الخرطوم 5/20 سونا يضع قطاع عريض من علماء الأمة ومفكريها الأمن الفكري فى مقدمة قائمة أولويات الاهتمام ، ذلك لأن الظرف الماثل الذي تعيشه أمتنا اليوم أنتج حالة من قابلية التلقي للأفكار الوافدة من كلِّ لون وجنس، فهناك الاستلاب الثقافي الذي يغزونا عبر وسائط الإعلام المتطورة التي قربت البعيد ويسرت انتقال الثقافات من مكان إلى مكان بصورة تكاد تكون مذهلة، ولا شك أن معظم هذا المنقول لا يمت إلينا بصلة وإنما يعبر عن ثقافة لمجتمعات أخرى، أكثر منّا نفوذاً وأعظم تأثيراً. ومن القابليات التي أنتجها واقعنا المعاصر أيضا قابلية التلقي للأفكار الغالية المتطرفة التي تمثلها اليوم مجموعتان إحداهما مجموعة متشددة كفرت الأمة الحاضرة وحكموا عليها بالتهاون في الدين لمِا رأوا من ظواهر منحرفة في المجتمعات ، وسياسات ظالمة انتهجتها بعض الحكومات التي تنتسب لعالم الإسلام تحارب الدين والمتدينين وتمكن لأعداء الأمة من إذلال المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم. والمجموعة الأخرى مجموعة جعلت من الفكر العلماني منطلقاً لها في تفكيرها، فهي تعمل على أن يكون الدين في حياة المسلمين أمراً هامشيّاً ينحصر في الزوايا ويقتصر على ضروب من العبادات والصلات الروحانية ، ولا علاقة له بالحياة. إنّ هذه الانحرافات الفكرية وأمثالها،أيا كانت تفسيرات ظهورها ووجودها في حياة المسلمين،تعد أسوأ أنواع الانحرافات وأبعدها ضلالاً ذلك لأن الأعمال التي تصدر عن تصور فاسد يكون ضررها على الفرد عظيماً . ومن نظر في تاريخ الأمة الإسلامية وحاضرها علم أنّ أعظم المشكلات التي واجهتها ووقع بسببها فسادٌ عريض ، وسفكت فيه الدماء واستُحلت المحارم وعمّت الفتن والمنكرات ، كان سببه الأول ومرده الأخير فساد الأفكار والتصورات. ولاهمية الفكر ودورة فى حياة الامة نظمت وزارة الارشاد والاوقاف موخر الملتقى التنسيقى الدعوى التاسع بعنوان ( تعزيز الأمن الفكري مسئولية مجتمعية) وتحت شعار ( اللهم أجعل هذا البلد آمنا) وذلك بالتعاون مع ولاية الخرطوم وبمشاركة لفيف من العلماء والمفكرين ورجال الطرق الصوفية ووزراء التوجية والدعوة بالولايات و بحضور والى الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر والفريق الطاهر بيور رئيس المجلس الاعلى للدعوة بدولة جنوب السودان وأكد الأستاذ الفاتح تاج السر وزير الإرشاد والأوقاف لدى مخاطبتة الجلسة الافتتاحية بفندق الفراند هوليدى فيلا بالخرطوم أهمية الملتقيات الدعوية مشيرا الي انها تعطى نسقا من التداول الفكري والحراك الثقافي المهموم بقضايا الدعوة وتحدياتها والذي بدوره يجعل من التنسيق الدعوي منطلقا نحو تحرك دعوي يسير على هدى من التخطيط العلمي والموضوعي السليم والتنسيق المحكم المتين تتوحد فيه الرؤى وتتسق فيه الخطوات . وقال الاستاذ الفاتح " نحن في وزارة الإرشاد حرصنا لاقامة هذه الملتقيات التنسيقية ونقلها للولايات لاحكام التنسيق بين الولايات والمركز في القضايا الدعوية وإزكاء روح الفريق الواحد المتعاضد خدمة للدعوة وتبليغاً لرسالة الاسلام واحداث حراك فكري ودعوي داخل الولاية المستضيفة ليعلى من هموم الدعاة ويبث روح المبادرة لدى المسئولين ويوحد الرؤى الفكرية لقضايا العمل الدعوي واتساق المواقف للحركة الدعوية وتنسيقها حتى تؤتى أكلها وتجمع أهل القبلة وتناصرهم في شتى القضايا توطئة لوحدة نرمي إليها " . واشار سيادته الى أهمية أن ينداح الأمن الفكرى عبر كافة المؤسسات " فهموم المجتمع قبل الدولة وهموم الأفراد قبل المسئولين عن الأمن " راجيا ان تتعاضد المؤسسات في المجتمع بكل إطيافها لتعزيز وترقية الأمن الفكري حتي يصبح مجتمعنا آمنا مطمئناً . وتمنى وزير الإرشاد أن يحقق الملتقى الدعوي أهدافه من إشاعة وتنمية ثقافة الأمن الفكري