-يتطلع السودان لبناء علاقة أكثر قوة مع روسيا لترتقي لآفاق أرحب وتنتقل إلى تعزيز التعاون ليزيد حجم الاستثمار والتبادل التجاري وتتحقق شراكة فاعلة في مجال الصناعات المختلفة والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة والطاقة والبني التحتية وما يتصل بها من تطور ، فروسيا تشكل الضلع الرابع في المنظومة الاقتصادية الدولية بجانب أمريكا والاتحاد الأوروبي والصين ،والسودان بخبراته وموارده الوافرة يشكل بيئة متميزة لنهضة زراعية وصناعية استناداً على عمق العلاقات ويستشرف مستقبلا واعداً بشراكة إستراتيجية ممتدة وشاملة لصالح شعبي البلدين . وتشهد الخرطوم يوم غدٍ الثلاثاء انعقاد الدورة الثانية لمنتدى التعاون العربي الروسي والمؤتمر الاقتصادي الأول بين العالم العربي وروسيا بمشاركة وزراء الخارجية العرب ممثلين لدولهم في هذا المحفل المهم ،كما يزور السودان لأول مرة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف متراسا وفد بلاده المشارك في الفعالية . وبالإشارة إلى الانجازات الاقتصادية التي سبقت هذا الحراك وجد السودان تضامناً عربياً من الوطن العربي والجوار الإقليمي في إفريقيا واسيا ومن أهم ثمرات التعاون انجاز مشروع القرن سد مروي وتعلية سد الروصيرص ومجمع سدي أعالي عطبرة والستيت ومجالات أخرى عديدة ساهمت في دعم التنمية ،وظل السودان يقدر دائماً الدعم غير المحدود الذي تقدمه الصناديق العربية له مساهمة في تمويل المشاريع العملاقة التي نفذت بالبلاد . وتعتبر روسيا من أكثر القوى الكبرى ميلا واستعداداً للتعاون مع العالم العربي ككيان إقليمي وقد اتسمت السياسة الروسية بالحيادية والتوازن وتأييد الحق العربي وصولاً إلى موقفها الداعم للقضايا العربية . وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية يأتي منتدى التعاون العربي الروسي في دورته الثانية كواحدة من أدوات دفع العلاقات الاقتصادية بين الطرفين،حيث بلغ التبادل التجاري بين الدول العربية وروسيا حوالي 12,20 مليار دولار في العام 2013م إذ بلغ حجم الصادرات العربية إلى روسيا من إجمالي الصادرات العربية البالغة 1,210,5 مليار دولار في حين بلغ حجم الواردات العربية من روسيا نحو 10,24 مليار دولار بما يعادل 1,27 %من إجمالي الواردات العربية البالغة 816,1 مليار دولار ،وعلى الجانب الآخر بلغ حجم الصادرات الروسية إلى الدول العربية 1,98 % من إجمالي الصادرات الروسية البالغة 521,6 مليار دولار في حين بلغ حجم الواردات الروسية من الدول العربية 0,57 % من إجمالي الواردات الروسية 344,3 مليار دولار . وقد جاءت أولويات التعاون العربي الروسي في مجالات الطاقة ، والطاقة النووية ،تكنولوجيا الفضاء ،تنمية البيئة الصناعية العربية ،كما جرى توقيع الاتفاقية المنشئة لمجلس الأعمال العربي الروسي بين الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلدان العربية والغرف التجارية الصناعية في روسيا الاتحادية في موسكو 2002م ،ولم تقف العلاقات الروسية العربية عند المجالات السياسية والاقتصادية بل شملت العلاقات العسكرية ،الثقافية والحضارية ،وهنالك تحديات تواجه تطور التعاون العربي الروسي أبرزها التحديات السياسية ومقاومة قوى دولية لذلك التطور بجانب تحديات اقتصادية وثقافية وحضارية ،إلا أن الأهمية الإستراتيجية المتبادلة بين الدول العربية والروسية تفرض على الدول تجاوز التحديات والعقبات . وكانت العلاقات الدبلوماسية بين السودان والاتحاد السوفيتي قد انطلقت بعد أربعة أيام فقط من إعلان الاستقلال وخلال الأربعة أعوام اللاحقة من الاستقلال ظلت العلاقات بين البلدين دبلوماسية روتينية ،لتشهد ستينات القرن الماضي انطلاقة كبيرة في العلاقات الثنائية وتم في تلك الفترة توقيع اتفاقيات التعاون بين البلدين في شتى المجالات ،ثم ظلت تعلو وتهبط العلاقات ،وفى تسعينات القرن الماضي انطلقت العلاقات بين السودان وروسيا الاتحادية بشكل مميز وكان السودان من أوائل الدول التي اعترفت بروسيا وفى عام 1991م قام وزير الخارجية السودانية بزيارة لموسكو أثمرت عن نتائج مبشرة ليوقع وزيرا الخارجية بالدولتين في عام 2002 برتوكولا خاصا بالتعاون في رفع كفاءة الكوادر الدبلوماسية،كما تم توقيع برتوكول التعاون بين الأكاديمية الدبلوماسية لوزارة الخارجية الروسية والمركز الدبلوماسي في الخرطوم . ونشطت العلاقات الدبلوماسية بشكل كبير وقد أسهمت الخبرات والشركات الروسية في عدد من المجالات الاقتصادية والتنموية في السودان منها معهد (هايدروبرجكت) الروسي الذي أجرى في سبتمبر 1999م دراسات ميدانية استكشافية في موقع سد مروى تضمنت الجغرافيا والجيولوجيا وطبيعة الأرض والنيل ،وأكدت هذه الدراسات أن جزيرة مروى أفضل موقع لإنشاء السد بحيث تكون محطة الكهرباء على الضفة اليمنى ،وتضمن تقريره النهائي تصميما لجسم السد ومحطة الكهرباء . ويتم تنظيم العلاقات التجارية والاقتصادية بين السودان وروسيا بموجب اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي والتقني التي أبرمت بين الحكومتين عام 1998 . وهنالك تبادل تجاري مقدر بين البلدين حيث تضم واردات السودان من روسيا الماكينات والتقنيات والأجهزة الكهربائية ومواد البناء ،أما الصادرات السودانية لروسيا فتتركز في المنتجات الزراعية كالقطن والكركديه والسمسم والفول السوداني وغيرها من المحاصيل التي تنتج في السودان . وتسهم الخبرة الروسية في قطاع الطيران السوداني مساهمة فاعلة وذلك من خلال الشركات الخاصة والتي تعمل عدد منها بطائرات روسية الصنع وطواقم طيران روس ،وتعمل الشركات الروسية في تناغم تام في مجال الطيران مع الشركات السودانية . إضافة إلى فتح الجامعات الروسية للطلاب السودانيين في البكالوريوس والدراسات العليا في شتى ضروب العلم . وتمثل روسيا رقما قياسيا في السياسة العالمية بينما يعتبر السودان دولة محورية في العالم العربي وفى القارة الإفريقية لذلك فان التعاون بينهما يحقق ثمرات كبيرة لشعبي البلدين .