-- تضرب جذور الصداقة بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية في أعماق التأريخ، وتظل الامتان الصينية والعربية مرتبطان بطريق الحرير برا وبحرا على مدى أكثر من 2000 سنة التي يبقى فيها السلام والتعاون والانفتاح والتسامح والتدارس والمنافع وتعزيز عملية التواصل بين الجانبين. وكان تأسيس الصين الجديدة واستقلالات الدول العربية قد بشر بعهد جديد للتبادل الودي الصيني العربي، فتمت اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية البالغ عددها 22 دولة خلال الفترة ما بين عامي 1956 و1990 ، وكانت الصين تدعم بحزم الحركات التحررية الوطنية العربية ، وتدعم بحزم نضال الدول العربية في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية واستعادة وصيانة الحقوق والمصالح القومية والتصدي للتدخل والاعتداء الخارجيين ، وتدعم بحزم القضايا العربية في تطوير الاقتصاد القومي وبناء الوطن . وفي المقابل ، قدمت الدول العربية دعما قويا للصين في استعادة مقعدها الشرعي في الاممالمتحدة وفي قضية تايوان وغيرها . وبعد انتهاء الحرب الباردة ، وتماشيا مع التيار العالمي المتمثل في السلام والتنمية والتعاون ، كان الجانبان الصيني والعربي يتعاملان مع بعضهما البعض باحترام ومساواة وعملا على تعميق الصداقة التقليدية وتطوير العلاقات الثنائية ، وحققا نتائج ملحوظة في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والتكنولوجية والثقافية والتعليمية والعسكرية والصحية والرياضية والاعلامية وغيرها ، وأقاما علاقات الصداقة والتعاون الموجهة للقرن الجديد . وفي عام 2004 م ، تأسس منتدى التعاون الصيني العربي الذي صار اطارا للتعاون الجماعي يشمل مجالات عديدة وتنبثق عنه اكثر من 10 آليات .وفي عام 2010 ، تمت اقامة علاقات التعاون الاستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية، الامر الذي ادخل التعاون الجماعي الصيني العربي الى مرحلة جديدة من التطور والتقدم النوعي على نحو شامل . وعلى هذا الاساس، أوضح الرئيس الصيني شي جينبنغ المجالات وااتجاهات ذات الاولوية للتعاون الجماعي الصيني العربي في الخطاب المهم الذي القاه خلال افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي في عام 2014 ، الامر الذي حدد دليل عمل لتطوير العلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى. وخلال ال 60 سنة التي مضت على بدء العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية ، تعمق التعاون بينهما في مختلف المجالات بشكل مستمر، حيث تمت اقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة أو علاقات الشراكة الاستراتيجية او علاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين و8 دول عربية وآلية للحوار الاستراتيجي بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية . هذا وصارت الدول العربية أكبر مورد النفط الخام للصين وسابع اكبر شريك تجاري لها، وتجاوبت ايجابيا وفاعلا مع المبادرات الصينية التي تدعو الى تشارك الجانبين الصيني والعربي في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن ال 21 وتشكل معادلة التعاون 1+2+3 المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كالمحور الرئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والاقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة كنقاط اختراق في التعاون ، وتعزيز التعاون في الطاقة الانتاجية ، كما لدى الجانبين توافق وآسع النطاق فيما يتعلق الحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة الترابية والدفاع عن كرامة الامة واتباع الحلول السياسية للقضايا الساخنة وتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الاوسط ، ويتحليان بمواقف متشابهة من القضايا