-شهدت الفترة السابقة ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 300% وزيادة التضخم، معظم القطاعات التجارية عزت ذلك إلى الدولار الجمركي كونه بوصلة تحدد مؤشرات الأسواق وتسبب بعجز المواطن في توفير الاحتياجات الأساسية. وتباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول ما صدر مؤخرا باتفاق بين مجلس الوزراء واتحاد أصحاب العمل السوداني بخفض سعر الدولار الجمركي من 18 إلى 15 جنيها ضمن عدد من الإجراءات الاقتصادية منها تخفيض رسوم الموانئ بنسية 50% للفترة من الاول من فبراير الى 25 فبراير 2019م وإعفاء المدخلات من فورم IM. واعتبر دكتور محمد الناير أن خفض الدولار الجمركي من 18 إلى 15 جنيها خطوة جيدة ولكنه حذر في الوقت ذاته من ان يكون الأمر تشجيع لزيادة حجم الاستيراد حيث يتعارض ذلك مع سياسة الدولة والتي تدعو لترشيد الاستيراد وفقا لترتيب الاولويات، إلا أنه أضاف أن التخفيض جاء بنسبة قليلة قياسا مع الزيادة التي حدثت بالدولار مطلع 2018م من 6,90 جنيه إلى 18 جنيها بنسبة زيادة قاربت ال 200 % وقال "كنا نتوقع تخفيضا أكبر على الأقل نسبة 40% حتى يكون لها أثر أكبر". وقال الناير "إننا إذا اعتبرنا التخفيض خطوة جيدة فلا بد أن يصل الأثر للمستهلك النهائي بأن ينعكس ذلك على أسعار السلع والخدمات"، وأشار إلى دور القطاع الخاص ومدى التزامه به في ظل التزام الدولة وخفضها للدولار الجمركي. فيما أشاد الدكتور عادل عبد العزيز الفكي مدير قطاع التجارة والتعاون وشئون المستهلك بوزارة التجارة والصناعة بولاية الخرطوم بالخطوة، مبينا أنه من المتوقع أن يعمل خفض الدولار الجمركي على خفض الأسعار في جميع السلع المستوردة من الخارج، وقال إن خفض أسعار السلع يخفف العبء المعيشى عن المواطنين. وطالب عادل بضرورة الاستمرار في عمل التعاونيات وتوفير السلع الأساسية الرئيسية باعتبار أن التعامل العادي عبر التجار قد لا يجعل الفائدة محققة بالكامل من خفض الدولار الجمركي. وفي ذات الاتجاه أكد دكتور هيثم محمد فتحي المحلل والباحث الاقتصادي أن قرارات خفض سعر الدولار الجمركي وتخفيض رسوم الموانئ 50% وإعفاء المدخلات من فورم IM تدعم وتحفز القطاع الخاص للعمل بوتيرة أسرع لتوفير الاحتياجات الضرورية والأكيدة والتي تدخل في الحياة اليومية للمواطن السوداني، وقال إن ذلك سينعكس على السلع بخفض تكلفتها وبالتالي يؤدي إلى انخفاض حجم التضخم والأسعار. وأشار فتحي إلى أن تخفيض قيمة الدولار الجمركي سيسهم في الحد من التهرب الجمركي والعمل على زيادة إيرادات الخزينة العامة للدولة مما يسهم في خفض معدلات التضخم وقال إنه من المتوقع أن ينخفض سعر الدولار وزيادة التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية والتي يحتاجها الاقتصاد الوطني وأكد فتحي أهمية زيادة الصادرات وزيادة معدلات التشغيل وفتح المصانع المتوقفة وزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي. وأوضح أن المواطن سيشعر بأثر هذا القرار بعد انعكاسه على السلع بخفضها وأن ذلك يتطلب وقتا ويأتي ذلك عقب تأثيره على التكلفة والمواد المستوردة. ووصف بروفيسور عصام الدين عبد الوهاب بوب أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين قرار مجلس الوزراء بخفض سعر صرف الدولار الجمركي بالمهم لجهة أنه يساهم في مكافحة السماسرة والوسطاء وتحريك قطاع الاعمال والقطاعات الانتاجية والحركة التجارية بصورة عامة في البلاد. وتساءل كيف يتحصل المستوردون على هذا الدولار ؟ الأمر الذى يؤثر على حجم الواردات والتي من بينها مدخلات الانتاج الزراعية والصناعية والأدوية على وجه الخصوص والسلع الاستهلاكية لافتا الى أنه بالمقابل فإن آثار القرار ستنعكس سلبا على حجم إيرادات الدولة مما يفاقم العجز في الميزان التجاري ويدفع الحكومة للاستدانة من الجهاز المصرفي لتوفير السلع والخدمات للمواطنين . وأبان أن معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد السوداني لا تتم الا بتوفير الإرادة السياسية وتغيير العقلية التي يدار بها الاقتصاد السوداني مع وضع سياسات اقتصادية توازن بين الإنتاج والاستهلاك في الاقتصاد الكلي. فيما لم يبدي دكتور نصر الدين شلقامي رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك تفاؤلا كبيرا بالخطوة وبحسب قوله "كان مفروض ينزل أكثر"، مبينا ان المستهلك هو الذي يدفع وبالتالي هو الرابح او الخاسر مطالبا بمزيد من خفض الدولار الجمركي حتى ينعم المواطن بسلع وخدمات في متناول الجميع. نائب رئيس غرفة المستوردين د. حسب الرسول محمد احمد قال إن خفض الدولار الجمركي له عدة انعكاسات أهمها خفض قيمة السلع والحد من التهريب وزيادة الإيرادات للخزينة العامة والحد من ارتفاع التضخم، واضاف ان ان خفض سعر دولار الجمارك وتخفيض رسوم الموانئ بنسبة 50% واعفاء المدخلات من فورم Im كل ذلك يعتبر خطوة في الاتجاة الصحيح لدعم وتحفيز القطاع الخاص باعتبارة شريكا في مفاصل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أعتبر دكتور خالد المقبول عضو مجلس إدارة اتحاد اصحاب العمل السوداني الخطوة بالمهمة والتى تصب في اطار التصويب والتصحيح للإقتصاد الوطني . ودعا المقبول لمزيد من التخفيض للدولار الجمركي ليصل 10 جنيهات لتحريك وانعاش الاقتصاد وأوضح ان هناك حزمة مقترحات بين اصحاب العمل والحكومة في إطار التعاون والتنسيق لمواجهة التحديات وحل المشاكل الاقتصادية وتحقيق أهداف ترشيد الواردات وزيادة الصادرات، واشاد المقبول بقرار تخفيض رسوم الموانئ الي 50% خلال الفترة من الاول من فبراير وحتي 25 فبراير 2019 وقال إنه يأتي في اطار تفعيل وتنشيط حركة الموانئ والصناعات الوطنية، وتوقع ان تشهد الفترة المقبلة آثارا ايجابية لهذا القرار الذي جاء بعد اتفاق بين الحكومة والقطاع الخاص خلال اليومين الماضيين فى لقاء رئيس الوزراء القومي د. محمد طاهر إيلا ورئيس اتحاد اصحاب العمل سعود البرير على تخفيض قيمة الدولار الجمركي لتخفيض الاسعار لدعم الاقتصاد وتحريك قطاع الأعمال . الكثير من المطالبات بخفض الدولار الجمركي والتي استبقت اجازة الموازنة للعام الحالي 2019 لم تاتي اكلها ومقترح هيئة الجمارك بمراجعة قيمة الدولار الجمركي وخفضة لم يجد حظة من الاستجابة من الادارة الاقتصادية او السياسية السابقة مما تسبب في تراجع مساهمة الاستيراد في موازنة الدولة الي 46% بعد تقليل الواردات نسبة لارتفاع الدولار، اجماع الخبراء وحتي المواطنين بضرورة زيادة نسبة خفض الدولار كانت هي القاسم المشترك بين الجميع . وفي جوله تمت في الاسواق تلاحظ الارتفاع المضطرد للاسعار بصورة كبيرة بلغت نسبتها 300% وفق تقديرات الخبراء والاقتصاديون وزيادة كبيرة في التضخم بدأت في التراجع اعتبارا من يناير من العام الجاري وهناك تفاؤل وسط العاملين بالجهاز المركزي للاحصاء بانخفاض التضخم في الفترة المقبلة.