تعليق على مقالة د. أحمد المفتي عن أهمية منظور القانون الدولي فى ملفات السياسية الدولية علي عبدالرحمن طالعتُ المقالة التي كتبها د. أحمد المفتي بموقع سودانايل صباح اليوم والتي حملت عنوان: " أهمية منظور القانون الدولي: فى ملفات السياسية الدولية: حالة السودان 1989-2013"، على الرابط: http://sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=52617:----------1989-2013-----&catid=34:2008-05-19-17-14-27&Itemid=55 وما فهمته منها في الجزء الذي تناول أمر السودان مع المحكمة الجنائية الدولية هو أن أن د. المفتي يرى بأن ليست لمجلس الأمن سلطة إحالة الدول للمحكمة الجنائية الدولية، حيث يقول: " لا يستقيم ان يمنح الحق فى احالة الدول للمحكمة الجنائية الدولية ، والتى هى ليست جهازاً من أجهزة الأمم ا لمتحدة ، على نحو ماهو منصوص عليه فى المادة 13(b ) من ميثاق روما ". ويقول د. المفتي أيضاً بأن إحالة السودان للمحكمة " تتعارض مع مبادئ القانون الدولى الأساسية الملزمة لمجلس الأمن ، والتى تمنع تطبيق اى معاهدة دولية على دولة ليست طرفاً فيها" وأودُّ التعليق على ما ورد أعلاه في النقاط التالية: . ان المحكمة الجنائية الدولية، خلافاً لمحكمة العدل الدولية، لا تنظر في القضايا التي أطرافها دول بل تتعامل مع المسئولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وبذلك فإن المحكمة تطبّق مبدأ المسئولية الجنائية الفردية الذي تم إرسائه منذ محكمة "نورنمبيرغ" والذي ترسّخ عبر الفقه والممارسة الدولية من خلال المحكمة الجنائية ليوغسلافيا ونظيرتها الرواندية والمحاكم الخاصة بسيراليون وكمبوديا وغيرها. وبالتالي فإن المحكمة الجنائية الدولية عندما تنظر في قضية أطرافها بعض المواطنين السودانيين فإن السودان ككيان معنوي ليس طرفاً في هذا الشأن، مثله مثل يوغندا أو ليبيا أو ساحل العاج أو كينيا أو غيرها من الدول التي لبعض مواطنيها قضايا أمام المحكمة بصرف النظر عن المواقع الرسمية لهؤلاء الأشخاص. كما أن مجلس الأمن لا يحيل (دولاً) إلى المحكمة بل يقوم، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، بإحالة (حالة Situation) يبدو فيها أن جريمة واحدة أو أكثر من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة قد أُرتكبت وللمدعي العام للمحكمة تعيين المسئولين عن إرتكاب هذه الجرائم، وبالتالي فما أورده د. المفتي في هذا الصدد والذي أوردناه في هذا الإقتباس ( لا يستقيم ان يمنح الحق فى احالة "الدول" للمحكمة الجنائية الدولية) بعيد عن الواقع. . ينتقد د. المفتي إحالة جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية على أساس أن السودان ليس طرفاً في نظام روما المنشئ للمحكمة وبالتالي فإن الإحالة (تتعارض مع مبادئ القانون الدولى الأساسية الملزمة لمجلس الأمن ، والتى تمنع تطبيق اى معاهدة دولية على دولة ليست طرفاً فيها). حقيقة الأمر أن الإحالة أساسها ميثاق الأممالمتحدة وليس ميثاق روما، فمجلس الأمن عندما أحال الأمر للمحكمة كان يستند إلى صلاحياته التي كفلها له الفصل السابع والتي تخوّل له حد القيام حتى بالأعمال العسكرية وليس فقط إحالة المجرمين للمحاكم الدولية. وقد استخدم المجلس ذات الصلاحيات لإنشاء محاكم يوغسلافيا ورواندا، وكان يمكن ان ينشئ محكمة خاصة بدارفور لولا أن وجود محكمة جنائية دائمة قد أغناه عن ذلك. عموماً، فإن سلطة المجلس في إنشاء تلك المحاكم قد تم إقراره منذ تسعينيات القرن الماضي في المداولات الأولى للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا (قضية المدعي العام ضد تاديتش، مثلاً). لذا فإن الآثار القانونية للحالة التي يحركها مجلس الأمن أمام المحكمة لا تتقيّد بكون الدولة طرفاً في نظام روما الأساسي أم لا، أم قبلت بممارسة المحكمة لاختصاصها على أراضيها أم لا. . السودان ملزم بقبول هذه الإحالة بحكم عضويته في ميثاق الأممالمتحدة والتي تحتّم عليه التعاون الكامل مع المحكمة، وهو إلزام نابع من نص المادة (25) من الميثاق. يُضاف إلى ذلك أن المادة (103) من ميثاق الأممالمتحدة تقول بأنه في حالة وجود تعارض بين التزامات أى دولة عضو بموجب الميثاق وبين إلتزاماتها بموجب أى اتفاقية دولية أخرى (كإتفاقية فيينا لقانون المعاهدات) فإن التزاماتها بموجب الميثاق هى التى تسود. هذا مع تقديري للدكتور المفتي وإسهاماته الكتابية في الشأن العام. علي عبدالرحمن زيورخ، سويسرا Ali Abdul Rahman [[email protected]]