- (فانا) 7-3-2018م (سونا) - مؤشرات عدة ظهرت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تؤكد أن الاقتصاد فى مملكة البحرين يمضي بخطى ثابتة لتحقيق أهدافه المرجوة، التي يقع على رأسها حسب منطوق الرؤية الاقتصادية المستقبلية 2030: تنويع النشاط الاقتصادي وموارد الإنتاج، وإيجاد مصادر بديلة للدخل الوطني لا تعتمد على النفط فحسب، وفتح المجال أمام تدفقات الاستثمار الأجنبية. وقد حققت القطاعات غير النفطية بالبلاد نموا سنويا بنسبة 4.8 % في الأشهر ال 9 الأولى من عام 2017، متجاوزةً بذلك نسبة النمو التي حققتها عام 2016، وبلغت 4.0 %، وذلك وفقا للتقرير الفصلي الصادر منتصف فبراير 2018 عن مجلس التنمية الاقتصادية، الذي أكد وصول نسبة نمو الاقتصاد البحريني ككل في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2017 إلى 3.6 % بالمقارنة ب 3.0 % عام 2016. ونجحت مساعي الاقتصاد البحريني في إيجاد مصادر بديلة للدخل بعيدا عن النفط، وذلك بالنظر إلى ما تمثله قيمة مشاريع البنية التحتية السياحية في المملكة حاليا التي وصلت لأكثر من 4.9 مليار دينار أو نحو 13 مليار دولار أمريكي في 14 مشروعا مهما، مع نمو لافت في سجل زوار المملكة عام 2017 وصل إلى 8.7 مليون زائر بنسبة 12.8 % مقارنة ب 7.7 مليون زائر عام 2016، ما أدى لارتفاع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 6.3 % عام 2016 ليصل إلى 7 % عام 2017. وهناك ما يربو على 330 مليون دولار تدفقات استثمارية إلى مملكة البحرين خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2017، ما يعكس ارتفاع حجم الاستثمارات التي تم استقطابها للبحرين بنسبة 158% بين عام 2016 و2017، بل وتكشف بيانات التجارة الخارجية للمملكة الصادرة عن شؤون الجمارك ارتفاعا في إجمالي الصادرات غير النفطية، حيث بلغت 216 مليون دينار أو بما يعادل 573 مليون دينار في نوفمبر عام 2017، منها صادرات وطنية المنشأ بقيمة 176 مليون دينار بحريني أو بما يعادل 467 مليون دولار. يضاف إلى ذلك أن ميناء خليفة بن سلمان سجل عام 2017 نسبة نمو بلغت 7 % في أعداد الحاويات وبنسبة 21 % في البضائع العامة مع توقعات مستقبلية إيجابية عام 2018 حسبما أعلنت شؤون الموانئ والملاحة البحرية في 12 فبراير الماضي، الأمر ذاته بالنسبة لحركة الشحن في مطار البحرين، التي زادت بإجمالي 289,434 طنا مقارنة بحوالي 263,956 طنًا خلال العام 2016 وبنسبة نمو 10% عام 2017. وتكشف هذه التطورات اللافتة عن أمرين، أحدهما: نجاح الخطط والإجراءات الموضوعة لتوطيد دعائم الاقتصاد البحريني بحيث يكون بمقدوره مواصلة التحرك مستقبلا دون انقطاع، أو ما يعرف باسم الاستدامة. وقد شملت الجهود الحكومية المبذولة في هذا الصدد: توفير بنية أساسية متميزة من طرق ومواصلات، وتطوير البيئة التنظيمية المشجعة بمزيد من الحوافز والإغراءات المتعددة التي أسهمت كثيرا في دعم مبادرات القطاع الخاص، وتوسيع الخيارات أمام المواطنين للعمل والانطلاق بهدف رفع مستوى معيشتهم. الأخرى: تأهيل الكوادر والخبرات البحرينية لمواجهة متطلبات السوق الجديد الذي تسعى البحرين لإيجاده، أو ما يعرف بالتنافسية، حيث العمل على تلبية وتوفير احتياجات السوق من العمالة المواطنة سواء عبر تطوير مخرجات التعليم أو عبر عمليات التدريب التأهيلي والتحويلي، لا سيما تلك التي يقوم بها صندوق العمل "تمكين" بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة لجعل البحريني هو الخيار الرئيسي للتوظيف، وهو ما سوف يكفل إتاحة الفرصة كاملة للقطاع الأهلي ليقود النشاط الاقتصادي خلال الفترة القادمة وفق استراتيجية 2030 التي تقوم على أن هذا القطاع هو محرك رئيس وليس تابع لدورة الاقتصاد وعجلة الإنتاج. يشار إلى أن صندوق العمل "تمكين"، المذكور سلفا، وصل بحجم المستفيدين من مشروعاته وبرامجه إلى حوالي 140 ألف بحريني و35 ألف مؤسسة منذ انطلاقته