-- يعتبر الحوار الوطني الوسيلة الوحيدة من خلالها تتحقق الآمال والطموح لأهل السودان الذين شرعوا بكل قواهم وارادتهم في انعقاد هذا الملتقى التأريخي الذي يمثل حراكا سياسيا مهما في هذا الوقت المناسب . هو مناسبة عظيمة وخالدة بخلود الارادة السودانية الحقة التي تستطيع ان تكسر الحواجز مهما عظمت ، وترتقي الى مصاف المسئولية التي ينبغي على كل ألوان الطيف السياسي السوداني ان تشارك فيها وتبدي الراي في جو ديمقراطي معافى بعيد عن القيود والضغوط تحقيقا للآمال المرتجية من مخرجات هذا اللقاء المهم والحساس لانه المخرج الوحيد بالوطن من وهدة الصراعات والاختلافات السياسية الى بر الامان . وآجه الوطن منذ استقلاله في العام 1956 م تحديات سياسية في غاية التعقيد نتيجة للاختلافات التي طرأت على مكونات الاطراف السياسية والتي يكمن حلها في هذا الحوار الوطني الجامع بنكهة سودانية خالصة تشتم فيها عبق الاريحية والجدية من اجل الوصول الى الحلول الناجعة ... الحلول التي ترضي كل الاطراف دون حكر على أحد وذلك عن طريق تلاقح الافكار وتبادل الآراء عن طريق المشورة لانها لقاح العقول ، ورائد الصواب والمستشير الى طرف النجاح الذي يمثل ثمرة اللقاء المرجوة . يقيني باتباع هذه الطريقة دون شك الوصول الى الحلول الناجعة ستكون في غاية السهولة طالما الأرادة والعزيمة متوفرتان لدى جميع الأطراف المشاركة وهي مشهود لها بالكفاءة في الحقل السياسي التي تمرست عليها منذ بواكير ممارستها لهذه الظاهرة التي لا تخلو ابدا من التحدي السياسي الذي يضع الانسان في امتحان عسير يعكس مدى الصبر والجلد بتناول القضايا السياسية المختلف عليها بتروي تقود الى ايجاد الحلول المناسبة مفعمة بالشورى من منطلق تبادل الآراء والافكار . أخذت الاختلافات السياسية حظا أوفر وعملت على عدم استقرار الوطن ومهدت الطريق للتدخلات الخارجية في شئونه الداخلية بهدف بذر بذور الفتنة والفرقة بين مكوناته التي تتسم بالانسجام منذ أن اوجدها الخالق في بساط هذا الكون الفسيح . هنالك مؤامرات لا تخفى على أحد محبوكة بدراسة دقيقة من قبل دوائر تهدف في المقام الأول الى خلخلة الاستقرار وعدم ترسيخ الامن في ربوع الوطن تعمل ليل ونهار ولم تدخر جهدا تجاه ذلك ترنو الى الوصول الى مبتغاها مستغلة عامل الاختلافات بين الوان الطيف السياسي في الداخل والخارج ، هذه الدوائر تعتبر العدو اللدود ينبغي وضع البلسم الشافي والتصدي لها بكل قوة عن طريق التعاون والتكاتف لانهما يمثلان الرباط القوي الذي يجمع أهل الشأن السياسي على كلمة سواء . المطلوب مشاركة كل مكونات القوى السياسية متمثلة في الحركات المسلحة التي ترفض الدخول في هذا الحراك السياسي حتى تكتمل حلقة الوصل بين مكونات أفراد الشعب السوداني الذين يتوقون وبانتظار وشوق شديد بأن يخرج هذا اللقاء بمخرجات تلبي الطموح وتحفظ الوطن من شر الانقسام الذي تريد تلك الدوائر تحقيقه بأي طريقة مهما كان الثمن . قد حان الوقت المناسب بأن تجلس كل القوى السياسية بمسمياتها المختلفة وبرضاء تام حول طاولة التفاوض لوضع حد لهذه الاختلافات السياسية وقفل الباب أمام التدخلات السافرة التي اشعلت نيران الحروب في الوطن مما انعكس هذا العداء السافر على عدم استقرار الامن والسلام في تلك المناطق ولم يسلم منها دولاب التنمية التي تعطلت جراء الحروب المفروضة ... وقد بذلت اللجان المنوط بها مخرجات هذا الحوار جهودا كبيرة وسعت سعيا حثيثا من منطلق الوطنية الحقة بأن لا تخيب آمال هذا الشعب الذي يرفض الذل والتبعية الشعب التواق الى الاستقرار الكامل والشامل ويقف بكل قوة وصلابة مع الحلول الناجعة التي ترضي كل الاطراف من خلال التداول الجاد وتناول القضايا بحس وطني صادق في جو ديمقراطي تسوده الثقة المتبادلة في عملية التعاطي في الحوار الذي يمثل الامل المرتجى تحقيقا لسلام شامل وعادل في ربوع الوطن العزيز بصفة عامة والمناطق المتأثرة بالحروب بصفة خاصة . يحتاج الوطن الى وثيقة توافقية تنظم حكمه في المستقبل وهذا يعتمد على المخرجات المتفق عليها من قبل كل القوى السياسية . هنالك مغريات يحويها السودان من بينها الموقع الجغرافي المتميز الذي يتوسط قلب القارة الافريقية ويمثل حلقة وصل بين المحيط العربي والافريقي ، هذا بالاضافة الى التركيبة السكانية المتنوعة وهي تمثل مكمن القوة لان في التنوع قوة هذه التركيبة المتفردة والمتجانسة لم ترض تلك الدوائر هذه المغريات دفعت دوائر محور الشر بأن تبذل الجهود من أجل اشعال نيران الفرقة والشتات بين ابناء هذا الوطن الخلص الذين تقع على مسئوليتهم حمايته وجعله في حدقات العيون من كل متربص آثم هذا المغريات لفتت الدوائر المعادية ووجود الاختلافات السياسية والتي تمثل لها تربة خصبة ومناخ ملائم لتحقيق مآربها ... فلاجل ذلك عملت على استمرار الحروب خاصة في المناطق الطرفية الهدف الاول والاخير هو انشغال المركز بها والانصراف عن التنمية التي انتظمت البلاد . يلعب السودان دورا محوريا ومهما في محيطه الافريقي والعربي ومساهم في تفعيل كآفة الانشطة في المنظمات الاقليمية والدولية لانه مؤثر فيها ، لكن هذا لم يرض طموحات العدو الذي أخذ يناصبه العداء المستحكم من أجل تحجيمه من مواصلة أنشطته السياسية المشهود لها ذات المواقف القوية التي ترفض الهيمنة وسطوة الاستعمار الجديد الذي جاء بثوب جديد يتناسب مع المتغيرات السياسية في مكامن العولمة التي جاءت بخيلها وخيلانها تحتاج الى مواقف سياسية صلدة وصلبة تمكنها من كيفية التعاطي وهذا يعتمد على مخرجات الحوار الوطني المنعقد حاليا لأنه الأداة المناسبة لمواجهة تلك التحديات وتحجيمها من الدخول في شئون البلاد .