كتب- سعيد الطيب تعلمون كما نعرف ان المتهم برىء حتى تثبت ادانته ,مبدأ مهم فى اى قانون .. وحينما ينعكس هذا المبدأ ويصبح (المشتبه فيه مذنب حتى يثبت بنفسه انه برىء ) يعتبر استهزاء بالعدالة وهو ما تسعى اليه ما تسمى المحكمة الجنائية الدولية فى تعاطيها مع رأس الدولة الرئيس عمر البشير ,وهذه المحكمة كما قال السفير عمر صديق سفيرنا بجنوب افريقيا مخلوق جديد فى القانون الدولى سببت الكثير من التشويش فى العلاقات الدولية والقانون الدولى ..منبها الى ان مجلس الامن عندما احال قضية دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية وفقا للقرار (1593) مارس 2005م لم يطلب من المدعى العام القبض على الرؤساء ..ثانيا السودان لم يصادق على اتفاقية روما ولهذا لايمكن للسودان اطلاقا ان يكون عضوا فيها او ان يكون ملزما بقراراتها وهذا الامر غير قانونى ويتنافى مع اتفاقية فيينا بشأن قانون المعاهدات . من الشهادات السياسية الافريقية الشجاعة ما ذكره عزيز باهاد نائب وزير العلاقات الخارجية السابق لجنوب افريقيا عن المحكمة الجنائية الدولية التى وصفها بانها تمتاز بانتقائية الادعاء والدليل على ذلك ان هناك (139) جريمة مزعومة تم تقديمها لها الا انها فقط فتحت تحقيقات على (7) دول افريقية شملت الكنغو الديمقراطية ويوغندا والسودان وافريقيا الوسطى وكينيا وليبيا وساحل العاج , وبالتالى تعمل هذه المحكمة بمنهج موالى للحكومات الغربية يفرض نسخ سلام ملائمة لمصلحتهم وافكار حكوماتهم ليس الا . وشهادة اخرى تفوه بها وزير الخارجية السابق البريطانى روبن كوك الذى اعترف بان المحكمة الجنائية ليست محكمة تم انشائها لمحاكمة رؤساء وزراء بريطانيا ولا رؤساء الولاياتالمتحدةالامريكية . ووصلا لما سبق قدم البروفيسور الروسى اليكسندرا ميزييف ,محاضرة يحت عنوان (المحكمة الجنائية الدولية بين الحلم والواقع ) نظمت فى اغسطس الماضى بمدينة جوهانسبيرج بجنوب افريقيا , وجه فيها نقدا قانونيا لاذعا لهذه المحكمة . قال ان الوقت الراهن يشهد مؤسسات لايمكن ان تسمى دولية بالرغم من انها ما تزال تحمل كلمة (دولية) مثل النظام الاقتصادى الدولى والمحكمة الجنائية الدولية لماذا؟ يرد ميزييف بأن هذه المؤسسات لاتعكس السياسة العامة للدول التى انشأتها وانما تقوم هذه المؤسسات بدفع اجندة مختلفة تماما . وحول موضع الجنائية والرئيس عمر البشير يقول ميزييف ان مجلس الامن الدولى احال موضوع الرئيس البشير الى المحكمة الجنائية وابدى تساؤلا قانونيا مهما للغاية (ماهو الاساس القانونى لهذا الاجراء ؟ ) ورد قائلا ان مجلس الامن عانى باستمرار من ايجاد تفسير خاصة بعد ان قام بانشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة . ويضيف نقطة قانونية اخرى مهمة توضح بجلاء الانتقائية التى تقوم بها الاممالمتحدة نفسها ذلك لانها مغلوب على امرها فيما تفعل ..يقول ميزييف انهم حاولوا وضع محكمة يوغسلافيا بطريقة قانونية , ولكن كانت النتيجة انشاء محكمة تعمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الاممالمتحدة , ولم يتمكنوا من الحصول على المادة سوى الاشارة الى الفصل السابع ..اما فى حالة احالة الوضع فى السودان الى المحكمة الجنائية الدولية فقد كان الامر اسؤأ ذلك لان مجلس الامن لم يعتمد على اى بند من ميثاق الاممالمتحدة وفى نهاية المطاف اشاروا الى البند (13) من النظام الاساسى للمحكمة الجنائية الذى ينص على (انه يجوز للمحكمة ممارسة ولايتها القضائية عندما تتم احالة القضية للحكم من قبل مجلس الامن !!! ويلفت البروف ميزييف الانظار والانتباه الى ان مجلس الامن اتخذ قرارا على اساس النظام الاساسى للمحكمة الجنائية وليس على أساس ميثاق الاممالمتحدة وهذا يوضح الى اى مدى كانت قانونية اجراءات المجلس اضافة الى ان ثلاثة اعضاء من مجلس الامن الدائمين هم من احالوا قضية السودان الى المحكمة الجنائية وهم انفسهم ليسوا اعضاء فى المحكمة الجنائية وليسوا من الموقعين على نظامها الاساسى !!! اذن يقول ميزييف ان احالة الوضع فى السودان هو من قبل المجتمع الدولى بسبب هذه الحيثيات غير الواضحة . وواصل البروفيسور اليسكندرا ميزييف يحلل من وجهة نظر قانونية منهج المحكمة الجنائية الدولية ويقول انها محكمة معنية بافريقيا دون سواها لاتركز سوى على الدول الافريقية ويتسأل ( هل المحكمة الجنائية هى محكمة خاصة بافريقيا؟ ) يخلص البروف ميزييف فى محاضرته مستعرضا الدروس المستفادة بالنسبة لجمهورية جنوب افريقيا التى رفضت الاذعان لطلب المحكمة الجنائية الدولية والتى طلبت توقيف الرئيس البشير حينما حضر القمة الافريقية الاخيرة للاتحاد الافريقى فى يونيو الماضى وقال (علينا ان نفهم ان اضفاء الصفة الشخصية فى قضية البشير مع الجنائية امر مضلل للغاية ولاينبغى علينا ان نتحدث عن قضية البشير ولكن ينبغى ان نتحدث عن قضية نكران سيادة الدول ..وعلينا ان ندرك ان هذه المحاكم تحاول تدمير القانون الدولى القائم ) وينبه ميزييف الى ان القانون الدولى الحالى ينص على انه لاينبغى ان تجرى محاكمات غيابية , مشيرا الى ان الاسباب الحقيقية لانشاء النظام الجنائى الدولى تتمثل فى انشاء قانون عالمى ذلك لان السياسة العالمية تحتاج الى مؤسساتها العسكرية وقانونها العسكرى وعليه فاننا لانواجه المحكمة الجنائية فحسب بل نواجه مؤسسة عالمية لديها اجندة مختلفة تماما عن محاكمة المسئولين عن ارتكاب جرائم دولية خطيرة . اخيرا عندما نتحدث عن قضية البشير والحديث لميزييف فاننا نتحدث عن محالوة جادة لتدمير سيادة الدولة وهذا هو السبب فى انه ينبغى لجنوب افريقيا وكافة الدول الاخرى بذل جهد جماعى اولا من اجل الدفاع عن القانون الدولى ومقاومة انشاء او خلق قانون عالمى مثير للاشمئزاز.