تشكل العلاقة بين السلطة ممثلة في المؤسسات الرسمية والصحافة التي تعرف بأنها السلطة الرابعة وصاحبة الجلالة علاقة تعاون وتكامل لخدمة قضايا المجتمع والدولة علي حد السواء ، ومتى ما كانت هذه العلاقة سليمة وتتمتع بالاحترام المتبادل للأدوار تكون حصيلة الفعل والنشاط البشري ذات جدوى اكبر وانفع للامة والوطن . وقد اتسم الافطار السنوي الذي نظمه الاتحاد العام للصحفيين في اليومين الماضيين بحضور مقدر من ممثلي قمة السلطة التنفيذية بالبلاد تقديرا واحتراما للصحافة والصحفيين حيث تقدم الحضور العقيد عبد الرحمن الصادق المهدى مساعد رئيس الجمهورية والاستاذه مشاعر الدولب وزير الرعاية والضمان الاجتماعي البروفسير مامون حميدة وزير الصحة ممثل والي ولاية الخرطوم بجانب عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية والقيادات التنفيذية وقيادات العمل الإعلامي والصحفي وزملاء أعزاء من مختلف الوسائط الإعلامية . وعلي الرغم من أن الأمسية الرمضانية مدخلها كان دينيا اجتماعيا الا انها كانت فرصة لتلمس قضايا هامة تتعلق بمسيرة العمل الصحفي ومستقبله وشكل الحضور الرسمي والطوعي جسرا للتواصل وارتياد افاق لبحث سبل حلحلة قضايا تتعلق بضرورة وحدة الكيان المؤسسي المعبر عن الصحفيين السودانيين وإطلاق مبادرة (للم الشمل ) في هذا الاطار او قضايا تختص بعلاقة السلطة والصحافة لاسيما طرح موضوع الحريات العامة خاصة الصحفية منها ومن جهة ثانية قانون الصحافة الجديد ومطلوبات المرحلة. مساعد رئيس الجمهورية العقيد ركن عبدالرحمن الصادق المهدي تحدث في كلمته في الافطار بعد التهنئة بحلول شهر رمضان شهر القرآن تحدث عن اهمية الصحافة بعيون مختلفة وقدم رؤية تأصيليه في اهدافها حيث ذكر (قال جدنا المرحوم حسين الخليفة شريف ، الصحفي السوداني الأول : شعب بلا جريدة قلب بلا لسان ، فالصحافة هي التي تعبر عن أفكارنا ، بل إنها أبعد أثراً من ذلك لأنها كعيننا التي نبصر بها ، فإن انعدمت الصحافة فقد المسؤولون النور الموجَه على قراراتهم وأدائهم وصاروا لا يعرفون هل يسيرون في الهدى أم الضلال ؟ قال الفاروق عمر سيدنا رضي الله عنه : رحم الله امريءً أهدى لنا عيوبنا ). وزاد مساعد رئيس الجمهورية (لهذا السبب فنحن ندرك أهمية حرية الصحافة ، والحرية مهمة لها لتكون قادرة على تقديم النقد المطلوب ، ومتابعة أوجه الخلل في الأداء العام ، ولكننا كذلك ندرك أن إقليمنا الإفريقي والعربي يأتي في مواقع متأخرة في سلم حرية الصحافة ، وهذا يشكل من جانب استمراراً لإرث قديم ، إذ أثناء الاستعمار نشأت قوانين ولوائح وثقافة رسمية تتهم الصحافة وتقيدها استمرت لما بعد الاستقلال ، ومن جانب آخر هو جزء من مشاكل تعثر التنمية في مجتمعاتنا حيث أصيب الأداء في مؤسساتنا المختلفة بخلل يرجى أن يعالج ضمن نهضة شاملة ). وجدد سيادته حرصه علي وحدة الكلمة والصف بين اهل السودان والصحافة حيث اوضح في خطابه ان من أهم التحديات التي تواجه مجتمعنا حاليا تتمثل في الإستقطاب والاختلاف بين مكوناته المختلفة مبينا انه استقطاب نلمسه في المجتمع الرياضي ، والسياسي ، والفني ، وطبعا الصحافي وكشف عن مبادرة في هذا الصدد حيث قال (مثلما تبنيت مبادرة للوفاق الوطني وبادرت بلقاء القوى السياسية المختلفة كذلك مبادرة للم الشمل والمصلحة في المجتمع الرياضي ، فإني أرجو أن تكون هناك مبادرة لإنها الاستقطاب الصحفي ، وانهاء الخلاف داخل الصحفيين حول المؤسسات التي تمثلهم وعلى رأسها اتحاد الصحفيين السودانيين . ولا شك أن الإتحاد يقوم بنشاطات عديدة مفيدة للصحفيين ، ويتيح فرصا للتدريب ، كما أنه يتبنى قضايا الصحفيين والدفاع عنها ، وهذا ما يجعلنا نأمل أن تنتهي حالة الإستقطاب التي تجعل قطاعا مهما من الصحفيين بعيدا