- لعبت العلاقات الدولية دورا مهما وفعالا في تطوير علاقات الشعوب مع بعضها البعض من أجل تبادل المصالح والمنافع ، وهي تمثل العمود الفقري لمراقبة تلك العلاقات وفق القانون الدولي الذي ينظم تلك المعاهدات بين دول العالم... وعادة تقوم العلاقات على الاحترام المتبادل دون التدخل في شئون الاخرين ، ومن هذا المنطلق ان لكل دولة دبلوماسيتها الخاصة بها تطوعها على حسب المصلحة والمنفعة، ونجد ان السودان تبنى منذ استقلاله سياسة خارجية تقوم على الاحترام وعدم التدخل في شئون الاخرين على حسب ما هو معلوم في العهود والمواثيق الدولية ، درج السودان على تطبيع علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية في محيطه الافريقي والعربي ، ومن ثم مع كل دول العالم على حسب ما تقتضيه المصلحة العامة ، ويتمتع السودان بموقع جغرافي متفرد قلب القارة الافريقية وهو يمثل حلقة وصل بين شعوب القارة السمراء والدول العربية ، هذه الميزة جعلت منه ان يكون محط انظار الدول الافريقية والعربية ، ومؤثر في المنطقة من النواحي الاستراتيجية التي تعول عليها الدول لتحقيق الغاية والتي تتمثل في تبادل المصالح والمنافع المشتركة ولعبت الدبلوماسية السودانية الدور الفاعل ، في تطبيع علاقاته مع دول المحيط العربي لانه ليس بمعزل منها ، وقد شاب علاقاته مع بعض الدول العربية نسبة للمتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة منذ تسعينيات القرن الماضي ، ولكن استطاع رغم التحديات الماثلة بان يطبع علاقاته مع معظم الدول العربية بصفة عامة ومع دولة قطر بصفة خاصة . المتابع لعلاقة الخرطوم مع الدوحة يجد انها علاقة متميزة ومتجزرة طابعها الاحترام المتبادل والثقة القوية التي جعلتها نموذجا لدول المنطقة. ترتبط الدولتان بعلاقات ازلية متينة، وان كثيرين ربما لا يدركوا حجم المتغيرات على الصعيد الدولي ، فدولة قطر رغم صغر مساحتها الا انها اصبحت لاعبا دوليا اساسيا، ولم تعد السياسة العالمية ترتبط بحجم مساحة الدول بقدر ما ترتبط بحجم المصالح والتكتلات والدور المحوري الذي تلعبه اية دولة حسب معطياتها السياسية والاقتصادية وتأثيرها وارتباطها بالدول الكبرى المؤثرة في السياسة العالمية . وفي الاونة الاخيرة اضحت دولة قطر بؤرة الاهتمام العالمي وسطع نجمها كدولة شرق اوسطية مؤثرة وذلك الحراك الدبلوماسي الواسع الذي تقوده قطر في المحيط العربي والافريقي . وتأتي زيارة المشير عمر البشير الى الدوحة في اطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والتي مرت بمراحل عبر السنوات الطوال وشكل التمثيل الدبلوماسي في البلدين دورا محوريا في تقدم ودفع العلاقات الاخوية بين السودان ودولة قطر . وساهم ذلك التفهم الواسع من القيادات العليا في البلدين ورعايتهما وتوجيهما لتطور العلاقات السياسية عبر تبادل الزيارات ، وهنا تتجسد زيارة البشير الى قطر في لعب الدور الرائد والمحوري والتي تهدف الى تطوير وتمتين العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات . ويمكن ان توصف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بانها استراتيجية في كل المجالات ، وترنو الى مستقبل زاهر ينم عن تبادل المصالح المشتركة لرفاهية شعبي البلدين ، من خلال الاستثمار لان السودان يحتوي على فرص استثمارية كبيرة ومتنوعة خاصة في المجال الزراعي الذي يعتبر اهم المجالات لانه يوفر الغذاء الذي اصبح تحدي يواجه دول العالم بصفة عامة والدول العربية بصفة خاصة . ومما ذاد من تطوير علاقات البلدين النشاط الاستثماري من قبل دولة قطر التي لها مشاريع استثمارية ضخمة في السودان وهذا مؤشر واضح بان علاقات الدولتين تشهد تطورا ملحوظا ، وقد بذل الجانبان جهودا كبيرة في ترقيتها ، وزيارة المشير عمر البشير تعكس تلك الجهود المستمرة التي تهدف لخلق شراكة استراتيجية قوية لمصلحة شعبيهما . في اعتقادي ان هذه الزيارة مهمة لانها فرصة طيبة ترتقي بعلاقات البلدين الى آفاق ارحب في المستقبل .