والاهتمام بنشرها واستنهاض مؤسسات المجتمع لتؤدي دورها وتأصيل مفاهيم جامعة لتعزيز الأمن الفكري والاهتمام بالنشر فكريا وتحصينه بالفكر الأصيل وبناء استراتيجية وطنية للأمن الفكري بالسودان . من جانبة قال الاستاذ محمد مصطفى الياقوتي وزير الدولة بوزارة الإرشاد والأوقاف أن إقامة مثل هذه الملتقيات يعد سانحة طيبة لالتقاء أهل الفكر والتخطيط لأمر الدعوة ومسارات السيرة القاصدة لله عز وجل ليشكل كل ملتقى فكرة محددة نستنسخ منها برامج عمل ، مبينا أن الملتقى يستفاد منه في مناح كثيرة وضروب متعددة وذلك بجعل التخطيط السليم ماثلا لأمر الدعوة لكي يؤدي المجتمع رسالته بصورة أكبر ويشكل برنامجا يتفق عليه الجميع باتاحة الحريات واشاعة المعارف والعلوم للأمة. الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم اوضح أن الملتقى يتميز بعدة موضوعات مهمة حيث يربط بقيم السماء والأرض والروح والجسد وبكونه جمع مادة علمية مهمة لمعالجة أمر الدعوة . وقال الوالى أن الملتقى من أولوياته أن يوجه الوجدان السليم للمجتمع السوداني ويربطه بالقيم الاسلامية . وأكد على أن الدولة لابد أن تجهد نفسها في إعادة صياغة المجتمع وتوجيهه نحو الوجدان السليم عبر وسائل وبرامج تنتهجها الدولة . وشدد على ضرورة إعادة النظر في دعم وسائل الدعوة لتواكب مجريات الدعوة الحديثة . واشاد بجهود وزارة الارشاد والأوقاف في إقامتها هذا الملتقى واختيارها لموضوعات مهمة يناقشها الملتقى وحشدها الكبير للعلماء والباحثين والمعنيين الأمر لبناء أفكار ورؤى للخروج بمعطيات تفيد أمر الدعوة في البلاد . وقال إن ولاية الخرطوم تتشرف باستضافتها لهذا الملتقى الدعوي المهم . من جانبها قالت دكتورة أمل البيلي وزيرة التوجيه والتنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم أن الملتقى انعقد والبلاد تمر بتحديات كبيرة خاصة أمر الدعوة الذي ييستهدفه الأعداء وما الهجوم على الخلاوي بأم روابة إلا دليل على ذلك . وأضافت ان الملتقى يعمل على مناقشة أمر قيادة العلماء للمجتمع وتقديم الرؤية السليمة وتوفير الوسائل لتحضير الابتكار وتأمين كيان الدولة وتأمين مصالحها لتحقيق الأهداف المرجوة . وأدانت البيلي الاعتداء على أب كرشولا وأم روابة وأكدت دعم وزارتها للمجاهدين بالمال والعتاد . وقالت إن أعداء الاسلام لا يتركونها ومادمنا متمسكين بالإسلام وأكدت على ضرورة جمع كيان الدولة والمجتمع وتوفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تحقق الرضاء العام للمجتمع . وناقش الملتقى عددا من الاوراق حيث قدم الدكتور أحمد عبد الجليل النذير الكارورى ورقة الأمن الفكري مفهومه وأهميته ومجالاته تطرقت الورقة الى تعريفات الامن الفكرى وتحدياتة واكدت الورقة أهمية الفكر للإنسان وضرورته فى سائر شئونه , لأجل معاشه أو معاده .ومما سبق نلحظ كثرة مزالق الفكر ووفرة أسباب الزيغ بما يحتم على المسلم المراقبة المستمرة لفكره وفعله وعرض ذلك على منهج الإسلام القويم بوسطيته واعتداله . وبينت الورقة ان الأمن الفكرى يمثل ضرورة ماسة وحاجة ملحة لاتستقيم الحياة بدونها ، وهو احد مكونات الأمن بصفة عامة وكل خلل فى الأمن الفكرى يذكي عوامل فرقة الأمة واصطراع أفرادها وجماعاتها . وانة يمثل الانفتاح الاعلامى تحديا كبيرا أمام الأمة المسلمة حيث تعرضت لغزو ثقافي لم تتأهب له ، بما عرض كثيرا من شبابها لعوامل الزيغ وأسباب الانحراف قبل اشتداد العود وثبات المنطلق . واوصت بضرورة وسطية الفكر الاسلامى بعيدا عن الإفراط او التفريط ، ولايتم ذلك الا بالتبحر فى العلم ومعرفة أصول الشرع إحاطة بالكليات والجزئيات ثم المواكبة لتحديات العصر ومستجداته . ودعت الورقة الى لأعمال العقل وفقا لضوابطه التي تحفظ له اتزانه وسلامة مخرجاته , ولم