تعتبر صناعة الدواجن من أهم مرتكزات الأمن الغذائي في العالم، حيث تشير التوقعات المستقبلية أن تحتل لحوم الدواجن المرتبة الأولى في العقود القليلة القادمة في جانب الغذاء، وتبرز أهمية صناعة الدواجن بوصفها أسرع الأنشطة الاقتصادية نمواً وعائداً وأكثرها وفرة .
وقال البروفيسور عبد القادر عبد الرحمن الأمين في ورقة ( أهمية الدجاج اللاحم) قدمها في مؤتمر صناعة الدواجن في السودان تحت شعار (معاً لتوطين صناعة الدواجن) نظمته مؤسسة سودان فاونديشن بمقرها مؤخراً، إن التناقص في الإنتاج العالمي من اللحوم الحمراء بالقياس مع التزايد في تعداد السكان أوجد حتمية التفكير في إيجاد مصادر بديلة للحوم الحمراء وعلى رأس هذه البدائل لحوم الدواجن، مشيراً إلى أن ولاية الخرطوم تحتل المرتبة الأولى في إنتاج الدواجن.
وقال إن السودان اهتم بتطور صناعة الدواجن نسبة لزيادة استهلاك اللحوم البيضاء والذي يأتي كبديل للحوم الحمراء والتي أصبحت أسعارها مرتفعة، داعيا إلى التوسع في صناعة الدواجن وزيادة الإنتاج ،ليس للاستهلاك المحلي فقط ولكن للصادر لجلب العملات الصعبة للبلاد، مؤكدا أن مدخلات أعلاف الدواجن كالذرة ( الفتريتة) والأمباز متوفرة ولا يستورد السودان أعلافا إلا بنسبة 5% فقط وهي مركزات غذائية.
وقال عبد القادر إن من المميزات الاستثمارية وأهمية إنتاج الدواجن كمصدر اقتصادي قصر دورة الإنتاج و سرعة دورة رأس المال بجانب صغر المساحة المطلوبة لإقامة مشاريع الدواجن مع المرونة والتنوع في الإنتاج (بيض - لحوم دواجن - كتاكيت - أعلاف - بيض تفقيس - لقاحات - مركزات - إضافات - معدات – أجهزة) منتجات الدواجن ذات قيمة غذائية عالية .
وأشار إلى أن منظمة الزراعة والأغذية العالمية قدرت احتياجات الفرد في العام من لحوم الدواجن بحوالي 9 كيلوجرامات ، وأن متوسط نصيب الفرد السوداني في العام 3 كيلو فقط ولذلك يجب التوسع في مجال صناعة الدواجن خاصة أن 95% من مكونات أعلاف الدواجن تنتج محليا وأشار إلى أن كل الدول العربية وجزء كبير من الدول الإفريقية تستورد كل مدخلات أعلاف الدواجن.
واستعرض عبد القادر دور صناعة الدواجن في الاقتصاد القومي والتي منها توفير العملات الصعبة في حال تصديره، وإنشاء وتشغيل صناعات محلية جديدة مثل صناعة الأعلاف والمعدات والأجهزة والأدوات، تشغيل الأيدي العاملة من الفنيين والتقنيين والأطباء البيطريين والإنتاج الحيواني، رفع مستوى المعيشة وزيادة الدخل القومي.
وأشار إلى أن التقدم الكبير في صناعة الدواجن في العالم يعود إلى التطور في علم الوراثة بتهجين وتحسين عروق الدواجن لإنتاج كتاكيت والتي تتميز بقدرات إنتاجية عالية وسرعة في النمو بجانب تصنيع الأعلاف بالمواصفات القياسية وتطور حظائر الدواجن واستخدام المعدات الأوتوماتيكية في ضبط الحرارة والرطوبة والتحكم في الأمراض وتوزيع العلف والماء والتخلص من الفضلات.
وأوضح أن السودان يستورد أعدادا مقدرة من بيض تفقيس الدجاج اللاحم وكتاكيت أمهات اللاحم لتغطية حاجة مشاريع الدواجن وذلك لأن الإنتاج المحلي لا يلبي الحاجة الفعلية، مؤكداً أهمية تطور تربية أمهات الدجاج اللاحم لتحقيق الاكتفاء الذاتي من بيض التفريخ لرفع نمو وتطور تربية الدجاج اللاحم و تقليل أسعاره.
وأوصى المؤتمر بضرورة الخروج برؤية مستقبلية كاملة حول تطوير قطاع الدواجن بالسودان، وإيجاد قاعدة تحاورية فاعلة بين الدولة والقطاع الخاص للدواجن والتوسع الأفقي والتركيز على رفع العائد من القيمة المضافة بالتعمق في التصنيع مما يوفر فرص عمل أكبر في القطاع .
وأكدت التوصيات على تبني إنشاء معمل مرجعي لتحليل المركزات والمضافات العلفية بالتعاون مع غرفة الدواجن ورعاية سودان فاونديشن، وضرورة تنظيم مهنة الدواجن واستكمال إجراءات استصدار قانون إنشاء اتحاد مربي الدواجن.
ونادت التوصيات بعدم فرض أي رسوم إضافية على صناعة الدواجن، و تذليل عقبات استيراد مدخلات الإنتاج والإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية والضريبية. وتشجيع مشاريع صغار المنتجين كتنمية ريفية والنهوض بالقطاع التقليدي، ونادت التوصيات بتركيز دور الدولة لتنمية القطاع وإعادة بناء السوق وإجراء الدراسات التسويقية الخاصة بالنوعية وجودة المنتج وابتكار منتجات جديدة.
وقدمت في المؤتمر أربع أوراق عمل : الأولى أهمية الدجاج اللاحم ، والثانية واقع صناعة الدواجن في السودان ودور تطبيق أسس الجودة، الثالثة اللقاحات المنتجة محليا وأثرها في تحسن الإنتاجية، والورقة الرابعة توطين صناعة المركزات والمضافات العلفية للدواجن بالسودان .
وكان قد خاطب الجلسة الافتتاحية الدكتور محمد عباس محمد أحمد رئيس غرفة الدواجن حيث أشار إلى أن قطاع الدواجن يعتبر من أكثر القطاعات تجددا وتقدما ونموا وحداثة، داعيا الحكومة بالاهتمام بهذا القطاع الذي يوفر الأمن الغذائي مؤكداً على أهمية تكامل الأدوار مع الجهات المختصة وشدد على ضرورة وجود حل شامل لمشاكل القطاع. وعزا ارتفاع أسعار الدواجن إلى وجود إشكالات عامة في السياسيات بالبلاد بجانب ارتفاع مدخلات الإنتاج التي قال إن 95% منها محلية .
كما خاطبت الجلسة الافتتاحية دكتورة آمال حامد الماحي ممثل وكيل وزارة الثروة الحيوانية التي أشادت بسودان فاونديشن في تعاونها مع الوزارة في تنمية وتطوير قطاع الدواجن وتوطين وزراعة الأعلاف، مؤكدة الحرص على تنفيذ توصيات المؤتمر، كما خاطبها الدكتور خالد أحمد محمد صالح نائب المدير التنفيذي لمؤسسة فاونديشن والذي أعرب عن أمانيه في أن يخرج المؤتمر بما يفيد تطوير وتوطين صناعة الدواجن، واستفادة كل قطاعات المجتمع من هذا القطاع المهم خاصة في مجال تشغيل الشباب وتحقيق الأمن الغذائي.