عن الاتحاد وغير مستفيد من نفحاته ). وحول رؤيته لتكريم نخبة من الصحفيين في حفل الافطار توجه في البدء بالتهنئة للصحفيين والصحفيات والنقاد والكتاب المكرمين مشيرا الي انهم هم بالفعل قمم في الأداء الصحفي وأهل لهذا التكريم المستحق . واضاف هم ثلة من أهل العطاء أصحاب الأقلام كتاباً وصحفيين ونقاداً ، ممن نحتوا أسماءهم في عقل الأمة و وجدانها ، منهم (مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) ، قدم الراحلون منهم ، ويقدم الباقون أطال الله عمرهم و حفظهم ، أشكال الصحافة المختلفة : الخبر والرأي والفكرة والنقد والمعلومة التي يحتاجها المواطن فيساعدونه في اتخاذ قراراته الصحيحة ، وفي معرفة أحوال بلاده ومجتمعه والتفاعل معها ، ويكشفون مسيرة الوطن العامة يبينون الإعوجاج ويهدون إلى الطريق القويم فيقدمون للمسئولين النصيحة الواجبة . وامتدح قيام الإتحاد بتكريمهم مبينا ان التكريم أمر محمود بل هو مطلوبا عرفنا بجميلهم لان تقديم الشكر لمستحقه واجب واستشهد بما جاء محفزا في السيرة النبوية لمن اعطوا حيث ذكر (قد قال النبي صلى الله عليه وسلم ." من لا يشكر الله لا يشكر الناس " ، وقال : " من أثنى فقد شكر ، ومن كتم فقد كفر " . فالتحية لإتحاد الصحفيين على قيامه بواجبه ، وأتمنى للمكرمين والمكرمات كل تقدم وازدهار ، ومزيدا من العطاء والوفاء في مسيرة ممتدة بإذن الله ، أما الذين رحلوا منهم فأدعوا الله لهم بالرحمة والمغفرة ، وأن يكون هذا التكريم ( لسان صدق في الآخرين ) لهم كما قال سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وأن يكون حلقة في العرفان بدورهم ليكون لهم أجر العلم الذي ينفع فيما كتبوا وما نوروا به الأجيال ). السيد مساعد رئيس الجمهورية في كلمته لم يفوته في هذه المناسبة الكريمة تقديم الشكر لشركة سوداني التي قامت برعاية ودعم الافطار السنوي لاتحاد الصحفيين وعلى دعمها لمثل هذه المناشط مشيرا الي ان ذلك ياتي ضمن المسئولية الإجتماعية الملقاة على عاتق الشركات بتبني مشاريع ثقافية وإجتماعية وتعليمية ورياضية وغيرها من المناشط التي تفيد المجتمع . وفي نهاية خطابة وجه نداءا الي اتحاد الصحفيين بان يتبنى معه مبادرته الوفاقية التي اطلقها لجمع كلمة الصف الصحفي معربا عن امله في أن يوفق في دفع المبادرة بإنهاء الإستقطاب ولملمة الشمل الصحفي . واكد ان قائمة تكريم الاتحاد تؤكد أنه لا يسعى لحصر نفسه في فئة دون أخرى من الصحفيين ، بل يعترف بالعطاء لأهله بغض النظر عن موقفه السياسي مبينا أن هذا شيء يستحق الإشادة بلا شك . ومن جانبه كان قد استعرض الدكتور محي الدين تيتاوي رئيس الاتحاد العام للصحفيين النجاحات التي حققها الاتحاد علي المستوي الداخلي والخارجي واهتمامه بترقية المهنه وتوفير الاسكان للصحفيين وتبؤ مواقع تنفيذية في اتحاد الصحفيين الافارقة والاتحاد الدولي للصحفيين .واكد اهتمام الاتحاد باطلاق الحريات الصحفية وان يكون القانون الجديد معبرا عن ذلك مبينا ان الاسبوع المقبل سيطرح فيه القانون علي الرأي العام . واعرب عن شكره وتقديره لشركة سوداني التي رعت وقدمت الدعم للافطار والتكريم للصحفيين مشيرا الي ان الاتحاد سيواصل شراكته مع الشركة تحقيقا للمكاسب المرجوة للمنتسبيين للاتحاد . وبقراءة ما بين كلمات مساعد رئيس الجمهورية ورئيس اتحاد الصحفيين نجد ان هناك الكثير الذي قيل والكثير المنتظر ان يفعل من اجل النهوض بالواقع الصحفي بالبلاد ويبقى الامل في ان يجد كل منهم التعاون والمساعدة من قاعدة العمل الصحفي اولا وسائر الاطراف المعنية ثانيا حتى تجد مبادرة لم الشمل طريقها للتنفيذ وكذلك يتم التقدم في مسألة الحريات الصحفية وان يكون القانون القادم للصحافة يخدم الصحافة والصحفيين . ع/سعدان/ س م ص