-- مرت أكثر من شهر ونصف على بداية الحوار الوطني الذي تحتضنه قبة قاعة الصداقة ، وهو حراك سياسي فاعل ، نابع من الارادة السياسية لدى القوى السياسية السودانية ذات الايدولوجيلت المختلفة . أقدمت هذه القوى السياسية برغبة أكيدة وصادقة ، لأنها تعلم أن الوضع السياسي الراهن في البلاد يواجه تحديات جسام تمثل امتحانا عسيرا يتطلب العمل التوافقي ينبذ الخلافات السياسية التي تفرق ولا تجمع ، هو حوار من أجل تماسك الجبهة الداخلية ، عن طريق التعاون والتكامل ، لمواجهة تلك التحديات ، التي أصبحت الهم المشترك لكل فئات الشعب السوداني الابي ، كل هذا في حقيقة الأمر يعتمد على رغبة الأحزاب السياسية والمعارضة في الداخل والخارج بأن تخرج من هذا الحراك السياسي بمخرجات تكون بمثابة وثيقة توافقية لوضع دستور دائم ينظم مسيرة الحكم في البلاد . هذا اللقاء الجامع الذي يؤسس لانتقال حقيقي ، ويمثل خارطة طريق بديلة لأي قوى وطنية راغبة في الاستقرار والتسوية السياسية ، ومن خلال القضايا الاساسية الست والتي هي طريق بديل لأي قوى وطنية راغبة في الأستقرار والتسوية السياسية . ومن هذا المنطلق يعتبر الحوار حلا ومخرجا استراتيجيا لأزمات السودان الداخلية والخارجية ، بعيدا عن أي موازنات سياسية أو مناورات تكتيكية ، فكل أمنيات افراد الشعب السوداني يعولون على هذا الحوار الوطني في تأسيس وضع انتقالي حقيقي , يتم التوافق الوطني فيه على وثيقة دستور دائم يضع حدا لحكم البلاد . وتعلم الساحة السياسية السودانية بأن هذا الحوار هو لقاء سوداني - سوداني يشكل وىقعا جديدا في الأزمة السياسية السودانية والذي يمكن ان يفضي الى وفاق سياسي اذا خلصت النية لدى المتحاورين بأن يتناولوا قضيا الوطن بكآفة جوانبها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية . ان التفاؤل أصبح سند الموقف لدى الشعب السوداني بنجاح الحوار الوطني ووصوله الى نتائج طيبة يخرج بها المتحاورون من أزمة الأختلافات السياسية الى آفاق طيبة وأرحب وهذا النجاح يرتبط حتما بالتزام المشاركين بواجبهم وتنفيذ مخرجاته . ممانعة بعض الحركات المسلحة من المشاركة في هذا اللقاء التأريخي ليس لها مبررات منطقية ، في تقديري مشاركة كل فئات القوى السياسية والحركات التي تحمل السلاح في هذا الحوار الجامع مهمة من أجل وقف النزاعات ونشر السلام والتنمية في البلاد فاتفاق كل الأحزاب على رؤية موحدة ومخرجات واطروحات دون شك تدفع السودان الى بر الأمان . المتابع للاحداث السياسية في الوطن يجد أن المتحاورين شرعوا وقطعوا شوطا كبيرا وكل المؤشرات تنم عن بشريات توافقية تعالج مشاكل البلاد كآفة وتغلق الباب أمام التدخلات الخارجية السافرة في شوؤنها الداخلية . في تقديري أن الحوار المنعقد الآن هو يمثل سفينة تحمل السودان الى بر الأمان . فالمطلوب من المتحاورين التعاون الوثيق حتى يصلوا الى ما يصبون اليه وتحقيق الغاية المنشودة التي تفرح شعب السودان بمخرجات هذا اللقاء التأريخي. الحوار الوطني والمجتمعي يمثلان الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يتحقق كل شئ في مصلحة البلاد العليا ، خاصة توحيد الآراء والرؤى من أجل حمايتها ، ويمثلان ايضا فرصة كبيرة من خلالها تتحقق الآمال والطموحات التي ينتظرها شعب السودان الذي يضع كل آماله في هذا اللقاء الجامع لأنه لقاء بمثابة ستار وحصن منيع يقف أمام التحديات والتدخلات الخارجية التي لاتحل مشاكل بل تزيد من تعقيداتها ، والشعب السوداني لا يعول عليها كثيرا ، لأنها تحمل في طياتها أجندة من خلف الستار تهدف الى بث سمومها وبذر بذور الفتنة والفرقة والشتات تحقيقا لمآربها التي تهدف الى تفكيك بنية الوطن ونسيجه الأجتماعي . الكل يعلم أن الدول العربية من حولنا شهدت ثورات ضد أنظمتها من أجل التغيير ، لكن نجد الحكومة السودانية تنادي كل القوى السياسية المتمثلة في أحزابها المختلفة والحركات المسلحة التي تحمل السلاح ضدها وكآفة المواطنين ورموز المجتمع السوداني بأن ينخرطوا في حوار سوداني - سوداني وصولا الى وثيقة توافقية تكون نواة للدستور الدائم يوضح بجلاء كيفية حكم البلاد ، هذا الموقف من قبل الحكومة يمثل قمة الحضارة التي تعكس أصالة الشعب السوداني التي عرف بها منذ وجوده على بساط كنف هذه البسيطة . المهم في الأمر هو أن يصل الجميع الى توافق سياسي بارادة وعزيمة قوية من خلال تلاقح الثقافات لتعزيز الثقة بين تركيبة النسيج الاجتماعي ، وهذا هو الانصهار الحقيقي للثقافات المتعددة والتي ينبغي أن تكون الاساس لأبراز الهوية السودانية وخلق أرضية مشتركة لتعزيزها . الحوار الوطني المنعقد حاليا هو يمثل المائدة المناسبة لكل ألوان الطيف السياسي بأن تنهل من تجارب المشورة التي تفتح كل ابوابها للادلاء بالآراء السديدة في جو ديمقراطي حر دون قيود ، لأنه حوار ملك للجميع وحق من الحقوق المكفولة لأي حزب سياسي وحركة تحمل السلاح ، حوار مفتوح للجميع ، يدعو للتعاون والتكاتف والتآذر لحماية البلاد وصونها من التدخلات الخارجية. هو لقاء تأريخي لكل مواطن ويعكس مقدرة القوى السياسية السودانية المشهود لها بالكفاءة ولم تتوان في أن تصل الى توافق وطني بعيدا عن الوساطات الخارجية التي تدس السم في باطنها ، شرخا للنسيج الاجتماعي وعدم استقرار الوطن وزعزعة أمنه ، ومن هنا ينبغي للمتحاورين أن يكونوا كالبنيان في توحيد االآراء والخروج بحلول دائمة تهدف الى استقرار الوطن والعمل على مواصلة التنمية والتعمير .