الأولى عام 2006 وحتى ديسمبر 2017، واستطاع خلال هذا العام الأخير دعم قرابة 130 ألف مواطن ضمن برنامج الشهادات الاحترافية والتدريب فقط، كما تمكن من ضخ أكثر من ملياري دولار في الاقتصاد الوطني، ودعم أكثر من 131 رائدة أعمال بمبلغ 2.7 مليون دينار بنسبة بلغت 40 % من مجموع دعم الصندوق لمؤسسات قطاع الأعمال منذ تأسيسه. لذلك، تمثل البحرين واحدة من بين أبرز دول الخليج العربية التي لا يزيد فيها معدل البطالة في عن 4 %، وتعد من أكثرها اهتماما فائقا بقوة العمل الوطنية، سيما العاملة بالقطاع الخاص، حيث يعمل ما نسبته 65.2 % من هذه القوة البالغة أكثر من 157 ألفا في هذا القطاع وحده بنهاية الربع الثاني من عام 2017. وبحسب التقرير الاقتصادي الفصلي لمجلس التنمية الاقتصادية، المشار إليه سلفا، فإن هذا القطاع هو الذي يقود النمو في القطاع غير النفطي في إشارة إلى الأداء الجيد لقطاعات الفندقة والضيافة والمطاعم، فضلا بالطبع عن الخدمات المالية واللوجيستية والصناعات التحويلية. وواقع الأمر، أن البحرين تحاول جاهدة الاعتماد على هذه القطاعات الرئيسية الثلاثة في المرحلة الحالية بهدف الخروج من وطأة الاعتماد على مصدر أحادي للدخل، وهو النفط، الذي يخضع لتقلبات الأسواق، وتتعرض أسعاره للتذبذب بين الفينة والأخرى. ودليل ذلك تزايد التدفقات المالية ناحية هذه القطاعات الإنتاجية المهمة، وهو الأمر الذي كان له أثره المهم في الاستمرار في خطط النهوض بالاقتصاد الوطني رغم التحديات الراهنة، حيث لوحظ نموا بمقدار 3.2 % بالأسعار الثابتة في الصناعة التحويلية، وبنسبة 5.9 % في نشاط النقل والاتصالات، وبنسبة 4.6 % في نشاط العقارات وخدمات الأعمال، وبنسبة 0.8 % في نشاط البناء والتشييد، وذلك بحسب ما أورده تقرير الحسابات القومية للربع الثالث من عام 2017 الذي أصدرته هيئة المعلومات الإلكترونية قبل نحو شهرين. وهو ما أكد عليه أيضا تقرير مجلس التنمية الاقتصادية المذكور قبلا، والذي أشار إلى نمو حقيقي في هذه القطاعات تجاوز 6% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2017، وهو ما أدى إلى زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تزيد عن 80 %. ومن الواضح أن هذه التطورات الاقتصادية التي تقودها القطاعات الإنتاجية الثلاثة قد أسهمت في ارتفاع حجم السيولة النقدية المتداولة في الأسواق، والتي بلغ مجموعها نحو 664.8 مليون دينار بنسبة نمو تقدر ب 1.7%، منها 541.8 مليون دينار خارج المصارف في نوفمبر 2017، كما بلغ حجم التسهيلات الممنوحة من المصارف 8.6 مليار دينار حتى نهاية نوفمبر من نفس العام بنسبة 7% على أساس سنوي، مقارنة ب 8 مليارات دينار خلال الفترة ذاتها من عام 2016. وتبدو أهمية هذا الأمر الأخير بالنظر إلى أن 53.2 % من إجمالي هذه التسهيلات الممنوحة أو نحو 4.6 مليارات دينار اتجهت لقطاع الأعمال وحده، وتوزعت بقيمة 1.631 مليار دينار لشركات الإنشاء والتعمير، والتجارة بقيمة 1.151 مليار دينار، وبنحو 850.4 مليون دينار لقطاعات إنتاجية أخرى، وبقيمة 695.1 مليون دينار للصناعة، ونحو 217.8 مليون دينار للقطاع المالي فيما عدا المصارف، و170.6 مليون دينار للفنادق والمطاعم، و121.1 مليون دينار للنقل والاتصالات وغير ذلك. ورغم الاهتمام بتنويع النشاط الاقتصادي في المملكة، لكن ذلك لا يعني تخلي المملكة عن هذا القطاع وعدم توجيه الاستثمارات الكافية له لزيادة قيمته المضافة، حيث يبلغ إجمالي الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع وحده عام 2018، وذلك بحسب تصريحات أخيرة لوزير النفط، نحو 6 مليارات دولار، ويُتوقع أن توجه بالأساس لعدة مشاريع: توسعة مصفاة البحرين "بابكو"، واستبدال خط الأنابيب المصدر الرئيسي للنفط المكرر في هذه المصفاة، وتطوير حقل البحرين، وتدشين مصنع جديد لبنا غاز، وإنشاء ميناء للغاز المسال في البحر شرق ميناء الشيخ خليفة في الحد، وغيرها. س ص