- حظي ملتقي أم جرس الثاني حول السلام والأمن والتعايش السلمي في دارفور والذي عقد بمدينة ام جرس التشادية بولاية أنيدي الشرقية في الفترة من 25-30 مارس المنصرم تحت رعاية الرئيس التشادي إدريس ديبي بمشاركة واسعة من القيادات المجتمعية والشعبية والإدارات الأهلية بدارفور فضلا عن الدستوريين من أبناء المنطقة في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات ونواب دارفور في الهيئة التشريعية القومية ورجال الأعمال ورموز المجتمع الدارفوري . وقد نبعت فكرة الملتقي نتيجة لتساؤلات طرحتها مجموعة من القيادات المستنيرة من أبناء دارفور حول امكانية المساهمة في احلال السلام والاستقرار في الاقليم الذي عاني كثيرا من ويلات الحرب والصراعات القبلية والعمل علي تحقيق الاستقرار والتعايش السلمي بين القبائل علي جانبي الحدود السودانية التشادية . ولما كان مولانا محمد بشارة دوسة ممسكا بملف العدل في البلاد من خلال منصبه كوزير للعدل وهو من أبناء دارفور وملم بكافة الافرازات السالبة للحرب في المنطقة قام بطرح مبادرة للسلام علي الرئيس التشادي ادريس ديبي في اطار جهوده نحو إرساء السلام في الاقليم وقد لاقت الفكرة استحسانا من الرئيس ديبي وأعلن رعايته للملتقي بعد إخطار حكومة السودان وموافقة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية علي عقد الملتقي. وقد قدم الرئيس التشادي الدعوة لعقد الملتقي للتشاور والتفاكر حول السبل الكفيلة بايجاد حل شامل لقضية الحرب في دارفور والعمل علي ايقافها وبناء السلام المستدام والتوجه نحو إعادة الإعمار والتنمية . في كلمته أمام الملتقي بمدينة أم جرس أشاد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية بجهود دولة قطر لإرساء السلام في دارفور وقال إنها عملت بصدق وأمانة من أجل حل قضية دارفور مشيرا الي رعايتها ودعمها لوثيقة الدوحة لتحقيق السلام بدارفور مبينا أن قطر قدمت الكثير للسودان لاسيما دعمها لعمليات الإعمار بدارفور داعيا الحركات المسلحة للإستجابة لنداء السلام والدخول في وثيقة الدوحة ،وذلك حتى تنفذ الوثيقة بصورة كاملة . وأكد رئيس الجمهورية أن العلاقات السودانية والتشادية علاقات تاريخية وتستند على الإرث التاريخي والاجتماعي بين الشعبين الشقيقين وأضاف " السودان وتشاد شعب واحد في دولتين" ، مثمنا جهود الرئيس التشادي ادريس ديبي في حل مشكلة دارفور وذكر " استضافة تشاد لأعمال الملتقي يعد دليلاً على مدى التقدم الذي وصلت إليه هذه العلاقات " . وقال البشير إن ملتقي أم جرس يمثل خطوة هامة لتنفيذ المحور الأول من الوثبة التي أعلنها في يناير مؤكدا رعاية رئاسة الجمهورية لكل مؤتمرات الصلح بين القبائل في دارفور حتي ينعم اهل دارفور بالأمن والاستقرار. فيما دعا الرئيس التشادي إدريس دبي لدي مخاطبته الملتقي الحركات المسلحة في دارفور إلى الانضمام للعملية السلمية والمشاركة في تعمير وتنمية دارفور مبيناً أن وقف الحرب سيسهم في إستغلال موارد وثروات الاقليم لصالح أهله. وقال إن الحرب في دارفور ألقت بظلال سالبة على الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية وأضاف" أتعهد ببذل أقصى ما يمكن لدفع مسيرة السلام في دارفور". وأوضح أن الملتقى يؤسس لحلول ناجعة لمشكلة دارفور مبيناً أن أكثر من 56 قبيلة شاركت في فعاليات الملتقى وقال إن دارفور لم تكسب من التمرد سوى الدمار والقتل داعياً أهل دارفور لاستنهاض الهمم من أجل وقف الاقتتال وأضاف " تشاد ليست لها أجندة في دارفور وإنما تحرص على دعم جهود العملية السياسية في الاقليم من منطلق وشائج الجوار والقربى التي تربط بين شعبي البلدين" . أما حسبو محمد عبدالرحمن نائب رئيس الجمهورية فقد ذكر أن السودان يقدر المساعى الحثيثه التى ظل يبذلها الرئيس دبى من أجل إحلال السلام فى دارفور مشيداً بالدور الكبير الذى تقوم به القوات المشتركة السودانية التشادية فى حفظ الأمن والإستقرار على جانبى الحدود مبيناً أن هذه القوات ساعدت فى دعم السلم الأهلى والإجتماعى بين القبائل الحدودية فى البلدين . وأضاف" قرار الحرب فى دارفور لم يكن قراراً جماعياً لأهل دارفور " وقال "نريد أن يكون قرار وقف الحرب قراراً جماعياً من كافة مكونات أهل دارفور " وزاد قائلاً " إنهاء الصراع القبلى فى الإقليم هو هدفنا الإستراتيجى الذى نعمل من أجله ليلا ونهارا . ولقد كان لمشاركة القوي السياسية السودانية صدي واسعا وسط المشاركين في أعمال الملتقي حيث أبتدر د. حسن الترابي الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي حديثه أمام المؤتمرين