطورة والنامية. والناظر لواقع الصناعات الصغيرة في السودان يجد ان هنالك تباطؤ وقصور و تردد في معالجة الاختناقات التي تواجه قطاع الصناعات الصغيرة رغم دورها المتنامي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك بسبب المعوقات والتحديات التي تعوق مسيرة تنميتها وتطويرها . الخبير الاقتصادي حسن عثمان في ورقته التي قدمها للمشاركين في ورشة دور الصناعات الصغيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي نظمتها الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس في اطار الجهود المبذولة لتطوير الصناعات الصغيرة تناول اولا تعريف الصناعات الصغيرة مشيرا الي أنها هي المنشأة التي تستخدم أقل من عشرة عمال في نشاط انتاجي يحقق قيمة مضافة ويعتمد علي العنصر البشري ذات المهارات عن طريق استخدام تقنيات بسيطة موضحا السمات التي تتصف بها تلك الصناعات من حيث محددوية رأس المال المستثمر ومحدودية مخاطر الاستثمار مع سهولة تنفيذ المنشأة والاعتماد علي الخبرات المتوارثة مع إمكانية استخدام تكنولوجيا غير معقدة وتمركز القرار في يد صاحب المشروع واعتماد الإنتاج علي السوق المحلي. وأشار استاذ حسن للأسباب التي جعلت الدول تهتم بالصناعات الصغيرة وتقدم لها الدعم والتسهيلات والتمويل وتوفر لها المعلومات التقنية بجانب مساعدتها في تسويق منتاجاتها داخليا وخارجيا وذلك لأسباب اهمها توفير فرص العمل والحد من البطالة لمختلف انواع العمالة سواء كانت عمالة ماهرة او غير ماهره بجانب ملائمتها لظروف الدول النامية بما لها من مرونة لتغلغلها في الريف والأماكن النائية بحيث تكون نواة لصناعات كبيرة وتشجيعها للمبادرة والابتكار خاصة في مجال الإنتاج وتطوير المهارات كما انها تساعد علي المنافسة الايجابية التي تساعد علي ترقية الإنتاج وتطويره وتعمل علي تحقيق التنمية المتوازنة في الإقليم كما تمتاز الصناعات الصغيرة بمرونة الاستجابة التي تحدث في السوق وتؤدي لتغيير الأذواق والانماط وتساعد علي تقليص التضخم. وتناول استاذ حسن الوضع الراهن للصناعات الصغيرة في السودان معلنا عن توقف 65% من منشآت القطاع خاصة في مجال صناعة الغزل والنسيج التي توقفت فيها كل المشاغل المنزلية وأعمال التريكو كما تقلصت صناعة المنتجات الجلدية من 460 ورشة الي 30 ورشة فقط. كما طال التدني قطاع الصناعات الهندسية حيث كان عدد المسابك المنتجة للمعدات وقطع الغيار حوالي 51 مسبك وأصبح الآن لا يزيد عن 6 مسابك فقط وعزا ذلك لتصدير الحديد الخردة في الفترة الأخيرة مشيرا الي ان هذا القطاع كان يضم مجموعة متميزة من المبدعين انتجت بعض النماذج المتميزة من المعدات مثل محولات الكهرباء والقلايات والأفران الآلية ومصانع الحلويات والمعدات الزراعية ولكن تراجع هذا القطاع وتدهور الشىء الذي ادي الي تصدعات في التوازن المجتمعي موضحا اهم التحديات التي تواجه القطاع كعدم وجود الاطار المؤسسى الراعي للصناعات الصغيرة بجانب افتقاره لنشريع قانون يدعم الصناعات وعدم توفر الاذرع الفنية المساندة للمنتج الصغير وعدم توفير برامج التدريب والتأهيل والتمويل الكافي الي جانب تدني البنية التحتية الاساسية وتعدد الرسوم والجبيات والافتقار لمنظومة الجودة والمواصفات ومشكلة الترويج والتسويق. وطالب المشاركون في الورشة باهمية وجود استراتيجية للصناعات الصغيرة وتوفير بيئة ملائمة لنموها وتحديث منشاتها بجانب العمل علي تحسين الجودة ورفع القدرة التنافسية للمنتجات وتعزيز فرص التعاون والتشابك الصناعي والاهتمام بمراكز التدريب المهني والحرفي واعداد برامج لتنمية المناطق الريفية والاهتمام بالبحث العلمي خاصة في مجال الصناعات التي تتميز البلاد فيها بقيمة نسبة مثل الصناعات الغذائية والغزل والنسيج ودباغة وصناعة المنتجات الجلدية والصناعات الخشبية. ودعا المشاركون لضرورة إصدار تشريع قانوني ينظم ويدعم الصناعات الصغيرة بجانب إيجاد آلية تشكل إطار مؤسس جامع راعي ومنسق لجهود الجهات ذات الصلة تعمل علي تقوية البناء الاقتصادي والاجتماعي بالاضافة لاعداد برامج تدريبية لدفع مهارات صغار المنتجين بالتركيز علي المجالات والانشطة التي يحتاجها سوق العمل ، كما أوصت الورشة بقيام مجلس أعلي للصناعات الصغيرة تحت رعاية وزارة الصناعة يضم في عضويته الجهات ذات الصلة وتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ التوصيات. ن ف