-أسهمت شبكات التواصل الاجتماعي في نشوء فضاء جديد من الحرية بدلا من كونها أداة للترفيه والتواصل ، فأصبحت أداة للتنظير والتنظيم والقيادة ثم الى وسيلة فعالة لنقل الحدث ومتابعة الميدان وأداة للتغيير، وبذلك أصبحت أخطر مهدد للأمن القومي إن لم يُحصن المجتمع بوسائل فعالة تحفظه من الاختراق . المنتدى الذي نظمته ركائز المعرفة والدراسات والبحوث مؤخرا تناول دور وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الأمن القومي حيث تم خلاله مناقشة أربعة محاور رئيسية تمثلت في دور وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير المجتمع ، وسائل التواصل الاجتماعي والجريمة المنظمة ، مواقع التواصل الاجتماعي والاشاعة والمحور الأخير شبكات التواصل الاجتماعي والاختراق الاستخباري والأمني . فقد أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي أخطر مهدد يواجهه السودان من خلال توظيف هذه المواقع في ترويج الإشاعة وزعزعة الاستقرار ، وذلك بسبب تفشي ظاهرة الكذب في المجتمعات ونقص المعلومة الصحيحة والحقائق المتعلقة بالقضية وتفشي البطالة بين أفراد الشعب خاصة الخريجين الى جانب ضعف التحصين الأمني لأفراد الشعب وعدم رد الأمر الى جهات الاختصاص والعجلة والتسرع في نشر الاخبار ، وضعف الاستراتيجية الثقافية التي تشكل العقل السوداني تجاه الأمن القومي . وقد خضع المجتمع السوداني في الأونة الأخيرة الى العديد من التحولات والتغيرات في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية مما أثر في بنيته وتركيبته واستقراره ، ولا ينكر أحد مدى مساهمة شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة فيما حدث للأسر بل وفي جميع المجتمعات على مستوى العالم ، وأصبح المجتمع منشغل باستخدام شبكات الانترنت والألعاب ومشاهدة الأفلام التي تدعو الى العنف مما أنعكس سلبيا على القيم التي تغرس بداخلهم وأصبحوا قابعين مع الجوال وأمام شاشات الكمبيوتر لفترات طويلة والعديد من الوسائل الأخرى التي أصبحت تحيط بنا من كل إتجاه ، علما بأن هنالك ما يقارب ال (20) مليون خط هاتف سيار وأن نسبة مقدرة من هذا العدد لديهم هواتف ذكية أي حسابات بمواقع التواصل الاجتماعي ، الأمر الذي أدى الى الكثير من المشكلات الاجتماعية مثل التفكك الاسري والتطرف والعنف، انتهاك الخصوصية ، فوضى المعلومات ، نشر الافكار المنحرفة دون خوف والترويج الى الانحراف الاخلاقي مما أنعكس سلبا على العلاقات الاجتماعية . وقد خلص المنتدى الى عدد من التوصيات تمثلت في تعزيز دور الأسرة والمدرسة في تأصيل القيم الحميدة وسط الشباب والأطفال وتطوير المناهج الدراسية باستصحاب ايجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وتوظيفها في غرس القيم الفاضلة وإعلاء روح الوطنية وابتكار وسائل وآليات تعزز القيم الايجابية التي تحملها وسائل الاتصال الحديثة والانتفاع بما تقدمه من أشياء ايجابية مثل الثقافة ونقل المعلومات المفيدة والبرامج الجيدة وتنمية العقل والفكر والمدارك والبعد عن كل ما يدعو الى السلبية والتراخي والعنف وتوعية الأسر إعلاميا بمدى خطورة إستخدام وسائل الاتصال الحديثة بشكل متواصل وآثاره السلبية التي قد تؤدي الى تدمير الأسرة ، كما أوصى بإنشاء المكتبات الحديثة لتكون مصدراً للمعرفة لمختلف وسائلها وأيضا موقعا للترفيه . وأوصى المنتدى أيضا بإعلاء القيم والمُثل والتقاليد والأعراف الداعية لحفظ الحرمات وحرمة إنتهاكها عبر برامج وأنشطة موجهة تنفذها مؤسسات التعليم والثقافة ومراكز الدراسات والبحوث الى جانب تفعيل دور المساجد في تزكية المجتمع بمعالجة كل الظواهر السالبة وتشخيص أمراض هذه المواقع وتطوير وسائل تعاقب مروجي الاشاعات ومنتهكي الخصوصيات وسن تشريعات رادعة في مقابلتهم. وأخيرًا، يُمكن القول إن مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من كونها أداة للتواصل بين الأفراد، وأنها وسيلة للتعبير عن الآراء المختلفة وتبادلها، فإنها في الوقت نفسه من الممكن أن تكون أداة خطيرة تهدد سلامة الأمن القومي، علاوة على إزدياد خطورتها في نشر الشائعات والحرب النفسية، بعد أن أصبحت أداة قوية من أدوات حروب الجيل الرابع، وبالتالي تبقى الإشكالية في كيف يُمكن تحقيق التوازن بين متطلبات التعبير عن الرأي والحفاظ على الأمن القومي؟. ع و