-تقرير /ابراهيم موسي :/ نجح السودان ويوغندا اخيرا في ازاحة العقبات والعراقيل امام تطور علاقاتهما التي مرت بتوترات وتشاكسات خلال الحقبة الماضية بسبب التمرد والحروبات. وانتهج رئيسا البلدين البشير وموسفيني طريق تبادل الزيارات للوقوف علي التحديات التي تواجه البلدين والعمل على حلحلتها والاشراف المباشر علي تنفيذ القرارات والتوجيهات الصادرة من الطرفين. وقد افلح الرئيسان خلال الفترة الاخيرة في كسر الجمود الذي شاب علاقات الخرطوم وكمبالا، حيث شكلت زيارة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير الى يوغندا يومي الاثنين والثلاثاء الثالث والرابع عشر من نوفمبر الجاري مرتكزا جديداً في سلم علاقات البلدين قوامه وعموده الفقري الاقتصاد والمصالح التجارية. وقد حظيت هذه الزيارة باهتمام متعاظم من الجانب اليوغندي الذي اعد لها اعدادا وتحضيرا جيداً يلامس احتياجاتهم في الجوانب الاقتصادية والتنموية والخدمية والتعليمية. لغة المصالح: بالرغم من حضور الملفات الاقليمية والدولية في قمة البشير وموسفيني المغلقة بالقصر الرئاسي بعنتبي وفي مقدمتها الملف الامني في منطقة البحيرات وجنوب السودان والصومال الا ان الموقف من هذه الملفات بات مجمعا عليه من الدولتين وياتي في مقدمة برامجهما والتزاماتهما الاقليمية والدولية الرامية لايجاد حلول ضمن اطر الايقاد والاتحاد الافريقي لانهاء الازمات في هذه المناطق. بينما كان التطور الجديد في هذه الزيارة هو لغة المصالح المشتركة التي برزت بكل وضوح في رغبة الخرطوم وكمبالا في القفز بالعلاقات الي الامام الامر الذي تجلى في رئاسة رئيسي البلدين عمر البشير ويوري موسفيني لمنتدي رجال الاعمال بعنتبي والسماع للمختصين في هذا المجال ثم تحدثا ووجها الوزراء والمختصين من الجانبين بضرورة مراجعة كل ما تم الاتفاق عليه بين البلدين في اللجنة العليا وتنفيذه على ارض الواقع كما وافق الطرفان على مقترح تقدم به الرئيس البشير يدعو الى إقامة ملتقى اقتصادي استثماري سوداني يوغندي عربي بالخرطوم لمناقشة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين وكان واضحا ان الموافقة على الملتقى تهدف الى جلب رؤوس الاموال لدفع الانشطة الاقتصادية وضخ الحياة في شرايين الاقتصاد في الدولتين. وفي المقابل كثف رجال الأعمال السودانيون اجتماعاتهم الثنائية مع نظرائهم اليوغنديين على هامش المنتدى الاقتصادي للشركاء الذي عقد من جزئين في عنتبي وآخر بوزارة المالية اليوغندية بكمبالا. ونتج عن هذه الاجتماعات الموافقة على فتح خط لشركة تاركو للطيران لتسيير رحلات جوية الي يوغندا ، كما خرجت الاجتماعات الثنائيه بين الطرفين في مجال التجارة بالاتفاق علي اقامة معرضين سودانيين بيوغندا الاول خاص بجياد ومنتجاتها والثاني خاص بالمنتجات الصناعية السودانية. وفي هذا الخصوص يقول مدير شركة جياد للجرارات والمعدات الزراعية صلاح عبد الله كرار إن الاجتماعات بحثت اوجه التعاون والدخول في شراكات استثمارية. وراي ان الاستثمار في يوغندا مبشر وتوجد موارد كثيرة يمكن لرجال الأعمال السودانيين الاستفادة منها، واكد اهمية التواصل مع الجانب اليوغندي واستفادة المنتجات والصناعات السودانية من السوق الموجودة. وقال انه تم تقديم الدعوة لليوغنديين لزيارة السودان للتعرف علي انتاج جياد والمشاركة في معرض الخرطوم الدولي وزيارة معرض صنع في السودان. الميزان التجاري : اما وزير التجارة الخارجية الاستاذ حاتم السر يرى هو الاخر ان زيارة الرئيس البشير الى يوغندا سيكون لها تاثير على الميزان التجاري وستحسن من الوضع الاقتصادي للبلاد. ، مبينا ان هذه المعارض تعتبر فرصه جيدة للترويج للمنتجات السودانية وربطها بالصادر وفتح ابواب جديدة ،موضحا ان الزيارة سيكون لها تاثير على الميزان التجاري وستحسن من الوضع الاقتصادي في السودان . واشاد الوزير بالمباحثات التي تمت مع نظيره اليوغندي ،مبينا انهما استعرضا جملة من المشاريع الاستثمارية والفرص التجارية .