تقرير/ أمل عبد الحميد الخرطوم 19-9-2019م (سونا)- حزمة إجراءات اقتصادية، دفعت بها الحكومة الانتقالية بهدف إصلاح الاقتصاد وإدارة الأزمة للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، إلى جانب تحركات دبلوماسية يقودها رئيس الوزراء لعقد اجتماعات مكثفة مع الإدارة الأمريكية، ومجلس الأمن الدولي، لمناقشة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنطلق اليوم، فيما يكثف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جهوده لعقد لقاءات بالأعضاء الدوليين للشئون النقدية والمالية خلال الاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الفترة من 15/20 أكتوبر المقبل لمناقشة إعفاء ديون السودان الخارجية في ظل استيفاء شروط إعفاء الدين الخارجي كافة عقب تكوين الحكومة الجديدة. وبالرغم من الجهود الحثيثة التي ابتدرتها الحكومة؛ إلا أنه يصعب التكهن بسياسات صندوق النقد الدولي في أعقاب التغيير الذي طرأ على البلاد بتولي الحكومة الانتقالية للوصول إلى الانتخابات، حيث طرحت العديد من التساؤلات عن مدى استعداد الصندوق لدعم السودان واقراضه في ظل أوضاعه الاقتصادية المتدهورة وتعثره لسداد متأخراته التي بلغت نحو 58 مليار دولار وفق آخر إحصاء رسمي، شامل للفوائد وبلغت المستحقات لصندوق النقد الدولي ملياري دولار، واصل الصندوق في أعقابها تقديم المساعدات الفنية فيما يخص السياسات؛ ولكنه تحفظ على تقديم تمويل إضافي للسودان بسبب المتأخرات المستحقة. الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي توقع استمرار توقف الدعم والقروض من الصندوق للسودان في المدى القصير وفقا لسياسات صندوق النقد الدولي في السودان خلال الفترة الراهنة لارتباط ذلك برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهي المشكلة التي تواجه الاقتصاد السوداني ولفت إلى أن نجاح الدبلوماسية الرسمية والشعبية والفريق الاقتصادي للحكومة الحالية في تشكيل ضغط على الإدارة الأمريكية برفع اسم السودان من القائمة يعتبر المفتاح لكثير من القضايا الاقتصادية ووفقا لذلك يمكن للسودان أن يطالب بإعفاء الديون جزئيا أو كليا وفقا لمبادرة (الهيبك) إعفاء الدول النامية المثقلة بالديون وأبان استفادة معظم الدول منها عدا السودان لأسباب سياسية تتعلق بوجود النظام السابق وأضاف باستفادة السودان أيضا من القروض والمنح والتسهيلات الميسرة من صندوق النقد والبنك الدوليين في المدى المتوسط والبعيد وأبان أن ذلك يرتبط برفع اسم السودان من القائمة ومعالجته للقضايا الاقتصادية، وتوقع أن يطالب صندوق النقد الدولي بسداد متأخراته وجدولتها حتى يتم استئناف المعاملات. وعن الإيجابيات والسلبيات الخاصة بالدعم والقروض المقدمة من صندوق النقد والبنك الدوليين أكد الناير أن من حق السودان الاستفادة من القروض والدعم المقدم باعتباره عضوا في المؤسستين ولكن للأسباب السياسية ولفرض العقوبات الاقتصادية لفترة عقدين ولبقاء اسم السودان بقائمة الدول الراعية للإرهاب جميعها تعقيدات حالت دون الحصول على الدعم وأشار إلى أن الصندوق ظل يفرض شروطه وأجندته مقابل الدعم ولفت إلى أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أكد أنهم لن يستجيبوا في المرحلة الانتقالية لروشتة وضغوط الصندوق، إنما سيعملوا على إقناع الصندوق بوضع السودان وهو مؤشر جيد ولفت إلى أن المواطن السوداني لايستطيع تحمل سياسات وروشتة الصندوق في الوقت الراهن وأضاف بإمكان السودان الاعتماد على بدائل أخرى عقب رفع اسمه من القائمة وأن ينجح في السيطرة على كميات الذهب المنتجة في البلاد والحد من تهريب معظمها خارج البلاد وتوظيفها لمصلحة الاقتصاد والاستفادة من التحويلات المصرفية عبر القنوات الرسمية بالتنسيق مع المغتربين بالخارج، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية والاستفادة من البحث العلمي لتطوير القطاعات الاقتصادية وأشار إلى أنها إجراءات داخلية وحلول اقتصادية ليس لها شأن بالعالم الخارجي سواء رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. الدكتور سليمان عبدالكريم جدو خبير التخطيط الإستراتيجي قال إن السودان كغيره من دول العالم الثالث يمتلك من الموارد المتوفرة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والطاقة البشرية ولفت إلى أن السودان لم ينجو من تقديم طلبات للحصول على القروض من المؤسسات المالية وذلك مقابل إعطاء الشرعية لهذه المؤسسات المالية بالتدخل في السياسات الاقتصادية في البلاد وعرضها المستمر بالتدخل في سياسات الاقتصادية بزيادة الضرائب وخصخصة مؤسسات الدولة وأبان أن المشكلة لم تكمن في القروض؛ إنما في سياسات الأنظمة السابقة بسبب تفشي الفساد وعدم تفاوضهم لمصلحة الدولة، بالإضافة لقبولهم لشروط مؤسسات التمويل، مقابل الموافقة على القروض وبالكيفية التي يضعها الممول وأشار لاختلاف الأوضاع حاليا في ظل الحكومة الحالية لوجود خبراء عملوا بذات المؤسسات المالية ويمكنهم إدارة الحوار بنفس اللغة، كما يملكون قدرات كبيرة للتفاوض حول أسعار الفائدة وفترة السداد والاستفادة من القروض وصرفها في بنود حقيقية وأضاف: " إن ذلك هو مربط الفرس معظم القروض في السابق كانت تصرف في أوجه غير الأوجه التي تقدمت من أجله الدولة للقرض". وأقر سليمان بأن القروض عامة لها جوانب سلبية إذا لم تتم إدارتها بالطريقة السليمة وأضاف أن المشكلة الأساسية في القروض عادة أن سعر الفائدة على القروض يكون أكثر من قيمة معدل نمو قيمة الإنتاج التي من أجلها تم الاقتراض ولفت إلى أنه السبب الأساسي لتراكم الديون وتؤدي إلى عجز الدولة على سداد متأخراتها وهي المرحلة التي وصل إليها السودان حاليا وأضاف بتأثير ذلك على المبادرات الاقتصادية والسعي لاستعادة الثقة وتوقع أن ينجح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي والكادر المساعد له بإعادة ثقة المؤسسات المالية الدولية للسودان في أعقاب التعافي الاقتصادي بتنفيذ البرامج الإسعافية للبلاد وأشار إلى وصول السودان للاستقرار والاستدامة الاقتصادية و التخلي عن القروض مستقبلا بالاعتماد على الموارد.