مثل اصلاح مجلس الامن الدولي وتغير المناخ ومفاوضات جولة الدوحة، ويحافظان على التنسيق والتعاون المتميز في هذا الصدد. كما ان التواصل الثقافي والانساني يتكثف مع مرور الزمان ويزداد التبادل الشعبي ، الامر الذي عزز الفهم المتبادل والصداقة بين شعوب الجانبين . على مدى ال 60 سنة المنصرمة ، حقق التعاون الودي الصيني العربي قفزة تأريخية اتساعا وعمقا، واصبح نموذجا يحتذى به في تعاون الجنوب - الجنوب واكتسب خبرة وتجارب ناجحة، اذ ان الجانبين يلتزمان بالاحترام المتبادل والتعامل على قدم المساواة وظلا اخوين وصديقين وشريكين مهما كانت تقلبات الاوضاع على الساحة الدولية ، ويتمسكان بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك والتنمية المشتركة وظلا يسعيان الى المصلحة المشتركة والتنمية المستدامة مهما كانت التغيرات التي مرت بها الاوضاع الداخلية ، ويعملان على تعزيز الحوار والتواصل والتبادل الحضاري وظلا يحترمان النظم السياسية والطرق التنموية لدى الجانب الآخر مهما كانت الاختلافات من الزاوية الايديولوجية . حرصا من الحكومة الصينية على توضيح المبادئ الارشادية التي تلتزم بها لتطوير العلاقات الصينية العربية ورسم خطط المستقبل المشرف للتعاون الصيني العربي المتبادل المنفعة على اساس استعراض واستخلاص الخبرة في تطوير العلاقات الصينية العربية، وتاكيدا من جديد على مساعيها السياسية في تدعيم السلام والاستقرار في الشرق الاوسط والارتقاء بالعلاقات الصينية العربية الى مستويات أعلى، تضع الحكومة الصينية اول وثيقة خاصة بسياستها تجاه الدول العربية كما هو الآتي: الجزء الاول ، تعميق علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة . تعيش الاوضاع الدولية حاليا تغيرات متواصلة معمقة ومعقدة في ظل الزخم المتزايد للتعددية القطبية والعولمة الاقتصادية والتطور المستمر للتنوع الثقافي والمعلوماتية الاجتماعية وما يترتب على ذلك من التعديلات والتحولات المتسارعة للمعادلة الدولية والنظام الدولي. تعمل دول العالم على تسريع وتيرتها في تغيير استراتيجيتها التنموية وتحريك الاصلاح والابداع وتعجيل التحول الاقتصادي وايجاد مجالات جديدة للتنمية. وفي الوقت نفسه ، ما زال العالم يمر بفترة تعديلات عميقة للاقتصاد في حين تكون العناصر الجيوسياسية اكثر حضورا وتتوالى وتتعاقب التوترات المحلية وتزداد التحديات الامنية غير التقليدية والتحديات العالمية بشكل مستمر، وما زالت الفجوة كبيرة بين الجنوب والشمال من حيث مستوى التنمية ، فما زال هناك مشوار شاق وطويل لتدعيم القضية السامية للسلام والتنمية البشرية . ان الصين التي تعتبر اكبر بلد نام في العالم ، تعمل بكل طاقتها على تحقيق الهدفين المئويين وبناء دولة اشتراكية حديثة غنية وقوية وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وتحقيق الحلم الصيني للنهضة العظيمة للامة الصينية. ستواصل الصين رفع راية السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، وتسلك طريق التنمية السلمية بلا تغيير، وتلتزم باستراتيجية الانفتاح القائمة على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك بلا تزعزع ، سعيا الى اقامة علاقات دولية من نوع جديد تتمركز على التعاون والكسب المشترك . ان الدول العربية التي تقع في منطقة الالتقاء بين قارتي آسيا وافريقيا تتميز بطابع تعددي تنوعي ديني وحضاري بارز، وتعرف بعراقة ثقافتها وتأريخها وخصوصيتها في الموارد وامكانياتها الهائلة في التنمية. وفي ظل الظروف الحالية ، تعمل الدول العربية على استكشاف طرق تنموية تتناسب مع ظروفها الوطنية بارادتها المستقلة، من خلال الدفع بالعملية الصناعية وزيادة التوظيف وتحسين معيشة الشعب وتدعيم السلام والاستقرار في المنطظقة ، بما يقوم بدور مهم في الشؤون الاقليمية والدولية.