بدأ التعليم في السودان بالتعليم الديني الأهلي المتمثل في الخلاوي، وعندما جاء المستعمر أدخل المدارس النظامية، واستمر التعليم الأهلي جنباً إلى جنب مع التعليم النظامي الحكومي إلى ما بعد الاستقلال، وظهر معه التعليم الخاص الذي ينافسه ولكن لا يعارضه لتطابق المنهج والمقررات التي كانت واحدة وقد تبنتها الدولة. وظهر أخيراً ما يسمى التعليم الأجنبي، فتأرجحت مؤسسات التعليم الأجنبي وصارت لها الحرية في اختيار المنهج الوطني أو الأجنبي أو الخلط بينهما، واتجه كثير من السودانيين نحو التعليم الأجنبي رغم النقد الموجه له، وحينما قلت الرقابة دق ناقوس الخطر من قبل أولياء الأمور والصحف والإعلام، فاجتهدت وزارة التربية الاتحادية في دراسة ظاهرة التعليم الأجنبي، وشكلت لها لجنة للوصول لحلول ناجعة مرضية بدراسة تحليلية يعدها اختصاصيو المناهج بالمركز القومي للمناهج ببخت الرضا. وعلى ضوء ذلك عقدت وزارة التربية والتعليم الملتقى الأول لقضايا التعليم الأجنبي تحت شعار «التعليم الأجنبي سند تعليمي مميز» قدمت فيه كثيراً من الأوراق من قبل المختصين بمناهج بخت الرضا، ووفقاً لقرار وزارة التربية رقم «16» لسنة 2012م القاضي بفحص مقررات ومناهج المدارس الأجنبية والتأكد من عدم تعارضها مع تعاليم الدين الإسلامي وثقافة أهل السودان. وبناءً على ذلك قامت اللجنة بزيارة المدارس الأجنبية البالغ عددها ستين مدرسة أجنبية بولاية الخرطوم، واطلعت ميدانياً عن سير العمل وفق آلية شملت الاجتماع بإدارات هذه المدارس ومعلميها وزيارة الطلاب داخل الفصول والاطلاع على الأنشطة البيئية والملفات الإدارية والمقررات الدراسية والمكتبات، من أجل تجويد الأداء بمساعدة المسؤولين عن تطوير المناهج ووضع معايير الجودة الشاملة لهذه المؤسسات التربوية. ومن جانبه أوضح د. حمدان أحمد حمدان في ورقته أهمية التعليم الأجنبي بالسودان لبعض فئات الجاليات المغتربة وابنائهم العائدين للوطن، وبعض الأسباب التي دفعت الميسورين من السودانيين إلى أن يتعلم أبناؤهم بالجامعات العالمية، وأشار إلى أن التعليم الأجنبي قد يضيف كوادر وطنية مؤهلة للوطن في المستقبل إذا أحسنت الرقابة وضبطت بمعايير واضحة وفعالة من خوف ومحاذير كثيرة من الآباء والتربويين في مخرجات التعليم الأجنبي التي تصاحب المناهج والسلبيات بتدريس مقررات ومفاهيم قد تتعارض مع قيم المجتمع الإسلامي والتراث والثقافة السودانية، خاصة المعتقدات الهدامة للعقيدة بما يعرف بالغزو الفكري. وقد خلصت الورقة لتوصيات منها توجيه المناهج الأجنبية بما يخدم مصلحة الدين والوطن أولاً، وتطوير قسم التوجيه التربوي بالوزارة الاتحادية وجعله إدارة منفصلة عن التدريب يخضع للإشراف والمتابعة، أيضاً تكليف لجان متخصصة تحت إشراف المركز القومي للمناهج ببخت الرضا لإعداد المقررات التي تلبي حاجة التعليم الأجنبي من التخصصات في جميع المراحل، وتفعيل الرقابة للذين لا يلتزمون باللوائح والقوانين والعقود المبرمة بينهم وبين الوزارة الاتحادية. كما أشارت إلى إعداد معايير واضحة لضبط تعيين المعلمين ومديري المدارس من الكوادر الوطنية، واعتماد المقررات الدراسية وختمها قبل تدريسها من قبل المجلس القومي للمناهج، واعتماد تدريس منهج التربية الوطنية. أيضاً إصدار لوائح وقوانين منظمة للتعليم الأجنبي، واعتماد وظيفة المرشد الطلابي والمرشد الاجتماعي بهذه المدارس لإرشاد الطلاب ومتابعة تحصيلهم الدراسي ومشكلاتهم الاجتماعية داخل وخارج المدرسة.