بدأ التعليم في السودان بالتعليم الديني الأهلي المتمثل في الخلاوي ، وفي العهد التركي فتحت بعض المدارس كنواة للتعليم النظامي وأزدهر في عهد المهدية وعندما جاء المستعمر أدخل المدارس النظامية واستمر التعليم الأهلي جنبا إلي جنب مع التعليم النظامي الحكومي إلي ما بعد الاستقلال وظهر معه التعليم الخاص ينافسه ولكن لا يعارضه لأن المنهج والمقررات واحدة وهي التي تتبناها الدولة والصادرة من بخت الرضا . وأخيرا ظهر ما يسمي بالتعليم الأجنبي وترك الحبل علي القارب فتأرجحت مؤسسات التعليم الأجنبي وصارت لها الحرية في اختيار المنهج الوطني أو الأجنبي أو الخلط بينهما، وأتجه كثير من السودانيين نحو التعليم الأجنبي رغم النقد الموجه إليه ، وحينما قلت الرقابة دق ناقوس الخطر من قبل أولياء الأمور والصحف والإعلام، واجتهدت وزارة التربية الاتحادية في دراسة ظاهرة التعليم الأجنبي وشكلت لها لجنة للوصول لحلول ناجعة مرضية بدراسة تحليلية من وجهة نظر مختصي المناهج بالمركز القومي للمناهج ببخت الرضا . وعلي ضوء ذلك عقدت وزارة التربية والتعليم الملتقي الأول لقضايا التعليم الأجنبي تحت شعار (التعليم الأجنبي سند تعليمي مميز) في الفترة من 24-25 مارس الجاري قدمت فيه كثير من الأوراق من قبل المختصين لمناهج بخت الرضا وعلي رأسها ورقة د. حمدان أحمد حمدان أبو عنجة رئيس قسم اللغة الإنجليزية بالمركز القومي للمناهج ببخت الرضا بعنوان(التعليم الأجنبي بين الواقع والمأمول ) دراسة تحليلية من وجهة نظر مختصي المناهج ببخت الرضا ، وفقا لقرار وزارة التربية رقم (16) لسنة 2012م القاضي بفحص مقررات ومناهج المدارس الأجنبية والتأكد من عدم تعارضها مع تعاليم الدين الإسلامي وثقافة أهل السودان. وبناء علي ذلك قامت اللجنة بزيارة المدارس الأجنبية البالغ عددها ستون مدرسة أجنبية بولاية الخرطوم واطلعت ميدانيا عن سير العمل وفق آلية شملت الاجتماع بإدارات هذه المدارس ومعلميها وزيارة الطلاب داخل الفصول والاطلاع علي الأنشطة البيئية والملفات الإدارية والمقررات الدراسية والمكتبات وسلم المختصون تقارير كل مادة لقسم التعليم الأجنبي بالوزارة وقد شملت هذه التقارير توصية بضرورة عقد ورشة مشتركة بين منسوبي المدارس الأجنبية ومختصي المناهج والخبراء بغرض تبادل الآراء وتلاقح الأفكار من أجل تجويد الأداء بمساعدة المسئولين بتطوير المناهج ووضع معايير الجودة الشاملة لهذه المؤسسات التربوية. فقد أوضح د. حمدان أحمد حمدان في ورقته أهمية التعليم الأجنبي بالسودان لبعض فئات الجاليات السودانية وأبناء المغتربين العائدين للوطن وبعض الأسباب التي دفعت الميسورين من السودانيين في أن يتعلم أبنائهم بالجامعات العالمية وقد يضيف التعليم الأجنبي كوادر وطنية مؤهلة للوطن في المستقبل إذا أحسنت الرقابة وضبطت بمعايير واضحة وفعالة من خوف ومحاذير كثيرة من الآباء والتربويين في مخرجات التعليم الأجنبي التي تصاحب المناهج والسلبيات بتدريس مقررات ومفاهيم قد تتعارض مع قيم المجتمع الإسلامي والتراث والثقافة السودانية ، وخاصة المعتقدات الهدامة للعقيدة بما يعرف بالغزو الفكري مع غياب كوادر وخبراء تربويين بمهارات عالية لعدم وجود كتب ومناهج وإنما تدرس المفاهيم والحقائق والقيم وفق ما يراه المعلم أو صاحب المدرسة مما يصعب التحكم فيه وفي مخرجاته . وأشارت هذه الورقة إلي ملاحظات مختصي اللجنة وفق زيارتهم الميدانية وإطلاعهم علي بعض مقررات المدارس الأجنبية بأن بعض المدارس علمانية لا تدرس مادة التربية الإسلامية . ووردت معلومات عن نظرية دارون وعن التطور ودروس كاملة عن الإجهاض وطرقه ، كل ذلك يدرس بمناهج معدة في بعض المدارس الأجنبية، وقد خصصت ساعة واحدة في الأسبوع لتدريس المادة الدينية وتكون خارج الجدول وأحيانا لا يتم تدريسها لعدم رغبة الطلاب في دراستها. وقد خلصت الورقة للتوصيات الآتية :- - توجيه المناهج الأجنبية بما يخدم مصلحة الدين والوطن أولا. - تطوير قسم التوجيه التربوي بالوزارة الاتحادية وجعله إدارة منفصلة عن التدريب يخضع للإشراف والمتابعة. - تكليف لجان متخصصة تحت إشراف المركز القومي للمناهج ببخت الرضا لإعداد المقررات التي تلبي حاجة التعليم الأجنبي من التخصصات وجميع المراحل ، وتفعيل الرقابة للذين لا يلتزمون باللوائح والقوانين والعقود المبرمة بينهم والوزارة الاتحادية. - اعداد معايير واضحة لضبط تعيين المعلمين ومديري المدارس من الكوادر الوطنية، اعتماد المقررات الدراسية وختمها قبل تدريسها من قبل المجلس القومي للمناهج، واعتماد تدريس منهج التربية الوطنية . - إصدار لوائح وقوانين منظمة للتعليم الأجنبي واعتماد وظيفة المرشد الطلابي والمرشد الاجتماعي بهذه المدارس لإرشاد الطلاب ومتابعة تحصيلهم الدراسي ومشاكلهم الاجتماعية داخل وخارج المدرسة. ام/ام