تميزت المرأة السودانية منذ القدم بالثوب السوداني الحديث عن تاريخ الثوب السوداني هل هو سوداني الهوية أم وافد على السودان ؟ قالت الطالبة أميمة محمد قرشي( باحثة فلكلور ) أن عددا من الدراسات أثبتت ان الثوب ظهر منذ الحضارة البجراوية أي منذ أكثر من عشرة آلاف عام مشيرة الى انه كان زيا قوميا للملكات آنذاك واوضحت أن بعض الدراسات تقول أن الملكة الكنداكة اول من أرتدت الثوب السوداني . وأضافت أن أول ماظهر من ثياب سودانية في السابق ثياب القنجة والزراق أو مايعرف ب( النيلة ) ذات اللون النيلي وهي مصنعة من خيوط مغزولة من القطن السوداني ثم ظهر بما عرف بالطرقة وبعدها ثياب الكرب السادة التي جلبها تجار من صعيد مصر يعرفون في السودان ب( النقادة ) ويمتاز هذا النوع من الثياب بلونه الأسود الناعم نسبياً وكان تقتنيه المترفات من النساء كما كان يسمى ( بمصر البيضاء) وبهده ثم ظهرت ثياب ( الفردة ) وهي مصنوعة ايضا من القطن السوداني. وإستطردت أميمة في الحديث عن تطور الثوب السوداني حتى قالت إن الثياب المستوردة عالية الجودة ملأت الأسواق السودانية وبدأت الثياب القديمة في التراجع مما خلق منافسة في السوق المحلي. وأضافت أن فترة الحكم الثنائي وبعد الإستقلال شهدت فيها الساحة السودانية ظهور مجموعة من الثياب المستوردة تشير اسماءها إلى الاحداث السياسية والإجتماعية كالسلك الدبلوماسي ، إسبوع المرأة ، شم النسيم ، الكادر ،الإستقلال ،الدلع ، ابو قجيجة ، بوليس النجدة وغيره . وشهد الثوب السوداني تغييرات كثيرة في شكله وحجمه حسب الزمان والمكان وهنا أكدت الباحثة أن الثوب في السابق كان يتكون من قطعتين من قماش ذو شكل واحد طولها لايقل عن تسعة أمتار وتتم حياكتهما بالتوازي مع بعضهما لتظهر الحياكة في الوسط فيصبح طول الثوب أربعة أمتار ونصف المتر وهوالطول المثالي لإرتداءه لستر سائر ماترتدية المراة من ملابس وكافة جسدها ، أما الآن فصار الثوب المستورد يتكون من قطعة واحدة تحمل ذات العرض والطول للثوب السوداني القديم ( أربعة أمتار ونصف ) ولها ميزة في تحسن الشكل بجانب الميزة الإقتصادية لأنها لاتحتاج إلى حياكة في الوسط كما كان في السابق . الأستاذة تهاني أبوبكر مصممة ازياء بالخرطوم بحري قالت إن الثوب السوداني كان في السابق يحمل أسماء تدل على بلد المنشأ كالبنغالي ( بنغلاديش ) رسالة لندن ، الساري الهندي وغيره لكن الآن تعددت الدول التي يتم منها إستيراد الثوب السوداني وتشمل دولا عربية وأوربية وأسيوية وغيرها فكثرت اسماءه التي تحمل آخر المستجدات السياسية والإجتماعية على الصعيدين المحلي والعالمي . وتناولت تهاني تباين الانواع بتباين الخامات المصنوعة منه كالقطن ، الحرير والشيفون والثياب التي تعرف بالهزاز مشيرة الى أن التوتال السويسري مازال متربعا حتى الآن على عرش الثياب السودانية وذلك لجودته وفخامته وملاءمته لطقس السودان رغم إرتفاع أسعاره ومنافسة الكثير من الثياب المستوردة له لكن لكل ثمنه، وتعد سويسرا من أكبر منتجي الثوب السوداني حيث يتابع مصممو الأزياء بسويسرا السوق السودانية ويرصدون اتجاهات الذوق السوداني، ليبتكروا أرقى وأجمل أنواع الثياب . اما تعدد اشكال الثوب السوداني فترتكز على التصميم من حيث الرسومات والألوان فنجد المشجر، المطرز ، السادة ، المطبوع بالالوان المائية وجميعها تخضع لتقلبات الموضة ، والمناسبة تحدد لون الثوب عند الشراء كثوب (الحداد ) للتي توفي عنها زوجها فتواظب على لبس الثوب الابيض طيلة فترة العدة فألون الابيض عموما هو اللون المعبر عن الحزن في السودان على عكس الدول الاخرى التي ترتدي فيها النساء اللون الأسود بمعنى أن لون الثوب له إعتبار خاص في بعض المناسبات وهناك مايعرف بثوب ( الجرتق ) الذي غالبا مايكون لونه أحمر ، أما العاملات بالدولة مازلن يتفردن بالثوب الأبيض وأن ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الثياب البيضاء المختلطة بالالوان الاخرى إلا انها غير محبذة للسماح بالدخول الى بعض الجهات الرسمية خاصة القصر الجمهوري ومجلس الوزراء. وحسب إستطلاع لرأي عدد من النساء السودانيات فإن الثوب السوداني مازال هو الزي المميز للمرأة السودانية مؤكدات تمسكهن به بقناعة راسخة وان كثرت البدائل والأزياء الوافدة خاصة العباءة الخليجية مبينات أن كل ماهو وافد لن يكون بديلا للثوب السوداني الذي يحمل قيمته الحضارية والتراثية وهو زي محتشم يبرز أناقة المراة السودانية رغم تجدد شكله وطريقة لبسه مشيرات الى مايعرف بثوب الربط وهو ثوب يقل عرضه عن المقاس الأصلي للثوب ويعرف بالفتقة الواحدة ويتم إرتدائه بربطه من الوسط كطريقة الساري الهندي، وأكدن ميزة ارتدائه خارج السودان لتحديد هوية السودانية وتميزهن. ووصفن عالم الثوب السوداني بأنه علم زاخر ومتجدد رغم نمطية التصميم التي لا تخرج عن الشكل المعتاد للثوب الذي استمر في الظهور رغم القنوات الفضائية والتأثر بالعولمة والانفتاح الثقافي ومواكبته في تسمياته لكل مايحدث في الساحة السياسية كالإنترنت ، الدش ، نيفاشا ، همس الخليج وغيره فالثوب زي قومي ويعد مؤشرا هاما للوضع الإقتصادي للمرأة او لزوجها وفخامة الثوب لها دور كبير في تحديد من يقبل على شرائه، وبهذا يشكل الثوب مدعاة للتفاخر والتباهي بين النساء خاصة في المناسبات الاجتماعية، فنجد النساء يتنافسن على ارتداء أفخر أنواع الثياب فلكل لقاء ثوب فعندما تزور المرأة السودانية جيرانها ترتدي ثوبا بسيطا تطلق عليه ثوب الجيران، وعندما تستقبل أحدا في منزلها ترتدي ثوبا يتناسب مع المناسبة، وهكذا. اما أسعار الثوب فتحددها فخامته التي تتماشى مع اسعار الدولار في السوق العالمي . ورغم ان كلمة ثوب تُطلق على الكسوة أو اللباس مطلقا غير ان هذه الكلمة لها دلالة أكثر خصوصية لدى المرأة السودانية إذ تعني رداءها الخارجي كما تمثل أهم عنصر في زيها القومي حتى إذا كانت لاترتديه بإستمرار ، فالثوب يعتبر عنوان وضعها الاجتماعي والإقتصادي ويتصدر قائمة الهدايا بالنسبة للمرأة في مختلف الاعمار ، كما أن نوعيته من حيث الخامة والثمن يعتبر المعيار الذي يشف عن ذوقها وأناقتها . يقول البعض أن الثوب يعد سفير الوطن وتواكب أسماءه المستجدات في الساحتين السياسية والإجتماعية سوى على النطاق المحلي أو العالمي فهو ذو سيرة حافلة بتعدد الأنواع والمسميات ، كما له تاريخ عريق يعود الى سنوات بعيدة تزيد من عمق تأثيره في مفردات الحياة الاجتماعية السودانية حتى أصبح الى جانب انه زيا قوميا للمرأة السودانية بعد أن فرض وجوده داخل كل بيت سوداني أصبح كذلك جزءا من التراث السوداني ليعبر عن الهوية والثقافة السودانية خاصة خارج السودان. ولجمال الثوب السوداني نجده دخل في كثير من أدبيات الشعر والاغاني السودانيه وتغنى له عدد من الفنانين والشعراء السودانيين متباهين ومفتخرين بهذا الزي الجميل . ع ش