واكد ان قيادة البلدين دفعت بضرورة تطوير العلاقة التجارية بين البلدين والنهوض بها مؤكدا مواصلة الطرفين لعملهما من اجل رفع مستوى العلاقة التجارية حتى تصل لمستوى الشراكة. ويدرك الجانبان السوداني واليوغندي ان الوضع الاقتصادي هو احد العوامل الحاسمة في مضمار العلاقات الدولية وفي سلم الصعود للمجد الدولي ونسبة لهذه الاهمية فقد توصل منتدى الشركاء بين رجال الأعمال السودانيين واليوغنديين الذي عقد بوزارة المالية اليوغندية بكمبالا؛ الى تفاهمات في مجال الاستثمار والدخول في شراكات لتطوير العلاقات الاقتصادية بين السودان ويوغندا. وأمن المنتدى على أهمية تفعيل الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية بين البلدين، وأثتى على قيام مؤتمر اقتصادي بالخرطوم يضم رجال الأعمال من البلدين ومستثمرين عرب وتم خلال أعمال المنتدى استعراض العديد من فرص الاستثمار، كما تم التعرف على القوانين واللوائح التي تساعد على الاستثمار. وقال وزير الزراعة والغابات الدكتور عبد اللطيف العجيمي الذي رأس الجانب السوداني أن العلاقات الاقتصادية بين السودان ويوغندا تسير في الاتجاه الصحيح، وتستثمر في مشروعات اقتصادية تصب في مصلحة الشعبين. ووصف العجيمي زيارة البشير ليوغندا بالمثمرة وتطرقت لكل القضايا، وقال: السودان ويوغندا أرض الاستثمار الزراعي؛ الأمر الذي يتطلب تحويل المنتجات الزراعية الى صناعات تحويلية لتحقيق قيمة مضافة. وناقش المنتدى الذي خاطبه وزير المالية اليوغندي مجالات الاستثمار في مجالات المعادن والغاز والبن والشاي والصناعات والنقل والفواكه والجلود والقطن والصحة والتعليم والأدوية والمواصلات والطرق، تكنولوجيا المعلومات والسياحة وإقامة منطقة حرة سودانية يوغندية . واستعرض الجانب اليوغندي ميزات الاستثمار في بلاده؛ حيث يتوفر الأمن والاستقرار بجانب التسهيلات الموجودة بالنسبة للأراضي والضرائب وتتبع لتجمعات اقتصادية مثل السوق الاقتصادية المشتركة لدول شرق افريقيا (الكوميسا) - ومجموعة الساداك بالاضافة الي الروابط الاقتصادية مع عدد من البلدان. التوقيع علي مذكرة تفاهم في مجال التعليم العالي : وقع السودان ويوغندا في ختام مباحثاتهما على مذكرة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي في البلدين ، وشهد الرئيسان البشير واليوغندي يوري موسفيني التوقيع الذي تم بالقصر الرئاسي في عنتبي ووجها وزرائهما بتسريع تنفيذ كل القرارات التي لم تنفذ . وتتصل الاتفاقية بتخصيص منح دراسية للطلاب اليوغندين في جامعة أفريقيا. اهتمام يوغندي: كان حجم الاهتمام اليوغندي بالزيارة كبيرا على كافة المستويات حيث استقبل رئيس الجمهورية استقبالا كبيرا بالقصر الرئاسي بعنتبي كما نظم له برنامج اجتماعي بزيارة خاصة لمزرعة موسفيني كيسوزو التي تبلغ مساحتها 10 كلم مربع لتربية الأبقار . للوقوف على احد نماذج الاقتصاد اليوغندي الزراعي. كما ياتي لقاء رئيس الجمهورية برئيس الوزراء اليوغندي روهوكانا روقاند ايضا ضمن اهتمام الجانب اليوغندي بالزيارة ويعتبر الاقتصاد اليوغندي من اسرع الانظمة الاقتصادية نمواً في العالم بحلول العام 2025، بنسبة 7،7% وفقاً لدراسات امريكية من جامعة هارفارد حيث تقول هذه الدراسة ان يوغندا ستحل في المرتبة 12 جذبا للاستثمار في افريقيا. .