محييا مجهودات الرئيس التشادي ادريس دبي ومساعيه الصادقة نحن تحقيق السلام والاستقرار والأمن في دارفور داعياً الى ضرورة المحافظة علي حسن الجوار الآمن مع كل الدول المجاورة للسودان خاصة دولة تشاد مشيداً برئيسها الذي استطاع أن يخرج بها الي بر الامان . وقال نريد أن نضرب مثالا للجوار المستقر الآمن ونعززه بالإعمار والبناء والتنمية وزاد قائلا ( نريد أن نعمر دارفور بالسلام والتنمية) فضلا عن تدعيم علاقات الجوار مع تشاد . أما اللواء فضل الله برمه ناصر نائب رئيس حزب الامة القومي فقد قال أن حزبه شارك في الملتقي باعتباره ملتقي قوميا يسعي لحل قضايا السودان والتعايش السلمي بين القبائل في دارفور مبينا أن حزبه جاء للملتقي وهو يحمل هموم السلام وتدعيم أواصر الإخوة بين القبائل . وأوضح انه لابد من انتهاز الفرصة لتحقيق الأمن والسلام في السودان معبرا عن شكره لدعوة الرئيس الشادى إدريس دبي لحزبه للمشاركة في الملتقي مبينا أن ذلك يعكس مدي الصدق والأمانة لدي الرئيس دبي تجاه السلام في السودان . فيما قال مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل ورئيس الآلية العليا لملتقى ام جرس أن الملتقى يأتي امتدادا لملتقى أم جرس الأول الذي انعقد في السادس والعشرين من اكتوبر الماضي مبينا أن الملتقى بحث وناقش باستفاضة قضايا الأمن والسلام والتعايش السلمي على الشريط الحدودي بين السودان وتشاد. وأوضح أن الملتقي ليس بديلا لمنبر الدوحة حول السلام في دارفور مؤكدا أن ملتقي ام جرس يعد داعما ومساندا لمنبر الدوحة . وأبان أن الملتقي شكل نقطة تحول كبري لمسيرة قضية دارفور باعتباره وجد قبولا منقطع النظير من كل أهل دارفور بمختلف انتماءاتهم الحزبية والجهوية والقبلية خاصة فيما يتعلق باجماع كل المشاركين حول ضرورة إنهاء الحرب والصراعات القبلية في دارفور والانحياز نحو خيار السلام الشامل في الاقليم . وكشف دوسة عن خطوات جارية لعمل قانون حول مؤتمرات الصلح بين القبائل وجعل قراراتها ملزمة وواجبة التنفيذ بجانب سن تشريع ينظم عمل الإدارة الأهلية . وأضاف رئيس الآلية أن الملتقى أوصى بضرورة انهاء الحرب في دارفور والعمل على إعادة الاعمار والتنمية في الاقليم مبينا أن المشاركين في الملتقي أعلنوا انحيازهم التام للسلام وطالبوا بتعزيز دور القوات المشتركة السودانية والتشادية في تأمين الحدود وحسم المتفلتين والخارجين عن القانون وعدم الإضرار بالمواطنين والمشروعات الحيوية في دارفور. وقال دوسة أن الملتقي أوصى بضرورة نزع السلاح من الجميع في دارفور مع الإبقاء عليه بيد القوات المسلحة، وناشد بالتسريع بتسريح القوات غير النظامية أو دمجها في القوات المسلحة كما أكد على ضرورة فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وجدد الملتقي الدعوة لحاملي السلاح للاستجابة لنداء السلام وقد أشاد الملتقى بجهود دولة قطر في تحقيق التسوية الشاملة لقضية دارفور من خلال رعايتها ودعمها لوثيقة الدوحة، ودعا إلى ضرورة التأكيد على المجهودات القطرية التي تهدف إلى دعم حالة السلام والاستقرار في دارفور، مشيراً إلى الاسهامات الكبيرة التي ظلت تقدمها دولة قطر في إنشاء المشروعات التنموية وقرى العودة الطوعية للنازحين. كما طالب الملتقى بضرورة إكمال الترتيبات الأمنية مع الحركات المسلحة الموقعة على السلام والعمل على الإعادة الطوعية للنازحين واللاجئين وتوفير مطلوبات العودة لهم وشدد الملتقى على اهمية تفعيل دور الإدارات الأهلية وتعزيز وجودها في مناطق النزاعات والتوترات. وأشاد بجهود آلية أم جرس في جمع اهل دارفور، داعيا إلى توسيع الآلية وتوفير الدعم اللازم لها حتى تتمكن من أداء دورها. وناشد الملتقى الرئيسين المشير عمر البشير والرئيس التشادي ادريس ديبي بدعم توصيات ومقررات هذا الملتقى والعمل على تنفيذ توصياته وانزال مقرراته على ارض الواقع حتى ينعم أهل دارفور بالأمن والتعايش السلمي والسلام والاستقرار. وتشير سونا الي أن دولة تشاد قامت بمساعي حثيثة من أجل السلام في دارفور منها محاولة الرئيس التشادي لاحتواء النزاع الاقليم في لقاء الفاشر في مارس 2003 فضلا عن استضافة تشاد لمفاوضات أبشي في الثالث من سبتمبر 2003 والتي أفضت الي اتفاقية أبشي بجانب اتفاقية انجمينا (1) في 8 ابريل 2004 واتفاقية انجمينا( 2). يذكر ان مدينة ام جرس التشادية تعد مدينة لها رمزيتها وهي عاصمة ولاية أنيدي الشرقية وتقع بين سلسلة من الجبال وهي تمتد مجاورة للحدود مع السودان . وقد ولد فيها الرئيس التشادي ادريس ديبي وقد شهدت مؤخرا طفرة كبيرة من حيث الخدمات والتنمية.