كتب- سعيد الطيب ازداد الاهتمام بمفهوم اللامركزية منذ أواخر القرن العشرين نتيجة للمتغيرات السياسية و الاقتصادية و التكنولوجية التي شهدها العالم . ويقصد بها توزيع الوظائف الادارية بين الحكومة المركزية قي العاصمة و بين هيئات محلية او مصلحية مستقلة و من هنا يتبين لنا ان النظام المركزي يقابله تماما النظام اللامركزي اذ الاول يعتمد على ظاهرة تركير الوظيفة الادارية و الثاني يقوم على توزيعها . . لقد اتفق خيار الشعب السوداني بكل تنظيماته واحزابه السياسية بان الحكم اللامركزي هو خيار يحقق الإنتاج والإنتاجية ويحقق النمو المستدام والحاضر الان يحتاج فقط الي تقييم هذه التجربة علي اساس الكفاءة و المواطنة. حقيقة تمتازالممارسة الديمقراطية في السودان بالعراقة والقدم عريقة قدم التاريخ وتجربة الحكم اللامركزي تجربة منصوصة في الدستور وهي سلطات اصيلة ولكن هذه التجربة عند إنفاذها وممارستها أفرزت سلبيات أضحت مهددة لكيان الدولة فشئ طبيعي لو كان هناك مهدد للدولة لابد من الوقوف حوله والمراجعة وهذا لا يعني الإنتكاس عن إنتخاب الولاة وأنما يعني تصحيح المسار والدولة الآن تريد ان تصحح المسار حتي لا يكون انتخاب الولاة هو سبب للتشرزم والقبلية والجهوية خاصة وأن المقصود من الحكم اللامركزي هو تحقيق الوحدة الوطنية وبناء الأمة ودرء النزاعات وإدارة التنوع وتعزيز قيم التعاون والتكاتف وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنيين في مختلف المناطق خاصة وان الدولة وظيفتها حفظ الأمن وتقديم الخدمات والرفاه للمواطنيين فالقصد من الحكم اللامركزي احراز تنمية اقتصادية واجتماعية علي مستوي الولايات ورفع الكفاءة والفاعلية للإدارة المحلية وهذه الأشياء كلها منوط بها التجربة ولكن أذا كانت الطريقة افرزت ما يؤدي الي التشرزم والنزاعات والقبليات والجهويات والمحاصصات قطعا هذه المهددات اصبحت مهددا لكيان الأمة السودانية لذلك تريد الدولة فقط تقويم المسار وليست تراجعا وأن بلادنا تعاني في الأطراف من الأمية والأمية الثقافية . فممارسة السودانيين خاصة الأحزاب السياسية لهذه التجربة تحتاج الي مزيد من النضج فالأحزاب السياسية غير قادرة علي استيعاب المواطنيين علي اساس المواطنة وانما علي اساس القبلية وهي مشكلة كبيرة واكيد سيتنعكس سلبياتها علي وحدة البلاد . لقد مرت اربعة عشر عاما منذ انعقاد آخر مؤتمر قومي لتقييم تجربة الحكم اللامركزى في عام 2002م .. ومن اجل تقييم وتقويم تجربة السودان في تطبيق نظام الحكم اللامركزي على كل المستويات والقطاعات ومراجعة الممارسة لتعزيزالإيجابيات ومعالجة السلبيات التي تخللت مسيرة التطبيق طوال الفترة الماضية مع إستصحاب التجارب العالمية والإقليمية المماثلة , انعقد بالامس مؤتمر الحكم اللامركزى تحت رعاية المشير عمر البشير رئيس الجمهورية وبمشاركة واسعة من كأفة أطياف الشعب السوداني الرسمية والشعبية والخبراء والمختصين والفئويين . ويهدف المؤتمر الي حماية وتجسيد مبادئ ومقومات ممسكات الوحدة الوطنية والوقوف علي نجاحات وسلبيات التجربة واقتراح الحلول والمعالجات وتقييم التجربة في اطار الاهداف الكلية للدولة .ويناقش المؤتمر محاور السياسات والتشريعات والهياكل والعلاقات ، الموارد البشرية والمالية والاقتصادية والخدمات ، الحكم المحلي ، التجارب العالمية (تجارب مقارنة ) . ويأتي انعقاده في إطار السياسة العامة لإصلاح الدولة . يقول الأستاذ صديق جمعة باب الخير وكيل ديوان الحكم الاتحادي في تصريحات ل (سونا) ان التحضيرات بدأت بعقد ورش عمل قطاعية ومؤتمرات قاعدية بجانب اجتماعات اللجان الفرعية التسع للمؤتمر اضافة الى الاجتماعات اليومية لغرفة العمليات للمتابعة والإشراف على سير التحضير للمؤتمر القومي والذي ينعقد تحت شعار (نحو سودان واعد ومستقر ) بسطا لسلطات الدولة في مؤسسية تفي باستحقاقات مستويات الحكم كافة . اذن هل نظام الحكم اللامركزى مناسب لنا ام هو الانسب ؟ يقول البروفيسور أحمد إبراهيم أبوسن عضو مجلس الولايات السابق وأستاذ الإدارة بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا إن النظام الفيدرالي يعد انسب صيغ الحكم للسودان وذلك لاتساع الرقعة الجغرافية للبلاد ولتعدد المجموعات الإثنية والعرقية مما يتسبب في الاحتكاكات في بعض الأحيان.وأضاف في تصريح (لسونا) أن مراجعة الحكم اللامركزي يهدف لمعالجة بعض السلبيات التي صاحبت التطبيق وصولا به لصيغته المثلى ، بجانب توفير الموارد اللازمة التي تسهم في تحقيق أهدافه الكلية. بينما يقول البروفيسور إسماعيل الحاج موسي الخبير الإعلامي والسياسي والقيادي بالمؤتمر الوطني إن الحكم الفيدرالي يعد أنسب صيغ الحكم للسودان ، واعتبره ضرورة لأسباب تاريخيه وجغرافيه ، وعزا ذلك إلى انه يمكن الولايات من الاستغلال الأمثل لمواردها ، ويعزز التعايش السلمي بين مختلف المكونات الاجتماعية ، ويؤدي للاقتسام العادل للسلطة والثروة. أن التجارب الماضية لتطبيق الحكم الفيدرالي صاحبتها الكثير من السلبيات في كيفية التطبيق ، مما أدى الى افتقار العديد من المناطق للخدمات والمشروعات التنموية ، وترتب عليه نزوح العديد من المواطنين من مناطقهم الى المركز وعواصم الولايات , التى لابد من تقوية مستويات الحكم الفيدرالي المختلفة فيها وتوظيف أكبر قدر من الثروة للمواطنين في شكل خدمات تحقيقاً للاستقرار الاجتماعي والسياسي.