يأمر الإسلام بالحجر على العقل أو احتكار الفكر لدى طائفه بعينها وذلك بالضرورة يلقى بالتبعة على الجميع - أفرادا وجماعات - فى المحافظة على العقل المسلم دائب العطاء ، والفكر الاسلامى راسخ البناء . وقدم د. عادل حسن حمزة ورقة عن رؤية الصوفية في تحقيق الأمن الفكري اوصت بان يبنى الفكر على التخلق بأخلاق رسول الله الذي ضرب المثل الأعلى في الرأفة والشفقة والرحمة بالخلق واكدت الورقة بان الصوفية يرفضون تصدع الجبهة الداخلية للمسلمين، كما يرفض شيوع الفساد والرعب بين الرعية، ويعملون على تحقيق السلم الإجتماعي. واوصت كذلك تربية الناشئة على حرية الفكر وعدم القسر والضغط عليهم حتى لا يؤدي إلى جمود فكرهم، أو وقوعهم فريسة للأفكار المضلة واهمية الرقابة الصارمة على المطبوعات والنشرات والتسجيلات التي تنشرها الجماعات، أو تلك التي تبث في الأماكن العامة. وقدمت وزارتة التربية ورقة حول دور المناهج التربوية في تعزيز الأمن الفكري اوصت بضرورة وضع إستراتيجية اجتماعية متكاملة لمجابهة الغزو الفكري بغرض الحفاظ على الهوية الإسلامية وتحصين الشباب بأسس العقيدة السليمة ومن خلال نشر المعلومات التي تزيد من وعيهم الأمني والثقافي. وتضمين المناهج أسس ومبادئ العقيدة السليمة بغية غرس العقيدة الصافية في نفوس الناشئة. وتضمين مناهج التربية والتعليم المنهج الإسلامي في التفكير والاستنباط. والعناية بتدريس العقيدة الإسلامية وحماية المجتمع من مصادر الفكر المنحرف.ومنع مظاهر الفساد ومحاربة مصادره في المجتمع. وأكدت التوصيات النهايئة للملتقى فى بيانة الختامى بعد ختام جلساتة على ضرورة الانتقال من مرحلة التعامل مع أزمة الأمن الفكري الى منهجية تعزيز الأمن الفكري والعمل على استثارة الحس التربوي والوسائل التربوية تجاه مخاطر الانحراف والخلل الفكري مع الاستفادة من نتائج تقويم تجربة منهجية المناصحة والرعاية لتطوير الواقع الأمني فضلا عن طرح رؤية مستقبلية لتطوير وتأصيل مفهوم الأمن الفكري الوطني مع إنشاء اجهزة نوعية تختص بتحديد انواع واساليب التحديات المحتملة مع استخلاص الملامح العامة لصياغة الاستراتيجيات الأمنية والتربوية اضافة إلى تأصيل مفهوم العمل التطوعي المنضبط والمسئولية الاجتماعية لدى المواطنين والعمل على تأصيل مبدأ التعاون على البر والتقوى وتنسيق الجهود بين كافة الوسائط التربوية وفق برامج عملية قصيرة والاستفادة من البرامح الموجهة الى فئة الشباب في الدول الشقيقة حول الاستفادة من الوقت وحسن استغلال وتعزيز الثقة وتعزيز مفهوم الولاء والانتماء. كما أوصى الملتقى بضرورة إحياء منصب مفتي الجمهورية وتكوين مجلس له وأن يكون المفتي ومجلسه بناء على تحقيق الصفة العلمية و ضرورة إحياء سنة الاجتهاد وتشجيع العلماء على خوض الاجتهاد الفكري وتمليك العلماء ادوات الاجتهاد . واوصى بضبط وسائل الإعلام بقوانين تحدد المسئولية فيما يتعلق بالامن الفكري وإنشاء هيئة للرقابة على ما ينشر فيها مع مراعاة حرية الصحافة . واوصى الملتقى بالعناية باللغة العربية والتاريخ الإسلامي في المراحل التعليمية المختلفة، فضلاً عن تضمين مفاهيم الأمن الفكري في مناهج التعليم العام والتعليم العالي .و بتفعيل دور المنابر الدينية في عملية الارشاد وتطوير طرق عملية تقنية حديثة، مع نشر مفاهيم الرقابة الذاتية وسط الأبناء من خلال الاسرة والمدرسة والمسجد . واشارت التوصيات للجلوس مع الشركات الكبرى لضمان مساهمتها في انشطة تعزيز الامن الفكري فضلا عن ضبط الفتوى بضوابطها الشرعية المعلومة برد الامر الى الكتاب والسنة والسعي لتوسيع الفقه الجماعي عن النوازل التي لم يمض فيها حكم او تلك التي تحتاج الى تخريج مع دوران الاحوال . كما اوصى الملتقى بالحوار الجاد مع الشباب الغلاة حتى يعودوا للحق . ع أ