تسهيلات تجارية واندماج اقتصادي: اعلن بنك السودان المركزي التوصل إلى تفاهمات مع البنك المركزي اليوغندي تتصل بتسهيل التجارة والاندماج الاقتصادي بين السودان ويوغندا. وقال محافظ البنك المركزي حازم عبد القادر "انه عقد لقاءا مع محافظ البنك المركزي اليوغندي المناوب ومعاونوه بكمبالا تناول اللقاء كيفية تسهيل التجارة بين البلدين واندماج اقتصاد الدولتين." واضاف ان الجانب اليوغندي وافق على فتح فرع للبنك الزراعي السوداني في يوغندا للمساعدة في تسويق المعدات والاليات الزراعية المصنعة في السودان، لافتاً الي ان الجانب اليوغندي طلب الاستفادة من تجربة السودان في البنوك الاسلامية وذلك لمقابلة طلبات بعض عملائه الذين يرغبون في التعامل وفق النظام المصرفي الاسلامي . واضاف المحافظ ان الجانبين تفاكرا حول كيفية الترتيب للملتقي الاستثماري السوداني اليوغندي العربي بالخرطوم. وقال ان زيارة رئيس الجمهورية ليوغندا سيكون لها ما بعدها وستسهم في توطيد العلاقات وتنعكس اثارها علي الاقتصاد وتعزز دور القطاع الخاص والشركات. ارتياح سوداني لنتائج الزيارة : عبر وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور عن ارتياح السودان لنتائج زيارة الرئيس البشير الى يوغندا والتى وصفها بأنها تاريخية وقال انها ستفتح صفحة جديدة فى علاقات البلدين، لافتا الى التحسن الكبير الذى طرأ فى علاقاتهما، وزاد قائلا" الزيارة تاريخية بكل المقاييس وستكون لها آثارها على المنطقة نظرا لوزن البلدين. وأشار إلى أن الوزراء - من الجانبين - ناقشا خلال الزيارة القضايا المختلفة على رأسها التجارة والاقتصاد، بجانب سبل تقوية العلاقات فى المجال الاقتصادي والتبادل التجاري ورفع وتيرته وقيمته، مضيفا أنه تم عقد منتدى اقتصادي؛ بحضور الرئيسين بحث مجالات التبادل التجاري وآفاقه، لافتا الى أن شركة تاركو للطيران ستبدأ فى فتح خط للطيران بين الخرطوم وكمبالا. وذكر غندور الى أن الرئيسين عقدا عدة مباحثات مشتركة لمناقشة عدد من القضايا المختلفة والقضايا ذات الاهتمام المشترك والعلاقات الثنائية وسبل تقويتها فى كافة المجالات بجانب التنسيق فى القضايا الإقليمية والدولية وقضية تحقيق السلم والأمن فى دولة جنوب السودان. وأضاف سيادته أن الرئيسين اتفقا على دعم إحياء عملية السلام فى دولة جنوب السودان التى تقودها الإيقاد باعتبار أن السلام فى الجنوب يمثل حقنا للدماء وتحقيقا للأمن والاستقرار فى المنطقة، لافتا الى أنه تم ايضا التطرق الى مسألة الأمن والسلم فى منطقة البحيرات والقضايا الدولية الأخرى وعلى رأسها ما يجري الآن في العالم والتحولات الكبيرة التى يشهدها. نجوى قدح الدم و نجاح الزيارة: لعبت الاستاذة نجوى قدح الدم دوراً بارزاً و كبيراً في إنجاح الزيارة بحضورها و تنسيقها للزيارة الامر الذي أكسبها لقب "أم العروس" . ويعتبر ادراك الخرطوم وكمبالا للدور الذي تلعبه العلاقات الاقتصادية والروابط التريخية الاجتماعية والثقافية باعتباره مفتاح النجاح في تجاوزهما للهواجس والتشاكسات والنظر للمستقبل وواختيار المصالح الاقتصادية نهجا جديدا للانطلاق والتطور .